أركُضُ في العيدِ بينَ الخيَمِ مع أطفالٍ حالهم كَـحالي . البعض يَتامى و البعض ضِياع، نلعبُ تحت القَصفِ بِملابِسَ مُمَزّقةٍ ، مُلطّخةٍ بِدِماءِ النُبُلِ و الشَرَفِ . و على مَحيانا إبتِسامةٌ يُمحيها الرَصاص شيئاً فَشيئاً .
أمامَ كُلِّ مَغيب شمسٍ أبدأُ بالبُكاءِ ، خَوفاً مِن عَتمةِ اللّيلِ . أنام بحضنِ أُختي الكُبرى متشبثةً بها و بِدُبي المَحشوِّ . عِلماً بي أنني إن نِمتُ ، قَد أستيقظُ على دِمائِها منتثرةً من حَولي . و لعبتي حينها ستكونُ متآكلة.
كم أتمنى تَوقّفَ الحَربِ ، لا أعلمُ ما هو الذنب الذي أقترفناه . ويا ليتَني أعرف غَلطتي ، كنت لأذهب و أعتذر فهذا ما ربتنا أمي عليه.
أحمُدُ الـلّٰــه على كلِّ شَيء ، لا أريد سوى رُأية والداي . كم أرغب أن يَعود بلدي كَما كان في السابِق ! المُدُن ، الحدائِق ، الطرقات ، المباني ، المتاجر ، كلها الآن مجرد رُكام في باطِنِه مئاتَ الشُهداء مَجهولي الهَويّة .
وَصَّتني أُمي أن لا أهاب المَوت ، فهنالِكَ حياة أجمَل تنتظِرُنا . حياة آمنة ، مليئة بالسلام و المحّبة ، حياة خالية مِن الحروب ، خالية من الحِقد و الكراهية . حياة لا يَعيشها الّا المؤمنون .
علّمني والداي القرآن الكَريم و الصلاة قبل رَحيلِهما ، علماني بَعض أحكامِ التَجويد قَبل أن يتحولا الى جثثٍ - رحمهما الـلّٰــه - . حفظت و أختي سُوَراً مِنَ القُرآن
في بَعضِ الأحيانِ أفَكِرُ ، هَل هَذا كُلَّهُ مُجَرد حُلم بَشِع سأستيقظ منه يوماً ما ؟
أرجو أن يَكونَ كذلك !لم أسمح لسنةٍ واحدةٍ تحتَ القَصفِ أن تُمحي طُفولَتي و ابتِسامتي . و لن أسمح لجُنديٍ صُهيوني بسَلب الحَياةِ مِن عَيناي. لن أتَوَقَفَ عَن اللّعِبِ حَتى لو لُطّخت يدي بِدِماء شهدائي .
ففي النِهاية سَأكون و أختي شهيدتان . و الجَنّة ستكون مسكَنناً لجميع الشُهَداء . و كُلُّ صُهيونيٍ سَيَقضي آخِرَتَهُ في جَهَنم ، هذا ما قاله لي بابا .
و فلسطين حَبيبَتي ، سَتتحرري لا تخافي .
YOU ARE READING
أُحجِياتُ ؛ مِن عُمقِ الواقِع .
Short Storyأهلاّ فيكم پأول أَعمالي ✍🏻✨ "أُحجِياتٌ مِن عُمقِ الواقِع .. " . - كَم رائِعةٌ هذِه الدُنيا ! مَليئةٌ بِالألعابٍ العَميقة . أُحجياتٌ ليسَ كُلُّ مَن يحاولُ حَلّها ينجح . . - خلف كُلِّ حائِطٍ بَشَرٌ تحيطُهُم هالاتٍ هُم مُلَونوها . فلِما نتمسك بألوانٍ...