اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك انك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم. اللهم لك الحمد كله وإليك يرجع الأمر كله، فاغفر لنا ذنبنا كله وأصلح لنا شأننا كله.
اسكريبت نقطة رجوع
بقلمى .. ميمى عوالى
كانت راجية تجلس على الدراجة البخارية خلف ربيع و هى لا تتشبث بملابسه كالعادة ، فكانت تحاول ان تجلس متماسكة مفرودة الظهر .. أبية و هى تحتضن صغيرتها امنية و التى لم يتجاوز عمرها العام الواحد ، و كانت راجية تتظاهر بالتماسك و القوة رغم مرارة العلقم التى تغزو كيانها بالكامل ، فهذه المرة الاولى التى تجلس فيها بهذا القرب من ربيع دون احتضانه و لكنها قد تكون ايضا المرة الاخيرة لها فى الجلوس خلف ربيع على الدراجة البخارية ، فهما ذاهبان معا الى القاضى الشرعى ليقوم بتطليقهما 😒
و كان ربيع متجهم الوجه ، عابس الملامح و الافكار و هو يتذكر حياتهما الزوجية و التى لم يمر عليها اكثر من عامين فقط رغم قصة الحب التى تحاكى بهم حيهم الشعبى حد النخاع
فلاش باك
كان ربيع و راجية يقطنان معا منذ الصغر فى عقار واحد ، و بوحدتين متقابلتين ، فكبرا معا و لعبا معا و استذكرا دروسهما ايضا معا ، و لما لا و عمرهما واحد ، فهما يشتركان ايضا فى عام مولدهما ، بل و شهر مولدهما ايضا ، ليمضيا عمرهما باكمله و هما يحتفلان بعيد مولدهما معا بحفل واحد و قالب حلوى واحد
بل انهما كانا ايضا فى بعض الاحيان يتبادلان الهدايا المقدمة لهما من اصدقائهما
لتنشأ بينهما قصة حب غير معلنة منهما و لكنها كانت مرئية للجميع ، حتى تخرجا معا من الجامعة لتبدأ علاقتهما تسير فى منعطف اخر
فقد اعلن ربيع عن رغبته فى الارتباط الرسمى براجية و بدأ فى تجهيز عش الزوجية و الذى لم يكن اكثر من غرفة ملحقة بسكن امه التى لم تكن تملك من الدنيا غيره بعد وفاة شريك عمرها ، و زواج شقيقته الكبرى
و لم تمانع راجية او اى من افراد اسرتها ، فهى جيرة العمر و عشرة العمر ايضا
ليتم الزواج وسط سعادة طاغية من قلبين يحلمان بعيشة هنية لا تعرف تعكيرا لصفوها
لتمر الايام و الشهور و هما ينهلان من عسلها حتى رزقهم الله بصغيرتهما الوحيدة أمنية ، و وسط سعادتهم بمولدتهما لم ينتبها لوجه الحياة الاخر الذى قد لاح لهم فى الافق
فقد بدأت الضغوط و الاحتياجات المالية تزيد وطأتها بين متطلبات المولودة و احتياجات المنزل و ادوية ام ربيع ، ليضج من كثرة الضغوط التى اصبحت ناقوسا للخطر يدق بين الزوجين يوما بعد يوم ، حتى كانت تلك الليلة .. عندما عاد ربيع من العمل و هو منهك القوى خالى الوفاض كمعظم ايامه ، و ما ان دخل و اغلق الباب من خلفه ليقول بصوت مسموع : السلام عليكم .. انتى فين يا راجية
راجية و هى تأتى من الداخل و تقول بصوت منخفض : و عليكم السلام .. حمدالله على السلامة ، وطى صوتك احسن امنية جننتنى على ما عرفت انيمها
ربيع و هو يتلفت حوله : اومال امى فين
راجية : قالت هتروح تبص على اختك و يمكن تبات معاها النهاردة
ربيع و هو يومئ برأسه : ماشى ، بس كلمتيها اتطمنتى انها وصلت
راجية : لا و الله لسه ، مالحقتش افضى ، بنتك لسه نايمة ماكملتش تص ساعة و جريت جرى عشان احضرلك لقمة تاكلها
ربيع و هو يخرج الهاتف من جيبه : ماشى .. انا هكلمها
راجية و هى تعود لما كانت تفعله : بس بالراحة عشان ماتصحيش البنت ، هو انت ماجيبتليش معاك البامبرز اللى طلبته منك
ربيع : ماجاليش فلوس
راجية بحيرة : طب و بعدين ، البامبرز خلاص مافاضلش عندى غير واحدايتين او تلاتة ، هعمل ايه انا كده .. حاول تتصرف يا ربيع
ربيع بامتعاض : خلاص يا راجية .. هشوف
و ما ان استدارت راجية حتى سمعت ربيع يتحدث قى الهاتف و هو يقول بصوت مرتفع : ايوة يا امة وصلتى بالسلامة و اللا لسه
و قبل ان تستطيع تنبيهه لارتفاع صوته سمعت بكاء صغيرتها يعلو هو الاخر لتصيح هى الاخرى بتأفف و قد فاض بها الكيل قائلة بعلو صوتها .. حااااضر حاااضر و الله حرام كده .. كده حراااام
لتتجه الى صغيرتها لتحاول اسكات بكائها و هى تحاول كبت غيظها ببعض كلمات ظلت ترددها و هى تظن ان لا احد يسمعها غيرها فكانت تقول .. مافيش فايدة انبه و اللا ما انبهش ، لسه بقول له بالراحة و البنت لسه نايمة و عاوزة الحق اتنيل اعمل اللقمة ، لكن طبعا هو ولا هو هنا ، و هو هيفرق معاه ايه ، ما انا الجارية اللى اشتراها ليه و لبنته و لامه كمان طول النهار و الليل طلبات طلبات طلبات لما وسطى اتقطم و مابقيتش ملاحقة ، و لما اطلب حاجة ما الاقيهاش ، و ياريت كمان بتبقى الحاجة ليا ، الا حتى البامبرز ماجابهوش و الله اعلم هيجيبه و اللا لأ
ادى العيشة اللى كنت بحلم بيها ، مابقيتش اتهنى حتى على بق الماية و لا نومة عدلة و لا حتى حوماية عدلة ، كان مالى انا بس يا ربى و مال الجواز و قرف الجواز ، خدت ايه انا منه غير الهم و الشقى ، من يوم ما اتنيلت و اتجوزت و انا كل حاجة كان نفسى فيها ماتت معايا ، لا هدمة عدلة و لا لقمة عدلة و لا حتى بقيت اشوف الشارع غير و انا بتكفى و بجيب الطلبات و انا بجرى جرى زى اللى هربانة من البوليس عشان الحق اعمل كل حاجة قبل ماييجى ، و هو .. هو و لا فارقة معاه اصلا و لا فارق معاه راحتى .. انا زهقت و قرفت من كل حاجة ، ياريتنى ما اتجوزت و اللا اتنيلت
لتنتبه من بين هرطقتها على صوت ربيع و هو يقول بحدة : كل البرطمة و الهيصة اللى انتى عاملاها دى عشان ايه انا مش فاهم ، ايه اللى حصل يعنى لكل ده
لتنتفض راجية من صوته و تقول بامتعاض و هى لا زالت تحاول ارضاء صغيرتها لتسكتها عن البكاء : اشحال ان ماكنتش منبهة عليك ماتعليش صوتك و قلتلك بشويش عشان ماتصحيهاش ، ده انا قلتلك انى ماصدقت عرفت انيمها عشان اعرف اعمل اللقمة ، و انت و لا اكنى قلتلك حاجة ، فتحت الميكروفون و هاتك يا رغى لما صحيتها من اول كلمة ، حرام عليك انا تعبت .. هو انت ليه مابتراعينيش زى ما براعيك ، لو كانت ماما هنا كنت وديتهالها على ما خلصت اللى ورايا ، لكن انت عارف انها فى البلد و مش هنا
ربيع بذهول : هو انتى ايه اللى جرالك ، ايه يعنى اما البت صحيت ، ماهى كده كده هتصحى ، هى يعنى كانت هتفضل نايمة على طول
راجية و هى تضع الصغيرة بين يديه ببعض القوة : طب طالما انت بقى بالعقل و الحكمة دى كلها ، و كمان انت اللى صحيتها اتفضل خليها معاك على ما اخلص الاكل
ربيع و هو يرد الصغيرة الى امها : انتى شايفة منظرى عامل ازاى ، لا لسه غيرت و لا حتى غسلت ايدى و وشى ، ثم انا لسه داخل من الباب .. مش هشيل انا عيال
راجية و هى ترفض الصغيرة : انت اللى صحيتها يا ربيع حرام عليك اتحمل بقى نتيجة عملتك
ربيع بغضب : هو انا يعنى كنت قاصد اصحيها ، ماتلمى الدور بقى يا راجية اللااا ، هو ماحدش بيعمل اللى انتى بتعمليه ، ما كل الستات بتعمل اد اللى بتعمليه ميت مرة و عايشين و مابنسمعش صوت حد ، انتى اللى كل يوم و التانى عملالك فيلم لوحدك و محسسانى انك بتهدى الهرم و بتبنيه كل يوم مش فاهم على ايه يعنى ، عيشتك بقت تقصر العمر ، كل يوم نكد و قرف و دايما تشتكى و مابتبطليش طلبات و مهما عملت معاكى مافيش شكر و مابقاش يملى عينك غير التراب
لتصرخ الصغيرة بين صراخهم لتضم راجية الصغيرة الى صدرها و هى تنظر لربيع بصدمة و دموعها تترقرق بمحجريها ، لينفخ ربيع بشدة ثم يزيد قائلا : ايوة ادى بقى اللى انتى قالحة فيه .. تقعدى تنرفزى فى الواحد و بعدين اما افوقك تقعدى تعيطى ، قال و قى الاخر زعلانة انك اتجوزتى ، ده انا اللى بضرب نفسى مية جزمة انى عملت فى روحى العملة السودة دى
ليسود الصمت لبرهة قبل ان يلاحظان رائحة دخا.ن كثيف لشئ ما يحتر.ق ، لتضع راجية الصغيرة ارضا و هى تسرع الى المو.قد و تزيح من فوقه اناء الطبخ الذى تركته فوق النا.ر حتى احتر.ق تماما
لتحتر.ق يدها بشده و هى تزيح الاناء لتتركه من يدها بسرعة ليقع ارضا محدثا دو.يا عاليا بينما تسرع راجية الى صنبور المياة و تضع يدها تحته و هى تبكى بشدة
ليدخل عليها ربيع فى تلك اللحظة و هو لا يعلم ماحدث ، و لكنه يقول متهكما على صوت بكائها : انتى فعلا ماكانلكيش جواز ، لا انتى اد الجواز و لا اد مسئوليته .. كان المفروض تفضلى فى بيت اهلك على ما تتعلمى على الاقل يعنى ايه بيت و مسئولية ، و انك مش كل ما يحصل حاجة تقعدى تنوحى لحد ما بقيتى عاملة زى الغراب .. بومة و عيشتك بقت كلها زهق و نكد
لتغلق راجية الصنبور و تلتفت اليه قائلة من بين بكائها : احنا فيها .. طلقتى
لينظر لها ربيع بصدمة دون رد ، لتزيد قائلة : طلقنى عشان تبطل تضر.ب نفسك بالجزمة ، و عشان اهلى يعلمونى يعنى ايه بيت و مسئولية ، و بالمرة ترتاح من البومة و الغراب اللى بينوحوا فى وشك طول الوقت ، و ياريت النهاردة .. و دلوقتى ، انا هدخل اغير هدومى و ننزل نروح للمأذون مع بعض ، عشان نخلص كل حاجة ، و اديك لسه بهدومك مش هعطلك و لا هاخد من وقتك كتير
لتمر من جواره و تذهب نحو الصغيرة التى لا زالت تبكى على الارض ، و تحملها و تذهب الى غرفتها و تغلق الباب خلفها
اما ربيع فكان لا زال يقف مكانه تحت تأثير الصدمة و هو ينظر الى الباب المغلق و يحدث نفسه متسائلا عن السبب و هو يحاول ان يتذكر بداية الاحداث و لكنه لا يستطيع ان يتذكر اكثر من احتجاجها و احتجاجه ، لا يتذكر من أحاديثهما سوى ندمهما المشترك على زواجهما ، و لكن هل هذا الندم المشترك .. يستحق الطلاق ، الا يوجد حل اخر
هل هذه هى النهاية بالفعل ، هل تهدم تلك الثو.رة العابرة كل سنوات عمرهما المشتركة ، هل تهدم حبهما 😒
و قبل ان يسترسل فى افكاره انتبه على صوت باب الغرفة و هو ينفتح و تطل من وراءه راجية بعد ان ارتدت ثيابا تصلح للخروج ، و وجدها ايضا قد غيرت ملابس الصغيرة ، وذهبت لتقف امام باب الخروج و هى تقول دون النظر اليه : انا جاهزة .. ياللا بينا
ربيع باعتراض : ياللا فين يا مجنونة انتى ، طلاق ايه ده اللى انتى بتتكلمى عنه .. اعقلى يا راجية و عدى يومك ده على خير
راجية بجمود : انا عاقلة ، و لو سمحت ياللا خلينا نخلص من المهزلة دى بقى
ربيع باستنكار : جوازنا مهزلة
راجية : اكيد مهزلة .. طالما شايف انى زوجة فاشلة و مش اد المسئولية و …
ربيع : انا ماقلتش انك فاشلة
راجية بجمود : قلت لى انتى فعلا ماكانلكيش جواز ، و قلتلى لا انتى اد الجواز و لا اد مسئوليته .. و ان كان المفروض تفضلى فى بيت اهلك على ما تتعلمى على الاقل يعنى ايه بيت و مسئولية ، يعنى انت شايف انى مش مسئولة يا ربيع و شايف كمان انى غراب و بومة ، يبقى قعادنا مع بعض مالوش لازمة ، و مالناش عيشة سوا من تانى ، اتفضل ياللا .. انا خلاص عاوزة اتطلق
ربيع : يابنتى استهدى بالله و بلاش تبقى فعلا عاملة زى الغراب اللى بيحرب على خراب عشه
راجية و هى تفتح الباب و تتجه الى الخارج : انا هسبقك على تحت
ربيع و هو يلحق بها : تبقى اتمنتيها و نولتيها .. اتفضلى ياللا .. خلى الواحد يستريح من القرف ده
عودة من الفلاش باك
كان ربيع ينتظر ان تتشبث به راجية كعادتها قبل ان ينطلق بالدراجة البخارية و لكنه طال انتظاره فقال : ماتمسكى فيا ياللا عشان اطلع
راجية : ماتطلع .. مش لازم امسك فيك
ربيع بسخرية : من امتى ، ما انتى على طول بتخافى لا تقعى
راجية ببعض المرارة : عمرى ما خفت
ربيع : احنا هنكدب بقى ، ده انتى بتكلبشى فيا من الرعب
راجية : ده لانى كنت ببقى عاوزة ابقى قريبة منك بس انت اللى ماكنتش بتفهم
ليلتفت إليها ربيع و هو ينظر اليها بجانب عينيه لتشيح وجهها بعيدا متصنعة القوة ، ليعود بنظره الى الامام و يدير الدراجة و يسير بها الهوينا و هو يعتقد انها ستتمسك به كعادتها و لكنه وجدها تجلس بثقة و هى تحتضن الصغيرة ليخرج من الحى الى زحام الطريق و راجية شاردة الذهن و هى تسأل نفسها ان كانت اقدمت على خطوة تصون كرامتها ، ام ان تلك الخطوة قوضت عالما باكمله ظلت ترسم معالمه طوال سنوات حياتها الماضية
لتشعر بنفسها و هى تصم الصغيرة الى صدرها و هى تنظر الى ظهر ربيع الذى احسته محنيا على غير العادة ، لتشعر بالأسى حيالهما معا لتخونها دموعها مرة اخرى لتسيل من جديد على وجنتيها ، و لكنها اسرعت بمحوهم قبل ان ينتبه اليها ذلك الرجل الذى سيصبح بعد دقائق قليلة غريبا عن عالمها باكمله ، ليخفق قلبها بشدة و هى تحدق بمؤخرة رأسه و تتسائل هل ستستطيع الاغتراب عنه ، فهو وطنها ، و ان هجرته ستغترب عن وطنها ، و لكن .. هل يوجد وطن دون كرامة
و من وسط تيهها تشعر برجة عالية جعلتها كادت تتهاوى من مقعدها خلف ربيع لتنتزعها من افكارها لتنتبه على ربيع و هو يحاول السيطرة على الدراجة بعد ان كادت تنزلق على الطريق لتسمع سبابا عاليا من قائد احدى المركبات الذى خدشه ربيع بدراجته اثناء انزلاقه ، لينظر لها ربيع على الفور و هو يطمئن عليها و على الصغيرة بنظرة سريعة و لكنها شاملة ، و ما كاد ان يأخذ انفاسه ارتياحا .. الا و بدأت مشادة لفظية بين ربيع و قائد المركبة التى خدشها وصلت حد التشابك بالايدى ليتفاجئ ربيع براجية و هى تقحم نفسها بينه و بين الرجل الاخر و هى تصيح قائلة : بس بس .. حصل ايه يعنى لكل ده حرام عليكم ، ابعد ايدك عنه يا غم انت هو ادك
ربيع : وسعى انتى بعيد مالكيش دعوة
لتتجاهله راجية و هى تنظر للرجل الاخر قائلة : هو يعنى حضرتك مش شايف ان انا و البنت كنا وراه و كنا هنروح فى شربة ماية ، و هو كان بيفادى وقوعنا بسبب الحفرة اللى فى الارض ، كان هيعمل ايه يعنى ، ماهو غصب عنه ، و بعدين ياسيدى الخدش ده بيتعالج بمافيش و لو يرضيك خد حلق البنت اهو و صلح بيه الخدش ده
قائد المركبة بانفعال مخلوط ببعض الحرج من تهذيب راجية : ياستى حمدالله على سلامتك انتى و البنت ، بس مش ياخد باله ، ده كان ممكن نروح كلنا فيها
راجية : و الحمدلله جت سليمة ، و كلنا على الطريق فى ايدين ربنا و ماحدش فينا بيأذى روحه ، هو بس غصب عنه .. حقك علينا و انا تحت امرك فى اللى يرضيك
قائد المركبة بتنهيدة و هو يتجه الى باب سيارته : خلاص يا ستى حصل خير اتوكلوا على الله
ليبتعد بسيارته بينما راجية تنظر الى ربيع الذى اتجه هو الاخر الى دراجته ليسحبها حتى ركنها الى جانب الطريق و هو يقول للمارة الذين تجمعوا على اثر الحادث : خلاص ياجماعة انفضت الحمدلله كل واحد يروح لحاله
لتلحق به راجية و هى تحاول هدهدة الصغيرة التى اصابها الفزع بسبب ضجيج الصياح ، ليأتى لها احد العاملين بالمقهى القريب بمقعد و كوبا من الماء لتتناوله شاكرة و تجلس و هى ترمق ربيع بجانب عينيها منتظرة اى رد فعل له ، فتجده قد اشار لعامل المقهى كى يحضر له هو الاخر مقعدا ليضعه امام راجية لينظر اليها قائلا : ممكن تفهمينى ايه اللى حصل لكل ده
لتنظر اليه قائلة باستنكار : و انا ايش عرفنى .. هو انا اللى كنت سايقة و اللا انت
ربيع : انا بسألك عن اللى حصل فى البيت .. مش اللى حصل دلوقتى
راجية : متهيألى السؤال ده تسأله لنفسك مش ليا انا يا ربيع
ربيع باستنكار : انا .. انا عملت ايه
راجية و هى تشيح بوجهها بعيدا عنه : افتكر الكلام اللى انت قلته و انت تعرف انت عملت ايه
ربيع : و ايه المشكلة يعنى لما طلعت عصبيتى فى كلمتين مالهمش لازمة و لا معنى .. تقومى تطلبى الطلاق
راجية : الكلمتين اللى مالهمش لازمة دول يا ربيع طلعونى غراب و فاشلة و ما اصلحش انى ابقى زوجة و لا ربة اسرة
ربيع : ماتكبريش الحكاية يا راجية ، لو كل ست هتسمع كلمتين زى دول وقت غضب طلبت الطلاق ماكانش فضل بيت على حاله
راجية : مهما نتعصب و نغضب .. مش المفروض نجرح فى بعض
ربيع : كل ده عشان صوتى كان عالى و امنية صحيت على صوتى
راجية برفض : كل ده عشان مش فارق معاك تعبى و مجهودى يا ربيع ، كل ده عشان مش شايفنى بعمل حاجة و فى لحظة طلعتنى هوا
ربيع : يا سلام مانتى كنتى لسه قبلها عمالة تندبى حظك و بتلعنى فى الساعة اللى اتجوزتى فيها ، اشمعنى بقى
راجية بعتاب : لعنت الجواز مالعنتكش ، لعنت المسئولية و الحمل ، ما قلتش ان انت سبب بؤسى و شقايا يا ربيع .. عرفت اشمعنى بقى
ربيع باعتذار : طب حقك عليا .. ماكنتش اقصد ، بس انا راجع زهقان و متضايق عشان ما عرفتش اجيب فلوس للبامبرز
راجية : ماكانش لازم تجيب العبوة كلها ، كنت هات خمسة حتى نمشى بيهم اليوم على ما ربنا يعدلها
ربيع بترصد : و انتى يعنى ماكنتيش هتضايقى لو كنت عملت كده
راجية بامتعاض : مهما كان ضيقى ماكانش هيوصل للى احنا فيه دلوقتى
ربيه بانكسار : انا حاسس انى متكتف ، و مابقيتش ملاحق على الطلبات ، امنية مصاريفها و احتياجاتها كتير اوى ، ما كنتش متخيل ان الدنيا هتبقى كده
راجية بتنهيدة : و لا انا ، بس برجع و بقول الحمدلله احنا احسن من غيرنا ، ااه ماشيين يوم بيوم بس الحمدلله ماشية ، فى غيرنا مش عارفين اصلا يمشوها زينا كده
ربيع بتهكم و هو ينظر لامنية المنشغلة عنهم بمراقبة الشارع و المارة بسعادة شديدة : بعد كده اما تبقى تحبى تعملى حاجة ابقى ابعتيها تقعد شوية على القهوة .. مش هتسمعيلها حس
راجية و هى تقبل كف الصغيرة بحنان : نزلت الصبح وديتها الصحة
ربيع بقلق : ليه مالها
راجية : كانت عمالة تعيط بغبا و مابقيتش عارفة مالها ، و خفت لا يكون حاجة وجعاها ، و امك و امى الاتنين مش موجودين
ربيع : و ماكلمتينيش ليه
راجية بعتاب خفى : قلت اسيبك فى حالك و اتصرف انا ، ما هو مش كل حاجة هقول لك الحقنى .. ما انا برضة بعرف اتصرف مانيش فاشلة للدرجة دى
ربيع بابتسامة مرحة : مايبقاش قلبك اسود بقى ، المهم قالولك ايه
ىاجية و هى تمد يدها الى فم الصغيرة و تفرج عن فكيها : طالع لها سنة منورة اهى .. هى اللى مقريفاها و مخلياها مافصلتش من العياط من ساعة مافتحت عينيها الصبح و عشان كده كان نفسى تناملها شوية يمكن تصحى فايقة بعد الچل اللى دهنتلها بيها اللثة بتاعتها
ليتناول ربيع الصغيرة من بين يدى امها و هو يداعبها بمرح ليسمع تغريد ضحكاتها اللطيفة ، فيضمها اليه مقبلا اياها بحب ثم يعيدها مرة اخرى الى امها و يقول : قومى بينا بقى اما اجيب اى حاجة ناكلها بدل الاكل اللى اتحر.ق ده
راجية برفض : لأ.. تعالى بس نجيب كام واحدة بامبرز و نروح ناكل اى حاجة فى البيت ، عندى فول و بيض
ربيع : رضا الحمدلله .. ياللا بينا
و بعد ان استووا جميعا فوق الدراجة البخارية التفت ربيع لراجية قائلا بمشاكسة : الا بصحيح هى فين الحفرة دى اللى كنت بفاديها
راجية بامتعاض : انا ايش عرفنى ، اهو انا لقيتنى بقول له كده .. خفت عليك منه ، حسيته ممكن يأذيك ، ده ادك مرتين
ربيع : يا بت هو بالجسم ، ده انا كنت ممكن افرمه
راجية بسخرية : طب ما تبحبحهاش اوى كده ، ثم انت فعلا خدشتله العربية جامد و كتر خيره انه سابنا و مشى
ربيع بمكر : خفتى عليا
راجية بتنهيدة : اومال يعنى هاخاف على مين
ربيع بحب : ربنا يخليكى ليا و مايحرمنيش منك
راجية بخجل : و لا منك ، و باللا بقى وقفتنا طولت
ربيع بمشاكسة : بقى انتى بقى بتعرفى تركبى ورايا من غير ماتتشعبطى فيا و تكلبشينى بايدك .. ما طلعتيش سهلة انتى برضة
راجية بابتسامة خجلى و هى تهرب بعينيها من عينيه : خلاص ياسيدى اديك عرفت ، و خلاص هبطل امسكك و انت سايق طالما بتضايق
ربيع بحب : مين ده اللى يتضايق ، طب دى احلى كلبشة ، ياللا اتشعبطى بقى عشان اعرف اطلع
لتطوقه راجية بيد و تحتضن امنية بالاخرى و تستند برأسها على ظهره ليبتسم ربيع و يقول : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. ربنا ينجينا منه و من وسوسته ، ثم يسمى الله و ينطلق بزوجته عائدا بها الى منزلهما ، بعد ان قيد لهما الله نقطة للرجوع
💥💥💥💥💥💥💥
لكل منا همومه و مسئولياته ، و لكل منا ضغوطا قد يتحملها البعض و قد لا يتحملها الاخر ، و لكن دائما تبقى هناك كلمة ، فهناك كلمة قد تقوض حياة باكملها ، و هناك كلمة قد تبنى مجتمعا باكمله
و محظوظ من استطاع ان يحكم عقله ليصلح ما افسده لسانه و يبحث غن نقطة رجوع يحاول بها محو ما افسده من قبل
فلو ان كل منا اعمل تفكيره فى كلمته قبل التفوه بها لتغير مسار مجتمعات باكملها ، و لكن عندما يسبق السيف العزل .. ليتنا نحاول جميعا البحث عن كلمة قد تكون نقطة رجوع لاكمال طريق حياتنا
احسنوا الحديث .. احسنوا العقل و احسنوا الود
اسكريبت نقطة رجوع بقلمى .. ميمى عوالى
بحبكم فى الله ♥️♥️
تمت
أنت تقرأ
نقطة رجوع
Short Storyعندما نبحث عن نقطة رجوع ننقذ بها حياة باكملها اسكريبت بقلمى .. ميمى عوالى