"السادس عشر"

78 3 0
                                    

حَامت على أرضهَا سحايب الحزن والكرب,امتلى صدرهَا بأبشع المشَاعر الي تمَر الإنسان ويعجز يصدها,رفعت رأسها وهي تنَاظر فيه بعيون بَاكية وبدموع تحرَق وجنتيها: لِيه نطقت بالي مابعده مردود وترَاجع؟
سكَت وهو يقرأ عذَاب روحها وغصَة حلقها الي مرتكزَه بجوفها,أردفت السدِّيم بِين صمته: لِيه الحياة ملتبسَة ومستعصِية معي رغم أني أمرَن عباده فِيها؟
أردَف ألبدِر بنبرَة إطمئنان: وإن عيّت الدنيا تجينا على الكيف حنَا على درب الصبر تعودنا ولا؟
تنهَدت وغمَضت بصمت وهي تترَك الدموع تنسَاب بقِلة حِيلة,نطَقت بعد ما فتحت عيونها الي ذبحها الذبَل: كان أقصى الهموم فقد القلب للخلِيل والحين فقدت خلّ وقرِين
رفع يده وهو يربّت على كتفها ويطبطَب عليه: إذا هي على خلِيل من رَاح ماعليه محاسِيف وإذا هي على عضِيد عدِّيني ذاك السَند صحيح ماهو ماخذ محَل القرِين لكن لا أرتخيتي عليه مرخَاك على جبل
رفعت رأسها وهو تنَاظر في عيونه وتنصَت لحروفه تعجَز تستوعب الي صَار وحتى حروفه تمر بأذونهَا لكن تعجز تدركها روحها,أكتفت بالنظَر بعيون ضَايعه وتايهه وملامح خَاليه من كل تعبِير ..
يجهَل الخطوه التَاليه ويجهَل وش مخبي الكون لهم لكَن أردف: أجهَل ولاني أعلم الغِيب لكن محلك في دَارِي ترحَاب ولك مكانٍ في وسَط العِين وقلتها وماني من الي يخَلف ما قِيل,سكَت وهو يناظر في عيونهَا وهي يدرِي بين طيَات قلبه إن عيون ألمهَا ما تستحق ما صَابها وأعتلاها وهو مؤقن بكل اليقِين ما رمَى كلمته إلا وهو قاصد مافِيها,أردف بنبرَة ثِقة وطمأنينة:
أنتي بوجهي من الدنيا لا يلحقك خوف
‏مصيرها تضحك الدنيا لنا لو تضيق

‏ما دامني حي حطّيني بوجه الظروف
‏أنا الأبو ، والأخو ، وأنا الولد ، والصديق
أبتسمَت وهي تدرِي وهو يدرِي ما كَانت البسمة معنِيه مادام الحزَن طاغِي عليها لكَن أردفَت من بعد ما تنهَدت تنهيدة طويله كفِيلة بإبلاغه إنها في زحَام من الحزَن: ما مرنِي زمن وأعتقدت به إن نهايتي كذا أو حتى زواجِي بيصير بهالشكل والصوره توقعتنِي بفرح بالي يختاره لي قلبِي وتوقعتني بنخطَب بظروف أحسن من هالظروف بس القدر بكل مره عَازم على إنه يثبت لي مدى محبتَه في تعذِيب من يثق فِيه .. أبتسمَت وهي تناظر في عيونه الحَاده وتردَف: أقدر أبصم بالعشر حتى أنت ما توقعت زفافك سبَايبه ردّ كيد ونحَر وأسفه على الحَال الي بتّ فيه من وراي وأسفه لأني ما أوعدك إن أسعدك
أنصَت لها ومن دون ما يقَاطع كلامها لِين أنتهَت,نَاظر بعيونها وهو يهز رأسه بَلا جوَاب حتى نطَق: السعَادة والحزن شعور من الله وما عليهم جزَع لكن أوعدك يا بنت فيصَل إن ما جاك مني خير ما تجِي مني مضرَه
تنهَدت وهي تهز رأسها بإستجَابه وترَاجعت وهي تزحف للورَاء,وقفت وهي تزفر بضِيق وحزَن وتناظر في طريق الخيمة بهوجَاس ..
تكلم وهو يناظر محَل رؤيتها: أبوصلك لين تدخلِين وبرجع قبل يأذن الفجر نصلِي للخالق ونعقد القران إن يسّر الله مع شروق شمسَه
هزت رأسها بدون رَد وبدت تمشِي ناحية الخِيمة وهو يتبع خطَاويها وكلًا منهم يهوجَس بالي ملتبَس بصدرَه وروحه .. 
من أقبلوا على المكَان أستقبلهم نَايف الي كان يناظر فيهم بكل نظرَات التقزَز والإشمئزاز,أشر على السدِّيم تدخل بدون ما ينطَق بحرف بينما السدِّيم فهمت مقصده وتقدمت بصمَت وهي تدخل لداخل تاركتهم برا ومن دخلت أرتمَت على الأرض وهي تتأمل في المكَان وتاخذها روحها بالهوَاجيس وايش كان راح يصير لو ولو ..
نَايف من تيقن من إنه ما ضَل غيره وغِير غريمه نطَق وهو يناظر فيه: أتمنى تكون رجال وتوفي بكلمتك
ألبدِر هز رأسه وهو يردَف: ميعادنا قبل الشروق,قبل ما يسمع الرد ألتفت وهو يعَلن الرجوع لديَاره ..
"في مكَان مختلف وتحديدًا في بيت الدحَام"
سرَد ألبدِر كل الي صَار وجرى لأمّه وأبوه في مجلس البيت الي أحتوى عمَه وولده الي يعتبره بمثَابة أخوه: وبس يبه هذا الي حصَل والتالي تخبرونه رمِيت كلمة ولابد أوقف وراها
عمّه نطق بدون ما يتردد: وأنت ضعيف لأجل تنهزم وتحمل نفسك مسؤولية مالك لزوم فيها!!
أبتسَم ألبدِر وألتفت وهو يردف: لا بالله مانِي ضعيف ومانِي من الي يسهل غلبتَه ولو أني بغيت كَان لطتّه لوط الشَاه لكن عاد حمِيتها في وجهي وجاهِي من قبل لا يظهر أخوها ودامها ما زالت في وجهي وجب علي أسوي اللازم والمقدور
نطَق أبوه وهو يمسَح على لحيته: الي سويته ما وراه ردّه
ألبدِر هز رأسه بالايجاب: وماني ناوي الرجوع
نطَقت الأم بعدم أرتيَاح: بس يمه لازم هالحين تخطبها ما تخليها خطبة بالأصول والتقَاليد؟
ألبدِر مسك يد أمه وهو يطبطب عليهَا: هالحين مجبور لكن من أرجع للديره وهي معي وقتها سوي الي ودّك ويرضيك لو تبين أكبر زفاف بعد
أبتسمَت الأم وهي تشوف السعَادة في عيونه رغم إنها مستنكرَه سبايبها بس تدري ولدها متعود على نِيران الحميَة وأيّ فعل يجمل يسعد خفوقه ..
قَام أبوه وقاموا بعده جمِيع,أشر الأبو على ولد أخوه: شف المأذون الشرعي وقلّه إننا مستعجلين وألحقنا برا الديره
"بعد مرور فترة من الزمن"
أقبلوا جميعهم على مشَارف الخيام,فزّ نايف من سمع حسّهم وطلع: السلام عليكم
ردّوا السلام ومن دخلوا أرتفع أذان صلاة الفجَر,قاموا يصلون جمَاعه وبالداخل السدِّيم بدت تصلِي وهي مابين الخشوع والبكِي ومن خلصت قعدت قدَام سجادتها وهي تنَاجي ربها: يارب الخلق ما مَن جزع بعطائك وما عطِيت إلا الخير وما أطلب إلا تليّن قلب أخوي وما تكسَر خاطر أبوي ولا تجعلني علكة بلسان الشَامتين يارب أني ضعيفة وأنت رب المستضعفين يارب أني وكلت أمري لك وأنت خير الواكلين فأكتب لي الخير والتيسير,تنهدت وهي تسمح للدموع تنزَل بدون توقف ..
بالطرف الآخر ومن خلصوا جلسوا كلهم في حَالة من الصمت حتى نطَق المأذون: إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله,ألتفت لنَايف: قل وراي,يا ألبدِر بن دحَام زوجتك أختي السدِّيم
نَايف نطَق بدون تردد: يا ألبدِر بن دحَام زوجتك أختي السدِّيم
المأذون: على ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم,نَايف رَدد وراه ..
المأذون: وعلى المهر المسمى بيننا بعشرة بكار وضح و ٧٠ الف ريال,كرر نَايف اللفظ ثم سكت ..
ألتفت المأذون ناحية ألبدِر: قل قبلت وكرر ألبدِر اللفظ حتى أنتهى الأمر بالتوقيع على العقد وتوقيع الشَاهدين ..
نطَق المأذون: يارب وفقهم لخدمة بعضهم وبارك لهم وانزل عليهم رحمتك ليعيشا يإخلاص وسعادة وسلام بإذنك يارب العالمين .. ألف مبروك
ألبدِر قام وهو يبوس راس أبوه وعمَة ويصافح ولد عمه ومن وقف قدَام نَايف مد يده وهو ينطَق: لا يمرك الخوف تراها في ذرَى رجال ما يهَاب الموت وتهَابه خلايق الله جميع
نَايف ناظر فيه بتمعَن ثم صافحه وهو يهمَس في إذنه: لا يمرهَا الضيق ولا الزعَل حافظ عليها حتى من نسَايم الهوى وبرد السمَاء تراها عاشت في بيت ما يسمَح للحزن يداعب جفونها لا تذوقها الحزن يا ألبدِر
ألبدِر هزّ رأسه بالإيجَاب وأبتسم: صَارت زوجة ألبدِر وواجب عليه يحميها لا توصِي .. نطَق بعد صمت: ماودك توادع أختك؟
نَايف هزّ رأسه بالايجاب ودخل الخيمة وهو يشوف السدِّيم كانت جالسه ومن لمحته فزّت وهي تردَف بعتب: هقيت كل زحول العرب يخطؤون إلا من جابته أمي وأثريّ كنت غلطانه بكل هقواتي
نَايف كان يناظر في عيونها في صمَت لين نطق بتضييع للموضوع: هالله الله في بيت زوجك لا يمره منقوص ولا عذروب خليهم يدرون إنهم خذوا بنت كبار القوم
ضحكت السدِّيم وأردفت: لا تخاف لا دخلت في الدَار عرفت كيف أديرهَا بالأخير ما تربيت إلا على الطيب ولا الردّى ماهوب بيجي مني,تقدمت ناحِيته أكثر حتى وقفت قدام وجهه: مصِير الدنيا بتظهر الحقِيقة ووقتها بتندم ندم العمر كله لكن تدري؟,مايفيد الندم لا فات الفوت صحيح الحِين جوفي يحترق بس يا ولد أمي تراه لا رمَد ماعاد بيفيد الأسف والإعتذار ولا حتى الخضوع
نَايف ألتزم الصمت وبلا أيّ تردد أخذها على صدره وهو يشّد عليها بكل قوته ويحضنهَا وكأنه آخر حضن يدَار بينهم ..
نطَقت وهي على صدره ودموعها تنزل بلا إرادة وتحكم منها: وش راح تقول لهم؟
نَايف تنهد وهو يبعدها وينَاظر في وجهها لوهَله وهو يحفظ كل تفاصيلها,رفع يده وهو يمسح مدَامع عيونها: ابدي صفحة جديده وحياة جديدة خالِيه من البكي ولا تشيل همّ شيء ثاني
السدِّيم دفعت يدينه عنها وتكلمت بغصَه: وش راح تقولهم جاوبني؟
نَايف سكت وهو يناظرها وأردف بعد وهَله: زوجتها وأنتهى
السدِّيم ضحكت بشكل هستيري وهي تنَاظره,ما تحمل منظرها ورجع يحضنهَا وهو يردف: كفَاية بكي كفَاية هلاك ووجع لنفسك حصل وأنتهى ومايفيد كثر الدموع الحين
السدِّيم سحبت نفسها من بين يدينه ومسحَت وجهها وهي تناظر فيه بكُره: قبل لا ترحَل وأرحل أسمح لي أقول خاتمة هاللقاء والله ووالله والي رفعها سبع وأبسطها سبع ماراح أنسى جرحك الي وسمتّه بصدري وإن كأنك سويت حسنّه هي أنك حطيتني على ذمة الي أرجل من السند,أبتسمَت وهي تناظر فيه وتردف: فمان الله يا نَايف .. تقدمَت ناحية الباب وهي ترفع شيلتها على رأسها وتتلثم تاركه ما يتضَح منها غير عيونها شبِيهة ألمهَا الي ورغم الحزَن والتعب لازَالت زاهِيه نادت بصوت نَاعم طاغي عليه الحزن: يا ألبدِر؟
من سمَع حسّها وأسمه فزّ وهو يتقدم ناحيتها,وقف قدامها وهو يتأمل عيونهَا رغم كل كوَارث الباري فيها لازَالت تسبِي قلوب الناظرِين تبسَم لا إرادي:
لبيّه قليّ وش الي تطلبه قلّي
قلّي وش الي تبي وأبشر بمطلوبك؟
السدِّيم ناظرت في بسمتَه وضَلت تناظر لوهله في سهَى لين أردفت: ضَاقت بي الأنفاس بِين هالأرض خذنِي من هنا ماعاد للروح رغبة بالوجود في دارًا ماتبيهَا
أشر على خشمَه: على هذا,مشينا ..

أنتي قصّيدة غزل لاجيت أبكتبها // أغار من واحدٍ يتخيل أوصافكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن