part 03

8 0 0
                                    


أقف هناك، على سطح ذلك المبنى القديم الذي يبدو مهجورًا في أعين العابرين، لكن بالنسبة لي، كان مليئًا بالحياة، محفورًا بذكريات لا تُنسى. كل زاوية منه تروي قصة، كل جدار يصدح بصدى الأيام الخوالي. وأنا هناك، أقف كشاهد على الزمن، أتأمل الأفق بنظرات حالمة، أتذكر اللحظات التي مرت كأنها كانت بالأمس، وأنا أتنفس عبق الماضي العتيق.

وبعد طول انتظار، وغياب دام ثلاثة أعوام مضنية، أخيرًا أجد نفسي أتخذ خطوة إلى الأمام؛ خطوة جريئة نحو مستقبل مجهول، محفوف بالآمال والأحلام، تلك الخطوة التي طالما ترددت في اتخاذها، واليوم، ها أنا ذا، أتقدمها بكل شجاعة وإصرار.

طوال الليل، في صمت الظلام الحالك، خاض قلبي وعقلي معركة طاحنة، معركة الشك واليقين. كانت النجوم شاهدة على هذا الصراع الأزلي، حيث تتصارع الأحاسيس المتضاربة والأفكار المتقاطعة، تارة يغلب العقل بمنطقه الصارم، وتارة يتفوق القلب بنبضاته الحانية. وبعد ليلة من التأمل والتفكير، وقفت على أعتاب الفجر، متسلحًا بقرار حاسم، قرار يمهد لخطوة جديدة قد تغير مجرى حياتي.

في الأخير، استسلمت لنداء القلب العاصي، فقررت أن أسلك درب العشق، حيث لا يوجد مكان للعقل. كانت الرياح تهمس بأغاني الحرية، والأزهار تتفتح بألوان الحياة، وأنا أسير بخطىً واثقة نحو مصيري المجهول، متبعًا صوت القلب الذي لطالما تجاهلته. كانت الشمس تغرب ببطء، تاركةً وراءها ضوءً خافتًا يرشدني، وكأنها تقول لي: "تابع الطريق، فالحب يستحق الرحلة".

أجلس على حافة الأمل، أنتظر قدومه بفارغ الصبر. نبضات قلبي تنبض بسرعة تأبى التوقف، كأنها تعزف سيمفونية الشوق والانتظار. أعيش في ذلك اللحظة المتوهجة، حيث يتلاقى الحلم والواقع، وأنا أراقب سماء الصباح، مترقبًا أولى أشعة الفجر التي ستحمل بين جنباتها وجهه الحبيب. هل سيأتي بالرياح اللطيفة أم بخطواتٍ هادئة على الرمال الناعمة؟ أم سيأتي بصوت الطيور المغردة وهي تحمل أخباره؟ أنا هنا، مترقبًا، متلهفًا، وقلبي يرقص على أنغام الانتظار.

_وون......

و حين يكون الهدوء هو السيد الوحيد، تتسلل أصداء صوته إلى أذني. صوتٌ عميقمعروف، كأنه ينبعث من أعماق الأرض، يتردد في رأسي. أفكاري تتقاطع وتتشابك، كالأوراق المتساقطة في خريف عاصف.

هنا، في هذه اللحظة المظلمة، أجد نفسي محاصرًا بالذكريات والألم. الوقت يمر ببطء، كأنه يتجاهل صرخاتي الصامتة، وكأنه يتجاهل جروحي العميقة.

في عالم مليء بالوقت المتنوع والمشاعر المتعددة، يُعتقد عمومًا أن الوقت هو شفيع كل شيء. ومع ذلك، في هذه اللحظة المهمة التي أعيشها، يبدو أن الوقت ليس لديه القدرة على تسويق الألم الذي أشعر به. كأنه يعجرف في وجهتي، مستهلكًا كل الفرص التي قد تساعدني على التغلب على هذا الضيق النفسي.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: 7 days ago ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

Hearts apartWhere stories live. Discover now