الفصل السابع: الحُب المُحرم.

98 16 0
                                    


تجلِس رنيم في غُرفتها بجانب النافِذة، هي تجلس هُناك مُنذ أيام في الصباح.

أصبحت ترى ذلك الشاب الذي قابلته في المُواصلات يوميًا وهو ينزل من منزله ذاهبًا لعمله، فهي علمت أنه دكتُور أسنان، وتخرج مُنذ ثلاث سنوات.

أثناء جلوسها -جانب النافذة- نزل ذلك الشاب، وَزع الابتسامات والسلام على جميع الجالسين والسائرين بالشارع.

تنهدت رنيم ثم استقامت من مضجعها تُحاول عدم التفكير به، لمَاذا التصق هذا الشاب بتفكيرها هكذا!

قَطع ذَلك التفكير صَوت رنة هاتفها، أمسكته وابتسمت فور ما رأت أنها بيان.

فتحت رنيم الهاتف وبسرعة سبقتها قائلة:
«السلام عليكم ورحمة الله وبركاته »

«وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، كيف حالك؟»

تنهدت رنيم ثم جلست على سريرها وقالت:
«مشاعري مضطربة»

شعرت رنيم باستغراب بيان الجالسة خلف الهاتف، مما جعلها تتأكد عندما نبست بيان:
«ما بالك؟ ماذا هناك؟»

قَصت عليها رنيم ما حدث أثناء المواصلات، وكيف أن ذلك الشاب كان جارها الجديد، وكيف أنه لا يكف عن القدوم إلى عقلها، وكذلك أنها تراقبه يوميًا في الصباح!

قهقهت بيان وأردفت:
«إلهي، أهذا إعجاب؟ أصغيرتنا رنيم مُعجبة بأحدهم؟»

انكمش وجه رنيم التي صاحت:
«بالطبع لا!! بيان بحقك، أشعر بالذنب..أشعر أنني أفعل شيئًا خاطئًا، أهذا حرام؟»

سمعت رنيم همهمة بيان عبر الهاتف، وبعد ثوانٍ سمعتها تقول:
«ما الشيء الحرام؟ إعجابك به أم مراقبتكِ له؟»

كادت أن تُجيب رنيم لكن سبقتها بيان التي تابعت:
«أول شيء يا رنيم سواء الإعجاب أو الحب، فهو ليس حرامًا، الحب شعور سامٍ، يدخل الفُؤاد دون استئذان ويقذفه الله بالقلوب، العاطفة والمشاعر، هذه من نعم الله علينا، هل تتخيلين كيف ستكون حياتك بدون هذه المشاعر؟»

أطبقت رنيم حاجبيها مُردفة:
«كيف ذلك؟ الجميع يقول إنه حرام»

ابتسمت بيان ثم أكملت ردًا على رنيم:
«الحرام هو الأشياء التي يقوم بها الأشخاص بِدافع الحُب، مثل: الارتباط الغير شرعي، والمُقابلات، وإلخ..لِكن إن أحببتِ شخصًا ما، وجعلتي الأمر لنفسكِ فقط، دُون اعتراف دون إظهار مشاعركِ، فلمَ سيكون هذا حرامًا؟ وكذلك عليكِ غض بصركِ، لا يجوز أن تراقبيه يوميًا من نافذة غرفتك»

«غض البصر؟؟ أليس غض البصر على الرجال؟؟»

«غض البصر للجنسين، ألم تسمعي قول الله -عز وجل- {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ۝ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ

همهمت رنيم بتفهم ثم سألت:
« حسنًا..والآن..هل يجوز أن أدعُو كي أتزوجه؟»

قالت رنيم جُملتها الأخير ببطء وخجل مما دفع بيان بالضحك عاليًا ثم أردفت:
«لمَ هذا الاستعجال؟ قابلتيه في المواصلات وتشاهدينه يوميًا وهو ذاهب للعمل، وكذلك رأيتُ أنه أجل يجوز أن تدعي الله أن تتزوجي فُلان إن كان خيرًا لكِ، لكن الأفضل يا رنيم أن تتمني أن يرزقكِ الله زوجًا صالحًا، أي أنتِ رأيتِ هذا الشاب فقط بطريقة سطحية، من يعلم! قد يكون زوجكِ الصالح المُستقبلي أفضل منه»

أنهت بيان حديثها ثم نادتها والدتها لِذا أردفت:
«سأذهب لأرى أمي، فكري بكلامي جيدًا»

أغلقت بيان الخط ثم ارتمت رنيم على السرير تُفكر بحديث بيان، ومن كثرة التفكير نامت رنيم بعمق مُتناسية جميع أفكارها.

__________________

إنها الآن الثامنة مساءً استيقظت رنيم وعندما خرجت من غُرفتها لم تجد أحدًا من أفراد عائلتها، فتحت هاتفها ووجدت أن والدتها أرسلت لها رسالة تقول فيها بأنهم ذهبوا إلى جدتها كونها مرضت فجأة، ولم ترد إيقاظها.

جلست رنيم في المنزل وقامت بعمل عشاء خفيف لها، وبعد الانتهاء لاحظت أن كيس القُمامة امتلأ لآخره.

مما جعلها تأخذه خارج المنزل كي ترميه في أقرب سلة قُمامة أمامها، كان الكيس كبير ورنيم تشده على الأرض.

بعد لحظات أفلتت يدها تضغط عليها كي تُريحها قليلًا، وحين كادت أن تُمسك الكيس مرة أخرى، ظهر شاب المُواصلات بالشارع مُتجهًا إلى منزله.

لاحظها الشاب وكيف أنها تلوي يديها وتضغط عليها كي تُريحهم من ثقل الكيس، مما جعله يتقدم ببطء، وحينما اقترب قال بهدوء:
«تحتاجين مساعدة؟»

فزعت رنيم وابتعدت تزامنًا مع التفاتها للخلف، وعندما رأته أمامها انحشرت في حنجرتها الكلمات ولم تقوَ على أن تُخرج ولو كلمة واحدة.

تقدم الشاب رنيم ثم أقترب من الكيس وأخذه  وبعدها أردف بنفس الهدوء:
«بإمكانك العودة، سآخذه أنا لسلة القمامة»

لم يجد إجابة من الفتاة مما جعله ينظر للخلف حيثُ كانت لكنه وسع عينيه عندما لم يجدها مكانها، هل طارت للمنزل؟ ما بالها؟ هز الشاب رأسه ثُم ذهب ليرمي كيس القمامة.

أما بالنسبة لرنيم فهي ركضت للمنزل فور ما تقدم الشاب للكيس، أغلقت الباب خلفها عندما عادت وأصبحت تتنفس بقوة.

بعد دقائق عندما استوعبت ما فعلته أخذت تضرب جبينها بغباء على ما فعلته، هي لم تشكره حتى!! ما بال غبائها هذا لا يخرج إلا بالمواقف المهمة

همسات الهدىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن