الشُّعلَةُ الثّالثة:كشفُ السِّتار

136 10 3
                                    

بدلًا من الاستسلام والسماح للظلام باجتياحك، اوقد في نفسك شمعة.
.
.
.
.
.
.
.
.

"آسِر اوقف الحصان أنا لا استطيعُ التحمّل أكثر!"
صَرَخَت هيلينا بِصوتٍ مرتفع وقد طغى عَليها الإعياء.
إلى متى بحق الجحيم سيظل يعدو هذا الحصان بهذه السرعة؟

أوقف الحصان في وسطِ المدينة التي كانت بالفعلِ قريبَةً من حُدودِ بِرنادوت، ثُمَّ وَضَعَ القلنسوة على رأسها يُغطي بها خصلاتها وسط اندهاشها.

هل أُصيب هذا الرجل باعوِجاجٍ في رأسه؟
يا إلهي.

ترجَّل عن الحصان ثم ساعَدَها على النزول، وقاد الحصان إلى مكانٍ قريبٍ منهما يربط الحبل الموصول بجيده بأطراف سورٍ هناك.

"ما الذي تفعله؟"
سألته، وارتفع حاجباها باستنكار.

التفتَ إليها حالما انتهى من ربط الحبل، قائِلًا تزامنًا مع تضييقه جفنيهِ بسبب اشعة الشمس السّاطعة:
"ألا تريدين تناول الطعام؟ حسبتُ انكِ ستصيبينني بالصداع بسبب تذمرك."

قلبت عينيها بشيء من الإعياء، ثم سارَت خلفَه تتبعُ خطواتِه حينَ دَخلَ إلى مَطعَمٍ ما.

جَلَسَ بهدوءٍ إلى الطَّاوِلة، وجَلَسَت هي قِبالَته.
بعد بضع لحظاتٍ من الهُدوء الذي وَقَفَ بينَهما، والذي لَم يَخالطهُ سوى اصواتُ أحاديثَ جانبية كانَت تَصدر عن بعضِ الزَّبائِن...حضر النَّادِلُ الشَّاب، فوقفَ مقابلَ الطاولةِ باستِقامَةٍ قائِلًا بابتِسامَةٍ مُهذَّبة:
"طلباتكما يا سيدي؟"

هو خاطَبَ آسِر، فوجَّه آسِر بَصَرَهُ نَحوَها...ورغم ارتباكِها من تحديق زُرقتيه بها، إلا أنها تركت الأولوية لملئ بطنِها الفارِغ، فَنَطَقت:
"طبق معكرونه وكأسٌ من عَصيرِ البُرتُقالِ...من فضلك."

سألَ النادِلُ بابتِسامَةٍ وهو يُدوِّنُ طَلباتِ هيلينا.
"ماذا عنكَ سيدي؟"

أجاب آسِر واصابعه تَطرُقُ الطاولةَ الخشبيَّةَ مُشَكِّلَةً لحنًا هادِئًا:
"طبقٌ من السَّلطة، وكوبٌ مِنَ القَهوة."

مَنَحَهُ النادل ابتِسامَةً أقلُّ ما يُقالُ عنها هو أنّها مُهذَّبة، ثُمَّ قامَ بتدوين الطَّلباتِ ليتوارى عن أنظارِهِما بَعدَها.

"سَلطة؟ بحقك!"
هي سألت باستِغراب، من يَطلُبُ السّلطَةَ حينَ يكونُ جائِعًا؟

"نَعَم سلطة! معدتي لَيسَت واسِعَةً للغايَةَ كَمعدَتِك!"
هو أجابِها بإصرارٍ بينَما يَستَنِدُ بِذَقنِهِ على كَفِّ يَدِه، فقَلَبت هي عينيها بشيءٍ مِنَ الغَضَبِ المُصطَنَع.

آسِر||Asserحيث تعيش القصص. اكتشف الآن