في ذلك الصباح القاتم، حين استيقظت، شعرت بفراغ هائل في منزلنا. لم أجد له أثراً، وكأن ظله اختفى بسرعة البرق، تاركًا وراءه فراغًا عميقًا في صدري. شعرت بانتهاء كل شيء، ووجهي شحب من الهم والحزن، بينما كان قلبي ينبض بجنون، يبحث عنه في كل زاوية من روحي. الألم في صدري كان يزداد، وكأنني فقدت جزءًا مني. بكيت كطفلة صغيرة، لأنني أدركت فجأة أنني فقدته، ولن أتمكن من لمسه مجددًا. لن أعود لأتحدث إليه كما اعتدت، ولن أبتسم في وجهه، ولن أخبره عن أحلامي المستقبلية. لن أتمكن من تقبيله بلا حدود، أو احتضانه أو حتى لمس يديه بعد الآن.* ظهرا، اسفل الشقة
كنت أنتظر صديقتي، لكن فجأة ظهر رجل غريب يرتدي حمالة حماية على ورأسه، وبذلة سوداء وحذاء أسود، راكبًا دراجته النارية. شكيتُ بانه ادريان ولكني تجاهلته لبضع دقائق فكان هو يحدق بي ويلوح بيديه، فصفنت له للحظة وأنا في حالة من التردد وعدم الفهم. قال بصوت هادئ "اصعدي. "
جفلت في مكاني غير قادرة على استيعاب ما يحدث، وعيناي تراقبانه في دهشة. سحبني بقوة عندما لم أطع أمره، وصعدت معه رغما عني مستسلمة للأمر الواقع.
مرت لحظات ونحن نتأمل بعضنا البعض، نحدق ببعض الفضول. ثم خلع حمالته وابتسم لي ابتسامة دافئة جعلتني أبادله الابتسامة بلطف، شعرت بالارتياح وكأن شيئًا ما بيننا قد بدأ للتو.
مضى بنا أدريان في رحلة على دراجته الخاصة إلى بار خارجي في وسط لندن. كانت الأجواء هناك مليئة بالناس البعض يحتسون النبيذ، وآخرون يرقصون ببهجة هستيرية، تتلألأ وجوههم بألوان الفرح. لم تعجبني الأجواء كثيرًا، لكن وجوده بجانبي كان كفيلا بتخفيف كل ما في داخلي كان يقويني، يجعلني أشعر بالأمان، وكأنني أقترب منه أكثر مما كنت أتخيل.
وسط الزحام، بين الفتيات المراهقات وغيرهن من النساء الأكبر سناً، أخذني أدريان بين ذراعيه رقصنا سويا في تناغم كالفراشات التي تطير بحذر ثم تتنقل بين يديه. وعندما اقتربت منه قبلت شفته السفلى ثم العليا، جعلته يصرخ من الألم حين عضيت شفته، بينما كانت يديه تضغط على ظهري بقوة جعلتني أتشبث به، لا أريد أن يبتعد عني.
شعرت بالألم في جسدي، ولكن قربه، وحنيته ورائحته، جعلتني أتنفس بصعوبة بين يديه. كنت أشعر وكأنني لا أريد الحياة إلا في هذا القرب، وكأنني لا أريد أن أعيش إلا معه كل لحظة كانت كالسحر وكل لمسة كانت تجعلني أحب الحياة أكثر. كنت أتمنى أن أظل هكذا إلى الأبد، بالقرب منه، في سلام وفرح.
كنت واثقة من أن ادريان لن يتخلى عني أبدا، مهما كانت الظروف مررنا بالكثير من الصعوبات، ولكننا تخطيناها معًا، والآن هو سعيد لأنه أخيرًا وجدني بعد تلك الفترة الطويلة التي كانت صعبة علينا. همست في أذنه، ويدي حول رقبته: "وأخيرًا تعرفت علي ادريان."
أنت تقرأ
عاقبنيِ عن افعاّليِ
Poesiaفي طفولتهما الأولى والراقية، ربطت بينهما صداقة غير متكافئة: فتاة مخلصة، حنونة، طيبة القلب وهادئة المزاج وعاطفية جدا، تحب بلا شروط، وفتى حاقد، اناني وقاس القلب، منذ صغره يحمل أثقال عقده النفسية على كتفيه الصغيرين بسبب مشاكل عائلية دمرت ثقته بنفسه و ز...