"الثالث"

238 6 0
                                    

مع بدَاية فجر جدِيد أبتدت زقزقة العصَافير وأصوَات الحمَام تملِي الدِيره بأكملهَا,أشرَقت الشمَس بضوئها السَاطع على وجهه وعَقد حَاجبة .. رفع يده وهو يحطها قدام وجهه وهو يتساءل "وينه فِيه وليه كل هالسطوع عليه؟" ..
قَامت بكل رونقهَا بعد ما تحممت وتكشخت ونزلت وهي تجهز الفطور وتجهز القهوة .. طلعت من البيت للخِيمه وهي متوقعه تلقاها في قمَة الحوسه مشت وهي معقده حواجبها من شمس هالصبَاح الي متوسدة المكان بأشعتها وقفت على باب الخِيمه ومن استضلت فتحت عيونها كويس,أنفجعت رُوحها وبانت الصدمه على ملامح وجهها وهي تشوف الذكر الي منسدح بنص خيمتهم ..
من حَس ألصقِر بإن ضوء الشَمس أختفى بعد يدَه وهو يشوف الشيء الي ما حَسب حسابه,شاف الي خلقهَا ربي وكأنها رسمة أبتسَم: ياهلا ياهلا ..
يا خشيف الريم يا المترف الفتاني
ياعنق الغزَال وأزين من الغزلاني
إن كَان بكل منام بتزوريني ببيع الصحوة وأستلذ بالمنام
عُلا كَان قلبهَا بيطلع من جوف صدرها,ماعاد صَار عندها رد ولا أي كلمه ولا تعرف وش تحكي ولا إرادي بدت تطلع منها حروف ماتدري وش هي: ا انت وش تسوي هنا!
ألصقِر: وتسألين وش تسوي؟,اسألي عيونك وش سوت بي هذا الاصح
عُلا حمر وجهها: ترَاك في صحوة مو منام
ألصقِر: والله ما ظنيت اني بصحوتي بشوف شبيهة القمر لكن لو تشرِين على الشرق وتقولين هو غرب فهو صح
عُلا ضحكتك بلا وعي ..
ألصقِر: ياويل قلب ألصقِر ويلاه
عُلا ناظرت فِيه وبجراءة تقدمت أكثر وهي تنحنِي ورفعت يدها وهي تقبص خده بقوه ثم أرتفعت وهي تقوم وترفع لثمتها عليها وتمشِي راجعه للبيت ..
ألصقِر من أستوعب انه ما يحلم وإنها حقيقه ماهِي غِيب حس بفشيله ماقد حس فيها طوال عمره وبنفسه: يالخفيف يالخفيف كيف بتاخذك بجديه الحين والله عبطتها انت وراسك .. تنهد وفجاءه اختفى ضوء الشمس مره ثانيه ورفع راسه:هااا
بَارق ناظره: شفيك ياولد علامك كانك شايف لك جني
ألصقِر: مدري اصلًا أنا ليه نمت هنا شصار
بَارق: بعد ما انسدحت خذاك التعب ونمت وطلعنا أنا والعيال وتركناك ترتاح,عسى ارتحت؟
ألصقِر هز راسه: الحمدلله يعطيكم العافيه لكن اكيد انشغل بال ابوي خلني اقوم واروح له بسرعه .. قام وهو ياخذ غترته ويدور ساعته وجواله
بَارق: وين وين ماراح تطلع لين تفطر
ألصقِر ناظره: المره الجايه ان شاءالله خليني ما اتاخر على ابوي تعرف عوّد وانشغل
بَارق هز راسه بتفهم: هالمره بتمشي المره الجايه ماني سامح
ألصقر ابتسم: على خشمي,يالله فمان الله
بَارق: مع السلامه
"بالبيت"
دخلت عُلا المطبَخ وهي مشَاعرها متلخبطه شوي تضحك عليه كل ما تذكرت وجهه وملامحه وشوي تسكت وهي تستذكر كيف كان يناظرها بأعجَاب كبير وتبتسم .. كملت تسوي الفطور وهي مابين الضحك والابتسامه وفجاءه فزت على يد انحطت على كتفها: يمه
بَارق ضحك: بسم لله عليك شفيك
عُلا لفت وهي تناظره: لا والله بسم لله علي؟ خلعت قلبي خلعته
بَارق باس راسها: بسم لله على هالقلب الصغير الرهيف بسم لله,وش مقومك من فجر ربي
عُلا: مدري والله فجاءه حصلتني قمت قلت اجل ارتب حوسه امس وأصلح الفطور
بَارق ناظر الي قاعده تسويه وابتسم: مبين يشهي تسلم يدك
عُلا ناظرته: وانت وش الي مقومك؟
بَارق: الوهَب مدري وش بلاه من الصباح وهو يجفل وقوّمني وأزعج الجيران وقمت اهديه
عُلا ناظرته: زين ان صاحبة الوهَب في نوم ولا كان طلعت منخرعه عليه
بَارق أبتسم وهو يتخيل شكلها: عز الله بتنخلع هي بعد
عُلا ناظرت ابتسامته: تحبها؟
بَارق: وشهو الحُّب ياعُلا؟ إن كانه رجفَة خفوقي على طَاريها وإن كانه خُوفي عليها من نفحة الهوَا وإن كانه غِيرتي عليها من عيون كِل مناظر حُب؟ فأنا ميت بحبها مو بس أحبها
عُلا أبتسمت: ياحظها فيك وأنا أختك لكن وهِي قالت لك عن حبها؟
بَارق تنهد: ياليت كان بيصير هاك الليل عيد ماهو مجرد ليل
عُلا: بس تدري إنها تحبك؟
بَارق: وش يفيدني العِلم دامني ما سمعتها منها ياعُلا ..
عُلا أبتسمت وناظرت عيونه: بتسمعها قريب
بَارق فرح وناظرها: وش دراك؟ قالت لك شيء؟ أناشدك بالله تعلميني إن كان تعرفين شيء ما اعرفه
عُلا ضحكت: هد هد كل الي اعرفه انها بتقولها قريب عاد متى ووين ما ادري لكن قريب قريب
بَارق أبتسم وضحك: الله وشذا الخبر الزين
عُلا ضحكت: دوم هالسعاده اجل وشلون لا قلت لك انها نايمه عندنا ..
بَارق سكت وناظرها: هي هنا؟
عُلا هزت رأسها ..
بينمَا بَارق لف بيروح لها ..
عُلا وقفته بصوتها: هيه! مجنون وين بتروح نايمه بغرفتي تراها وممكن باي لحظة يشوفكم ابوي او حتى امي تدخل لا تصير مجنون وتسوي شيء متهور
بَارق ناظرها: ماني مسوي شيء بس بشوفها من الباب إن كانها قامت بكلمها كلمتين وإن كان لا بمشي لا تخافين
عُلا ناظرته بخوف: الله يعين منك انتبه بس
"بمكَان مختلف وتحديدًا عند بِيت أبو نَايف"
قَامت أم نَايف على صوت أبو نَايف الي يشتغل بالغرفه,فتحت عيونها واعتدلت بجلستها على السرير وهي تنَاظره: فيصل فاضي لكم كلمه؟
أبو نَايف سكر الاوراق وناظرها بعد ما فصخ النظاره: أمريني وش بغيتي؟
أم نَايف ناظرته: عادي تجي تجلس قريب بكلمك شوي؟
أبو نَايف كان مستغرب ولكن قَام ناحيتها وجلس على طرف السرير وهو يناظرها والغرابة بوجهه: ها قولي علامك ياحرمه تراك بديتي تخوفيني؟
أم نَايف: ما تحِس إنك أمس تعامَلت مع نَايف بقسوه؟,أدري وهو يدري بعد إنك كنت منفعل ولا هو منك وانه ماهو أنت لكن أنت تدري نَايف مهما حز بخاطره ماهو جايك ومتكلم لكن ترا الولد كلامك حز في خاطره وكثير وتذكر انك ماقد كلمته بهالطريقه من قبل لا هو ولا احد من اخوانه
أبو نَايف أبتسم براحه بعد ما عرف ان هذا هو الموضوع: أدري يا أم نايف وأنا ما نمت الليل من بعد ما استوعبت واقعة كلامي ولا تخافين ماني تارك الليله تمر لين ناخذ برضا ولدك
أم نَايف أبتسمت براحه: الحمدلله,الله يخليك لهم يارب
أبو نَايف: يا كافي بس لهم؟
أم نَايف ضحكت بحياء: أجل لمن إذا مو لعيالك
أبو نَايف وهو عارف بحيائها: لأم العيال بعد
أم نَايف: امين لكن قم كمل شغل وخل هالحكي .. قامت من السرير وهي تطلع برا الغرفه وتتطمن على غرف العيَال من شافت ان غرف البنات فاضيه عرفت انهم مارجعوا,دخلت على تمِيم وفتحت الشباك ومن شافته قام يهمهم ابتسمت: قوم ياتميم قوم خلي الاحلام
طلعت متجهة لغرفة نَايف,دخلت وماشافته بالسرير لكن سمعت صوت المويه من الحمام وتنهدت براحه وطلعت وهي تنزل لتحت وتجهز الفطور ..
"نرجَع لبيت أبو رمَاح وتحديدًا بغرفَة عُلا"
بَارق فتح الباب بهدوء وهو يطّل ومن تأكد انها موجوده دخل وسكر الباب وقفله,تقدم ناحية السرير بكل هدوء ووقف على رأسها وهو يراقبها بنومها لوهَله والابتسامه معتليه ثغره .. انحنى وهو يمسح على شعرها الي مغطي خدها: عز الله ما هو أنتي الي تشبهِين القمر ضِي القمر هو الي يشبهك
السدِّيم كَانت تستشعر وجود يده علِيها,فتحت عيونها ومن شَافته توسعت عيونها من الصدمه,بعدت يده بسرعه عنها ورفعت البطانيه عليها: وجعع بَارق وش قاعد تسوي هنا!
بَارق تراجع للخلف شوي: بشويش على روحك,صح النوم بالأول
السدِّيم عضت طرَف شفايفها وناظرته ببراءة عيونها: صح بدنك بس ..
قطع حكيها بَارق وهو يحط أصبعه السبابه بين شفايفها: اشش, مافي بس ولا غيره جِيت أشوف مُلكِي وأملاكِي
السدِّيم ما قدرَت تخفي ابتسامتها الي انرسمت في مبسمها: همم وكِيف صرت مُلكك؟,رفعت يدها وهي تأشر على اصبعها: ماهقيت ان فيه خاتم وماشفته؟
بَارق: لو هي على الخَاتم قولي وأجيب لك خواتم الدِّنيا كلها
السدِّيم بان الحيَاء عليها وسكتت بعدها نطقت: اي وش كان جايبك هنا؟
بَارق وعيونه ما فارقت عيونها: جَابني قلبي الي قتله الشوق وجَابني عقلي الي ذبحه كثر الخطاوي لبابك
السدِّيم أحنت رأسها وهي عَارفه بداخلها وش مضمون هالكلام,بدت تلعب بيدهَا من توترها: وأنت أيًّا منهم تتبع؟
بَارق: معك؟,بعت عقلِي وأتبعت قلبي لكن أنتي؟ دعستي على قلبك وأتبعتي عقلك ماودك تقولين متى بتسمعين لقلبك
السدِّيم: لو أني ما أسمع لقلبِي ما كان لازِلت جَالسه الان
بَارق تنهدت وصد عنهَا: مايكفِي ياسديم مايكفِي,تلعبِين فيني وفي قلبي وفي مشاعري وكأني لعبة تتسلِين بهَا لكن لا مانِي بلعبة متى ما جَاز لك المكان والموقف ضحكتِي معه واستسليتي ومتى ما شان لك الموقف صديتي ومشيتي!
السدِّيم لفت تناظره وهو صَاد: لكن أنت تدري إنك ما أنت بلعبة وأنك ..
بَارق لف يناظرها وعِينه عليها: أنا وش ياسدِّيم وش؟
السدِّيم تنهَدت وكَانت في صرَاع مابِين تحكِي ومابين تفضَل السكوت ..
بَارق ضَحك بسخرِيه: وش كنت متوقع أنا بعد غير السكوت المعتَاد قَام وطلع من الغرفه تاركها بخَلفه,نزل لتحت وهو متنرفز طلع برا البيت وقعد على عتبَة الباب يهوجَس ..
عُلا من شَافته طلع بدون ولا كلمه عرفت إنها السبب في حالته تنهدت وسكرت على النار وراحت لفوق,دخلت الغرفه وناظرت في السدِّيم الي كَانت عيونها غارقه بالدموع,انصدمت من المنظر لانها ما توقعته وتقدمت ناحيتها وهي تحضنها: شفيك! شصار بينكم! قالك شيء؟
السدِّيم: خسرته وإن كان ما قالها عُلا شفت عيونه خسرته ..
عُلا ماكانت فاهمه لكن حضنتها: اهدي طيب بعدين احكي لي كل شيء صار
السدِّيم كانت تبكِي لاول مره تحَس هي فعلًا دمرت كل شيء بيدها لاول مره تحس بألم بقلبها شديد نفس هالألم شافت عيونه وكان فيها كمية خذلان شافت ملامحه وكان فيها زعل ما قد شَافته وعلى كثر ما شافته معصب ما قد شافت هالنظره عليه كانت عارفه من بين صدرها انها بفعايلها خسرت الشخص الي كان مستعد يبيع الدنيا ويشتريها ضَلت تبكي وهي بحضن عُلا لين ما عَاد صار لعيونها دموع تبكِي فيها ..
عُلا رفعت راسها ومسحت عيونها: يكفي والله حرقتي قلبي عليك يكفي
السدِّيم: عُلا اقولك خسرته وش تنتظرين مني اضحك؟ عُلا احبه والله احبه بس أنا حماره! احبه ويحبني وأكابر معه! والحين؟ خلاص عافني
عُلا: لا ماعافك وماراح يعوفك مستحيل سديم مستحيل أنتي تدرين بَارق مو بس يحبك يموت عليك مستحيل يعوفك وأنتي الشخص الي يحبه!
السدِّيم: الشخص الي يحبه ما يستاهله دامه يعذبه كذا
عُلا تنهدت وحضنتها: مافي احد يستاهل بَارق كثرك حتى ولو سويتي ما سويتي أنتي له وهو لك وانتهى
السدِّيم كَانت تشهق من بين بكيها الصَامت,وبعد فترة صمت رفعت راسها وهي تناظر عُلا: هو يعرف إنه غصبًا عني أني مو قادره أطيع قلبي صح؟ يدري أني أنخذلت كثير بسبب قلبي؟ يدري أني أحبه عُلا صح؟ يدري أني ما أبي غيره حتى لو صرت بزره وتملعنت معه يدري؟
عُلا هزت راسها: أكيد يدري أكيد
السدِّيم: يعني ما يعوفني؟
عُلا: مايعوفك ياروحي لكن قومي الحين غسلي وشوفي بدلي وخلينا ناكل كم لقمه وتهدين روحك عارفه بعد شوفي اهلي بيقومون ويسالون عنك لا تخلينهم يشوفونك بذا الحال والصوره زين؟
السدِّيم سكتت بعدين قامت: لكن مالي خاطر بالاكل
عُلا هزت راسها بتفهَم ..
"برا وتحديدًا عند بَارق"
قَام وسكر باب البيت وبدأ يمشي في مجهول لِين لقَى نفسه في الإسطبل حقهم ويمسح على الأدهم,اعتلى ظهر خيله وبدا يجول بالديره وهو شَارد الفكرَ وفجاءه حصَل ذاته في مكَان ما قد راح له كَان بين الجبَال ولولا ما بدأ الخيل بالصهِيل ما كَان وعَى وحس على نفسه,شد لجام الادهم وهو يهديه ونزل منه بعد ما ربط لجامه وبدا يتلفت ويناظر في المكان الي كان جديد عليه لكنه مريح له لكونه خالي وما فيه احد غيره فيه ..
بعد مدة من الصمت سمع شوشرة في المكَان وألتفت على الحَس لكن أكتشف إنها مُجرَد حركة رياح .. طلع الجوال من جيبه وطلع دخانه وجلس على صخرَه وهو يدخن ويهوجس ويناظر في الجوال وبدت يده تكتب هالحروف رغم إن قلبَه يحترَق وهو يشوفهَا :
ياللي علينـا بالمحبـه تغليـت
يالله توكـل رافقتـك السلامـه

أنتي قصّيدة غزل لاجيت أبكتبها // أغار من واحدٍ يتخيل أوصافكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن