ᅠ
«هذا لا..وهذا لا..وهذا لا!»
أردفت رنيم وهي تُفتش عن شيء في ملابسها.هي على هذه الحال مُنذ ساعة مما جَعل غُرفتها في حالة فوضى عارمة!
وأخيرًا وبعد طول انتظار، وجدت رنيم ما تبحث عنه، أمسكت بيدها حجاب طَويل وعريض.
استقامت ووقفت أمام المرآة ثم لفته كخمار، ابتسمت باتساع ثم بقيَّت لساعات تُعدِله حتى دخلت عليها والدتها تخبرها بأن الغداء جاهز.
ابتسمت والدتها واقتربت منها عندما رأتها تُجرب لفة الخِمار، ربتت على ظهرها وأردفت بنبرة لينة:
«هداكِ وثبتكِ الله يا حبيبتي، أنتِ جميلة جدًا فيه»ابتسمت رنيم باتساع ثم التفتت وعانقت والدتها عناقًا مليئًا بالحب والدِفء.
تركتها والدتها وخرجت ثم عادت رنيم للنظر لنفسها بالمرآة.
مُنذ قُربها من بيان ومُنذ أن صلت بانتظام، وفكرة الزي الشرعي أصبحت تتدفق إلى رأسها كُل يوم أكثر، تكبر أكثر فأكثر كُل يوم..حتى جاء يوم المواصلات وحديث الشاب مع الفتاتين، رأت رنيم وكأن هذا الموقف علامة..لمَ لا تصبح فتاة بزي شرعي؟ فتاة ساترة كما أمر الله تعالى؟
زاد الأمر بعقلها حتى بحثت عن مواصفات الحجاب الشرعي، ألا وهي: أن يكون ساترًا لما وراءه، فلا يكون شفافًا يُرى من ورائه لون بشرتها.
أن لا يكون ضيقًا يُبين حجم أعضائها.
أن لا تتشبه بالرجال في لباسها.
أن لا يكون فيه زينة تلفت الأنظار عند خروجها من المنزل لئلا تكون من المتبرجات بالزينة.وها هي الآن وجدت الخيط، ستتمسك به جيدًا ولن تُفلته.
جلست رنيم على السرير ثم أخذت الهاتف سريعًا واتصلت على بيان.
أتاها صوت بيان الناعس:
«السلام عليكم ورحمة الله وبركاته»«وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته! بيان! حزري لمَا اتصلت بكِ الآن!!»
اعتدلت بيان بجلستها على السرير ثم تنهدت قائلة:
«ماذا ماذا أخبريني، هل أُعجبتِ بشخص آخر؟»استنكرت رنيم جملتها ثم نفت وعادت لحماسها مُردفة:
«بل لأنني قررت ارتداء الزي الشرعي»اتسعت أعيُن بيان بفرح ثم صاحت قائلة:
«هل تمزحين؟؟ يا إلهي هذا رائع!!!»ظلت كُلًا من بيان ورنيم يتحدثان مع بعضهما تحت القهقهات والضِحكات، ظلتا هكذا إلى أن غفت رنيم فأنهت بيان المكالمة والابتسامة تشق وجهها.
____________
في صبَاح اليوم التالي استيقظت رنيم على صوت أخيها الصغير الذي يصيح بالأرجاء.
نزلت للأسفل لتعلم ما يحدث ووجدت أن أخاها مريض يتألم من شيءٍ ما هي لا تعلمه.
عندما رأتها والدتها أسرعت لها وأمسكت يدها قائلة:
«رنيم، محمد - أخ رنيم- ضرسه التهب، اذهبي لطبيب أسنانه كي يخلعه له»تنهدت رنيم وأردفت:
«أين هو طبيب أسنانه؟»ارتدت رنيم خمارها وزيها الشرعي ثم أخذت المال من والدتها وذهبت مع محمد إلى طبيب الأسنان الذي يُتابع معه، فكما علمت، أخاها بحاجة لعمل تقويم، لكن بعد أشهر كونه ما زال بالعاشرة ولثته حساسة، لذا؛ هو يتابع مع طبيب مُعين.
دخلت رنيم لغرفة الانتظار الخاصة بطبيب الأسنان مع محمد ثم جلست تنتظر إلى أن يخرج مساعد الطبيب كي يسمح بدخولهم.
وعندما دخلت رنيم استقبلهم الطبيب بابتسامة ارتسمت على وجهه، لكن بالنسبة رنيم، فهو انكمش عندما عرفت من هو هذا الطبيب.
«دكتور عُمر، كيف حالك؟»
أردفت محمد بكل براءة وهو ينظر للطبيب الذي ينظر له بدوره.«الحمد لله يا محمد، كيف حالك أنت؟ ضرسك ملتهب؟ هاتفتني والدتك وقالت لي ذلك»
أومأ له محمد متألمًا ثم استلقى على سرير المرضى وباشر الطبيب عُمر عمله، طُوَال ذلك الوقت كانت رنيم تنظر للأسفل تارة أو تلعب بهاتفها تارةً أخرى، هذا الشاب، يُشعرها بالإحراج الشديد.
انتهى الطبيب بعد نصف ساعة، ووضع قِطعة قطن في فم مُحمد، ثُم جلس على كرسي مكتبه وقال:
«عليك أكل اليوم أشياء دافئة، لا باردة ولا ساخنة، وكذلك أشياء سهلة لا تحتاج المضغ، بالعافية صغيري»بعد أن قال عُمر آخر جملة أخرج حلويات سهلة الأكل لمحمد مع ابتسامة تعلو محياه، رفع عُمر نظر لرنيم التي كانت تنظر للأرض وكأنها أوقعت شيئًا ما ثم أردفت:
«انتهينا يا آنسة، بإمكانكم الذهاب»مرةً أخرى خرجت رنيم دُون ولا حرف، سحبت محمد ثم سارت خارجًا دون أي كلام.
___________
يوم الأربعاء، بعد مرور أربعة أيام، الساعة السابعة مساءً، دخلت والدة رنيم عليها الغرفة ثم قالت بابتسامة:
«لدينا ضيوف مهمون غدًا»أجابت رنيم بلامبالاة:
«مَن؟»«الطبيب عُمر وعائلته»
رمشت رنيم عِدة مرات ثم شهقت بفزع:
«مَن؟؟؟»
أنت تقرأ
همسات الهدى
القصة القصيرةفتاة بعامها التَاسِع عشر، تأخذها مجريات حياتها إلى جامعة بعيدة عن مدينتها؛ مما أجبرها ذلك على البقاء بسكن الطالبَات..يا تُرى ما الذي يتنظرها هناك؟