أغفرتَ لي؟

332 16 141
                                    

.
.
.

اللهم صل على محمد وآل محمد.
أذكر الله.

أرجو تنبيهي عند الأخطاء الإملائية.
قراءة ممتعة.

---

قريةٌ من قرى جنوبِ لبنانِ الملطخِ بطُهرِ دماءِ شهدائهِ الأحياء؛ يزُفُّ أهلها اليومَ شهيداً بندائاتِ تلبيةٍ لحمايةِ دفئِ الوطن ومبسمِ الشعب، يدعونَ بالهلاكِ لعدوهمُ الجائر، ودموعهم كانت مناجاةً للرحمنِ ليرفقهم بمن سبقهم.

ساقاهُ بالكادِ كانتا تخطيانِ لولا مساندةِ عضيدهِ إياه، يسندُ جسدهُ عليهِ ودموعهُ جاريةٌ على المصابِ الذي حلَّ به.

فقدانُ أخٍ وصديقٍ لهُ بفعلِ الجورِ والعدوانِ والخيانة، ملأَ فؤادهُ حزناً قهراً وغضباً.

هسهسَ باللعائنِ على أعدائهِ داعياً الله أن ينتقمَ لمصابهِ الجلل.

قدَّمَ التعزيةَ لأهلِ الشهيدِ الراحلِ إلى عدنِ الأحلام، فاحتضنهُ الأخُ المفجوعُ هامساً: أنتَ من أهلِ المصاب، فعظمَ اللهُ أجركَ.

وكأنّ سكيناً شطرت قلبهُ، والخجلُ صبَّ في روحهِ حينَ رأى تلكَ السيدةَ الرزينة، تصيحُ قائلةً بصوتٍ يرسلُ القوةَ في النفوسِ ودموعها تلطخُ وجنتيها اللتينِ أرهقهما مرورُ السنين: لم يسمى ابنيَ فداءٌ سوى نذراً ليكونَ دمهُ فداءً للوطن، إن تطلبَ الأمرُ مني تقديمُ ما تبقى من أبنائي وبناتي ونفسي وزوجي، لما ترددت، اللهمَ تقبل مني هذا القربان.

النحيبُ قد زادَ من حولها لرؤيةِ عِظَمِ تصبُّرها لفقدانها ابنها الأصغرِ المدللِ الذي كانت تتغنى بحبهِ حياً، والآن تتغنى فخراً بهِ شهيداً.

– أُويس، لنعد.

نبَّههُ صوتُ عضيدهِ ليلتفتَ نحوهُ مومئاً. فعادَ أدراجهُ وهو يُكفكفُ دموعهُ. إلى أن تفرّقا كلٌّ في سبيلهِ بقولِ رفيقهِ: عليّ العودةُ إلى البيتِ الآن، ألقاكَ الليلة.

--

– كُميل، أهذا أنتَ بنيّ؟

حينَ ولجَ إلى البيتِ المتهالكِ استقبلهُ صوتٌ ضعيفٌ صادرٌ منَ الحجرةِ المجاورةِ، فخطى سريعاً نحوها: أنا هُنا أمّاه.

كانت تفترشُ الأرضَ وغطاءٌ خشنٌ يغطي بدنها يحميها من صقيعِ بردِ شباط، آثارُ المرضِ باديةً على وجهها وخمولُ متنها، لكنها ما إن رأت فلذةَ كبدها حتى استبشرت ملامحها: أهلاً بعودتكَ بنيّ.

تقدّم كُميلُ منها بابتسامةٍ رقيقةٍ لينحني مقبلاً جبينها: كيفَ حالُ سيدةِ الحُسن؟

قهقهت بصوتٍ ضعيفٍ تجيبه: بتُّ أفضلَ حالاً برؤيتكَ.

خربة ꤶحيث تعيش القصص. اكتشف الآن