الفصل 1 ( تمهيد و نبذة)

206 7 2
                                    




امبراطورية كريستن، أعظم امبراطورية شهدها العالم، تاريخها صار يكتب بالذهب في اذهان كل من يسمع قصتها العجيبة، قصة تضحية، معاناة، و جهود مبذولة، بدأت هذه القصة الغريبة في أحضان امبراطورية أيري، امبراطورية سكانها بشر طبيعيون، كانوا يعيشون حياتهم اليومية بشكل طبيعي، إلى أن حلت الفاجعة، عيون حمراء قرمزية لمعانها كلمعان الياقوت، آذان مدببة، و أنياب بارزة تنافس النصل في حدتها، كانت هذه أعراض بداية تفشي وباء مصاصي الدماء،
صار البشر يتحولون إلى مخلوقات لم يعرف لها الكون سابقا، نسل جديد يظهر بين اضلع البشر، تحول الكثيرون، و قد بدأ بقية البشر الذين لم يتحولوا يشعرون بالخوف منهم، نبذوهم و ابتعدوا عنهم خوفا من انيابهم الحادة و اعينهم الحمراء التي تنذر بالشر و المآسي، من بين هؤلاء الذين خسروا بشريتهم و صاروا من مصاصي الدماء، فتى طويل بشعر بني فاتح طويل يصل لأسفل عنقه، كان هينري كريستن، مراهق بلغ لتوه الثامنة عشر من العمر، كان ابن احد النبلاء و كان سيرث لقب الماركيز عن والده، لكن و بعد ما حدث اخترقت ابواب عقله خطط اخرى.
تحول اخواه الصغيران الوحيدان، كايل و كلير كذلك، رأى مايحدث لهاته المخلوقات من نبذ و نفور، لم يرضى بما تشهده عيناه لذلك حسم أمره، قام بجمع كل من تحولوا في مكان مهجور من الامبراطورية، متسلحا بشجاعته وحدها وقف بمواجهتهم قائلا:
_أيها النسل الجديد من المخلوقات!، كنتم بشرا تعيشون بين بشر في انسجام إلى أن حدث ما حدث و ظهرت هذه الجائحة التي جعلتنا نقف هنا الآن، ليس كبشر بل كمصاصي دماء كما اطلق علينا، استرضون بهذه الحياة؟!، ينفر الجميع منا خوفا!، يخشوننا و لايرغبون حتى في التواصل معنا!
كان الحضور يصغون إلى كلماته بانتباه شديد.
_أقترح أن نرحل عن الامبراطورية!، لا نستطيع العيش كبشر بعد الآن، اتقبلون بمثل هذه المعاملة؟!، ان نعامل كأننا مسوخ فقط لأننا تغيرنا؟!
تعالت صرخات الحضور الحماسية
_كلا! لن نقبل بهذا الذل!
_ان كانوا سيعاملوننا هكذا فالافضل ان نرحل و نؤسس أرضنا و مكاننا الخاص!، لا نحتاج إلى البشر!
ابتسم هينري ابتسامة خفيفة بعد هذا الرد، لكن احدا طرح سؤالا جعله يتوقف عن الابتسام
_لكن...لما تفعل هذا؟....لاسبب يدعوك إلى الوقوف بجانبنا، أنت نبيل، و سترث لقب الماركيز كريستن عن قريب حتى مع تحولك هذا...
....
صمت هينري للحظة ثم أجاب:
_لا أهتم للقب الماركيز، ان لم يعد مرحبا بي في الإمبراطورية فقط لكوني لم اعد بشريا فلما سأبقى هنا؟، أنتم مثلي، كلنا نتشارك الهم ذاته، فلما لا نتعاون يدا بيد و نغادر و نجد مكانا افضل، لما لا نصنع مكانا لنا ان لم يعد لنا مكان بين البشر الذين كنا منهم يوما؟
....
صمت الجميع و ابتسموا ليتقدمهم احد بينهم، قام بوضع يده على كتف هينري و ابتسم
_سيدي...من اليوم ستكون قائدنا!
و كما كان متوقعا، غادر هينري مصطحبا اخويه الصغيرين و كل من تحول إلى مصاص دماء و غادر بهم نحو أرض خالية تماما، ارض بعيدة كل البعد عن البشر، قام مصاصوا الدماء ببناء تلك الأرض و اعمارها، و أكملوا حياتهم فيها تحت حكم زعيمهم هينري كريستن، و أسمو الأرض على اسمه، أرض كريستن، مرت الأيام و وصل الخبر إلى مسامع كل المخلوقات.
رحيل هذه المخلوقات جديدة الظهور و إنشاؤها لأرضها الخاصة بعيدا عن البشر، عنوان لخبر اخترق مسامع مخلوقات من انواع عديدة، جنيات، حوريات، و اخرى غيرها، و حتى بشر آخرون كانوا يطمحون لمكان يلجؤون إليه بعيدا عن مجتمعهم الظالم، صارت هذه الأنواع تقصد أرض كريستن، بعد أن كانت تعيش مبعثرة بلا مكان معين خوفا من الظهور بين البشر، الآن لم يعد هناك داع للاختباء، فقد صار هناك دافع للظهور وأخيرا، اجتمعت كل تلك المخلوقات المختلفة و انضمت إلى أرض كريستن، كبرت هذه الأرض شيئا فشيئا، بازدياد المناطق التي انضمت تحت حكمها، لتصير امبراطورية كريستن العظيمة.
هذه كانت قصة امبراطورية كريستن، حيث كل اختلاف يعد جمالا.

.
.
.
.

فوضى عارمة في القصر الامبراطوري، الخدم يركضون هنا و هناك و تجهيزات عديدة يجب انهاؤها، كل هذا لأن الامبراطور هينري قد حظي بابنه الأول هذا اليوم.

بدأ كل هذا قبل فترة، حين تعرف الامبراطور على فتاة من خارج الامبراطورية تدعى كاثرين، انتهى الامر بهما بالوقوع في متاهات و دروب الحب، ليقودهما ذلك إلى نهاية النفق، حملت كاثرين من هينري بعد زواجهما، لكن تم تحذيرها مرارا من خطورة الانجاب، قيل لها من قبل الاطباء ان جسدها ضعيف و أنه لن يتحمل الولادة.
_كاثرين....اانت متأكدة من قرارك هذا؟...حذرك الجميع من خطورة هذا على جسدك!، قد ينتهي بك الامر بالموت! اما حياتك او حياة هذا الطفل!، لن اتحمل خسارة كليكما!!
_هينري، رجاء...لقد ناقشنا هذا سابقا، سؤنجب هذا الطفل مهما حدث!، يستحق هذا الصغير، او هذه الصغيرة ان اضحي بحياتي من أجله!
_....
فشل هينري في تغيير رأي زوجته، و لم يكن له ان يجبرها فالجسد جسدها في النهاية.

جاء يوم الولادة و كما كان متوقعاً، توفيت كاثرين بعد دقائق من رؤيتها لصغيرها، و ولد هذا الطفل بدون والدته.
.
_صغيري....اهلا بك في هذا العالم...اسمك سيكون أليكساندر....أليكساندر كريستن...طفلي الصغير و اللطيف...
....
حزن على فقيد زين حياة احدهم، و سعادة بولادة رضيع سيرسم ابتسامة هذا الأخير.

كان هينري حزينا للغاية على موت زوجته الغالية كاثرين، المرأة الوحيدة التي احبها و أعزها، الفرشاة التي لونت حياته و جعلته يشعر بالسعادة، و الراحة، ذهبت الآن، لكن لابد من التخطي، لابد من أن يجمع شتات نفسه، إنه امبراطور تقف الامبراطورية بوقوفه، و قد صار ابا الان، لا يستطيع حتى أن يضعف او يحزن لفترة طويلة.
كان هينري جالسا في الغرفة يتمعن النظر في وجه صغيره، يفكر في مدى جمال هذا الطفل و يحاول تصديق أنه صار ابا لكنز صغير و لطيف كهذا.
_....
_هينريي!
_.... أوه مرحبا كايل!، تعال و الق نظرة على ابن اخيك!
كايل كان اخ هينري الاصغر، و مساعده، ابتسم فور رؤيته للصغير حديث الولادة
_مرحبا يا صغيري!، هذا انا عمك الوحيد كايل!
_اوه ياللطافة!
قبل أن يكمل جملته أبعدته شقيقته الكبرى كلير عن الطريق، هي الاخت الوسطى فهي اصغر من هينري و اكبر من كايل، و هي الدوقة المسؤولة عن أراضي الدوقية الغربية للامبراطورية
_ياله من صغير لطيف للغاية!، ماذا اسميته ياهينري؟
_اسميته أليكساندر
_سيكون صغيرنا أليكس إذا!
عم الفرح و السرور القصر في هذا اليوم الذي ولد فيه أليكساندر، و مع هذا حمل الجميع مزيجا من الحزن على كاثرين و الفرح بأليكساندر في قلوبهم.
.
.
.
_امممم، هينري؟...
_ماذا هناك ياكايل؟
_ألا تفكر في احضار مربية لأليكس؟، علينا البحث عن شخص موثوق و ذو خبرة في التعامل مع الأطفال للتكفل بالطفل
_.....انسى الأمر انا من سيعتني بطفلي
_.... أخبرني أنك تمزح، هينريي! أنت امبراطور! تعمل طوال الوقت! كيف ستستطيع العناية و تربية طفل دون اهمال منصبك!
_سيكون كل شيء بخير اهدأ، استطيع أن اربي ابني بنفسي و الموازنة بينه و بين عملي!، أليس كذلك يا طفل بابا الصغير؟ سيعتني بك بابا جيدا يا أليكس!
_....اه يا إلهي...

هينري دوما ما كان يظن أنه و لأنه اب فمن مسؤوليته أن يعتني بطفله وألا يوكل مهمته لأي كان، كان يحب طفله الصغير اكثر من اي شيء اخر، حتى أن لقب أليكس في الإمبراطورية صار "طفل جلالته المدلل".

رحلة بين طيات التاريخحيث تعيش القصص. اكتشف الآن