"الثامن عشر"

77 2 0
                                    

مع شروق الشمَس بأشعتهَا الذهبِية الي كست الحقَل وأنعكسَت على الزهور المتفتحَة,فزّت من بدأ ضوء الشمَس يتخلل البيت والستَاير ناظرت في النور بتمعَن وهي مبتسَمه ثم قَامت وهي تتجهز بلهفة وأرتدَت جلابيه بنظَام فستان باللون الكحلِي ولكونه بالمنتصَف الصدر مكشوف زينت رقبتهَا بعقد ألمَاس عتِيق وأنِيق وتركت شعرها المذهَب على طبيعته المعتاده غير إنها كحَلت عيونها الملفته ووردّت شفايفها المرسومة,تعطرَت شوي ثم طلعت وهي تربَط إسوارة يدها وتمشِي بحمَاس للفلا وهِي على ثِقة وإعتقاد تام جلِيس دَارها بيزورها بعد ليلة الأمَس ..
كَان مثبت المنبَه على من تحتَد الشمس في فترَة مابِين الصبح والظهَر,قَام وهو يناظر في رجَله ويثنِيها ويحركهَا بسلاله,فتح اللفه وهو يدهن عليها بالمرهَم ويرجع يلفها بالشاش ومن خلص قام وهو يلبس ثوبه ويجهز بثوب أبيض وشمَاغ أحمر بترسيمة بنت البكار ويتعطر ويطلع بعد ما أخذ جواله وسبحته,وهالمره توجه للفلا بالسيَاره بدال الأدهَم ..
وصَل وقلبه على الجيّه ملهوف وكأنه بيقابل الملاذ والتريَاق,وقف السياره وقفلها ونزل وهو يمشِي على مهَلة وراحته ومن وصَل للفلا أبتسَمت أسارير وجهه من شَافها بكامل زينها معطيته قفاها,تقدَم ناحيتها بهدوء لأجل يفاجئها بجيته ..
من مرَت ريحته لجيوبها أبتسمَت وهي تنتظرَه يقترب أكثر ومن حسَت بوجوده خلفها تمامًا نطَقت بعذوبة صوتها: ما تحس إنك أبطِيت؟
توسَع مبسمه بالإبتسَامه الي شقت مُحياه: نفهم من كذا إن بنت البهَاء أشتاقت لنا؟
لفت وتلاقت عيونها بعيونه وتكلمت وهي تناظر عيونه: هذا سؤال ولا الي روحك تودّه؟
بَارق ضحك بإنهزَام قدامها: وأنا ماعندي فرصَه أنجح قدامك؟
مِيرَال تقدمت أكثر ناحيته وهي تهزّ رأسها بالنفي: ليه ما ودّك تنهزَم؟
بَارق أبتسَم وهي تقرَب ناحيته وتأمل حَلاها وحلا لبسهَا الي مَاسك على نحلِها الفَاتن ورقبتها المعنقَة الي ما زَادت العِقد إلا حلا وبهَاء تأمل كَل ما فِيها من أخمص رجليها لِين رموش عينها وهو مبتسَم ..
كَانت تستشعر نظرَات عيونه وقلبها يداعبهَا من زود التوتر والحيَاء همسَت: ماشبعت؟
بَارق تكلم وعِينه على شفايفها الي همسَت: من؟
مِيرَال حطت عينها بعِينه وهي تردف: الي تسويه بعيونك الحِين؟
بَارق هز رأسه بالنفِي: لا بالله لكن إن كانه مزعج خفوقك أبشري أنهِيه الحين؟
مِيرَال أبتسمَت وتقدمت من جنبه وهي تقعد على صخرَه كبيره و تضم رجلِيها وتتأمل في الفرَاغ: أنشدك عن شيء؟
بَارق ناظرها وأردف بثقه: بكل ما ودك بعد
مِيرَال لفت تناظره: وش الي يجرَك لهنا ووش الي يتسبب بأفعالك يصير أعرف؟
بَارق تقدم ناحيتها وأنحنى وهو يجلس بقربها: يجرنِي ويتسبب بكل شيء قلبِي الي عجزت أفهم وش الي صَابه
مِيرَال ناظرت في عيونه وهي تدور عن الحقِيقة في جوفها: بَارق كنت هَايم وعَاشق ومن فرط العِشق دمعاتك تطِيح على خدك كِيف تجردت من كل هالمشَاعر وأستوطنتك أنا؟ تنهَدت وهي عاجزه عن تصديقه وتكذيبّه: أحكي معي بالي يدخل في العقل لا تتوهنِي في سراب
بَارق تنهد وهو يدرِي معها الصواب في الشَك والخوف والتساؤل وسَكت وهو يجهل الرَد لِين نطق بعد مده من الصمَت: عجزت ألقى لشعوري تفسِير وتبرِير يبتهَج الوجد في وجوده معك وتنمحِي الهموم من داخل العقل ولا أستشعر شيء بهالدنيا كلها غِيرك مدري وش صابنِي منك لكن صابنِي رمح ما أخطى مرمايّ
مِيرَال سكتت وهي تنصَت له ثم ناظرت بعيونه: صَابك الرمح على وجدانك ولا على الشعور الي بوجدَانك؟ صَابك بشكل منفرد ولا صَابك وبعثر مشاعرك مابِين ودّك وفراقك ومابِين حصولك على العوض؟,سكتت وهي تتأمل عيونه الوسَاع كثيفة الرمَش ودقنه الي أنغزَى بكثافة لحيته نطَقت بتردد: بَارق ماني من الي تعرفهم وماني من الي بياخذ أحد ماهو له أو حتى مكان ماهو له إما أنوجد في دار كل مافيها لي ولا يحرم علي مقعادي فيها
نطَق بَارق وهو يتأمل عيونها الي قادره تسبِي روحه وعقله ويصِير رهن يديها:
دَامك زرعت الحب في داخلي ورد
أنا مابي غيرك من الناس يسقِيه
تنهَدت مِيرَال رغم الإبتسَامة الي مرت في محياها ونطَقت بقلق: بس هالحب مزروع من قبل جيتي على دنيَاك!
بَارق نطق بتأكيد لمنطوقه: حال لساني الحين مثل حَال من قال "إن كان الله أحياني وأحياك إنك وليف القلب ومحدٍ خشيرك"
مِيرَال تنهَدت بإستسلام للشعور الي مر وجدَانها وأبتسمت وبعد مدَه من الصمت نطقت بنبرَة تردد: ووش عن باقي المشاعر الي محاوطة أسوار قلبك؟
بَارق أبتسم وعينه عليهَا: مالها وجود بِين أثرَك وضيّ عينك
"في مكَان مختلف وتحديدًا في سياره عمّ فيها السكون"
الاجواء محتدَه ومتوترَه والصمت طَاغي على مضجعهم,تلفتت ألبدِر وهو ينَاظر بالي قاعده بجنبه بصمَت ثم ردّ عينه للطريق وأردَف: مابغِيت أجبرك على مشهد وموقف قلبك مو مستعد له واستأذنت من أهلي نضل هالليله في المدينه ونرجع للديار من ترتاح روحك
السدِّيم كانت عينها على الشبَاك تتأمل الطرِيق الخَالي والسماء الي أرتزّت فيها شمس الرحمَن,هزت رأسها وهي تسمَع حكيه: يعطيك العافيه ما قصَرت
ألبدِر أستشعر عدم رغبتهَا بالحكي لكن أستشعر وجوب البَلاغ عليه: ماودّي أوجع رأسك بكثير الحكي والمعلومات غِير عاد لابُد تعرفِين بيتنا ماهو مثل ما تعودتي وكبرتِي كل ما ضَاقت وسايع الله أعتلِيتي الخيل ودرتِي به وإن كان متعوده على رفقة ومعَاشر عذيبين اللسَان أبشرك الي بينا لسانهم غليظ وإن كَانت أيامك تمر في رَغد ولِين كان الله بعونك حريمنا يأجرون على كثر تعبهم لكني ما أجبرك على التقديم والبذَل وكثر الشقى بس أجبرك على طاعة أمي وأمي وأمي ومن هو غيرها ماعليك فيه شرهه
السدِّيم كَانت تستمع له وهي عَاقدة حاجبيها,لفت ناحيته وهي تنَاظره بملامح مستنكرَه: أنت عن أيش تنشدّني؟ لا يكون عن الطيّب!!
ألبدِر سكت وهو ينَاظر في ملامحها كَانت نواياه خِير لكن أدرك إن سيَاقته للموضوع بلا دَاعي ..
أردفت السدِّيم وهي تناظر فيه:
أبوي ربانيّ وعلمني الطيّب
وقال أسمعي يابنت علمٍ مبدا

خلي مقامك مرتفع عن هل العيب
ضعاف النفوس الي رداهم تعدّا

أنتي حفيدة حافظين المواجيب
شيوخ في صدور المجالس تبدا
لا تنشدنِي ياولد دحَام وأنا حرة من مواكير الأحرار معربٍ ساسي وما دنَس ثوبي العِيب
ألبدِر أبتسَم وهو ينصَت لها وهز رأسه بإيجَاب وهو يردف: ونعم فيك وبسَاسك وأصلك يابنت العلِيم ..
مر باقي الوقت من صمَت لسكون أعظَم حتى وقفت السياره قدام فندق ونَاظر ألبدِر في السدِّيم الي سَانده راسها على الباب وغَارقه في سُبَات,رفع يدينه وهو يحَاول يعدل من سدحتهَا لاجل ما يطِيح رأسها لا فتح بابها ومن تيقن من أنها بموضَع أفضل نزل بعد ما قفل السياره وهو يتقدم ناحية بابها,فتَح الباب وسحبهَا ناحِيته من حَاوطت ذراعه رقبتها وقف يتأمل ملامحها بتمعَن,بيَاضها فتّان ورمشهَا كثِيف ما كأنه غِير غِيم تحمِي ندَاها خشمهَا مسلول سَلة السِيف ومتورَد رأسه ووجنتيهَا بإحمرار أما مبسمهَا دقِيق ومنتفَخ وما ينمل كثر النظر له,أبتسَم وهو يشوفها في سباتها كأنها طَفل ..
أنزعجت من وجود ذرَاعه حول رقبتها,تحركَت بإنزعَاج ومن تعورت تعكرَت حواجبها وتعقَدت,فتحت عيونهَا وتوسعَت برهبه وخوف وبحركه سريعه بعدت يده عنها وهي تردف: وش الي تسويه!
ألبدِر شَال يدينه وناظرها بإستغرَاب: علامك يابنت سمّي بالرحمن!!
أحنَت رأسها ورفعت كتوف يدينها وهي تمسَح على وجهها ورجفة غرِيبه مرَت بيدينها,تنهَدت وبعدت يدينها عن وجهها وهي تنطَق برجفه: ل ل لعد تقرب مني
ألبدِر هزّ رأسه بالإيجَاب وناظر في الفندق ثم رد نظره لها: وصلنا أنزلي
ألسدِّيم ناظرت حولينهَا وهي تدور شنطتهَا وأدركَت إنها ما أخذت معها شيء,تنهدَت ونزلت وسكرت الباب وبدت تمشِي بجَانب ألبدِر لحدّ ما دخلوا غرفة الفندق الي كَانت عباره عن غرفة نوم وصَاله ومطبخ مصغر ..
تقدَم ألبدِر لغرفة النوم وهو يشوفها قاعده على طرَف السرير وبالها منشغَل: لا ينسرَق البال بين طيَات الهواجيس ولا يتبع قلبك عسر وكدَر أسمحي للمنام يعانق جفونك وأرتاحي وكأن كل الي صار ما حصل
كَانت تنصت لحكيّه لين ما أنتهَى ورفعت رأسها وهي تنَاظره ودمعه في عينها لازَالت متجمده: ضَاقت علي الدنيا من كل جهة وما أظن من بعد هالليل العين بتعرف لذّ المنام
تقدم ناحيتها ومن وقف قدامهَا أنحنَى وهو يرفع ثوبه ويصير بطولها:
لو ضيقّوا عليك في أربع جهات
أصنع جهة وأدهشهم وكمل مسيّر

أظفر بذاتك في زمن فقد الذوات
وأصنع لنفسك درب منقطع النظير
لا تخلين من أنتظر طيحتك ينَالها ولا تعطين من ترَقب إنكسارك يلمحه إن كان زواجنا بنظرتك سوء خليّ هالسوء بدايه لصفحة تابعها جمال وحلا وإن كان روحك زاحمهَا الكدر أفتحي قضبان صدرك وخليها تهِيم لِين ما يتجدد هواها بالفرح
السدِّيم أكتفت بالنظر في وجهه مو لعدم رغبتها بالرد لكن ما توفرت الحروف الأنسب بالنسبة لها,هزت رأسها بإيجاب وتلفتت وهي تكسَر النظر بينهم ..
قَام ألبدِر وناظر في السرير ثم ردّ نظره لها: أرتاحي الحين ونامي بدون ما تفكرين لا في التالي ولا في الي مضى ولا بغيتي شيء أمريني
السدِّيم ناظرت فيه وهزّت رأسها بإبتسامة متصنعة اما هو مشَى تاركها في حَالها,ناظر في الكنب وأنسدح عليه بعد ما شَلع ثوبه ومجرد ما غمض عيونه سَارت به الهواجيس وغطت عيونه في سُبات ..
على عكس السدِّيم الي من تسكر الباب وقفت وهي تنَاظر في لبسها وتستذكر شعورها وهي تستعد وتجهَز لهاليوم ومرتها إبتسَامة وهي تستذكر شعور الفرَح الي كان محاوط روحها والان تجرد وما ضل له أثر,تنهدت وأنسدحت على السرير وهي تتقلب يمين وشمال في محاولة لأجل تنام وبعد محاولات عدّه غفت على روحها وهي تتأمل شعَاع الشمس البارز بين أطراف الغرفه ..

أنتي قصّيدة غزل لاجيت أبكتبها // أغار من واحدٍ يتخيل أوصافكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن