"التاسع عشر"

67 3 0
                                    

أحتدّت الشمس بـ لونها الخلّاب وكسّت جدران الغرفه بإنعكَاس نورها تَاركة ألعُلا تفرك عيونها بإنزعَاج وقلق: وهَج بطلي تحركين الستاره!
وهَج كانت ممسكة بطرف الستارة الستّان وتحركه يمِين وشمال وهي تضحك: يالله قومي وأترك عنك هالنوم
رفعت رأسها وهي تغطي عيونها بكفوف يدهَا,سحبت المخده ورمتها ناحية وهَج: يا أم القلق والإزعاج قمت خلاص وقفي عميتي عيوني!!
وهَج مسكت المخده قبل ما تصفع وجهها وتقدمت ناحية الباب وهي تشغل كافة الأنوار وترمي المخده على عُلا وتهرب قبل ما تهِيج عليها عُلا ..
عُلا تنرفزَت ومن صفعت المخده فيها صرخت: والله إن قمت عليك إن ما تلحقين خييرر .. ناظرت في نفسها من إنعكاس المرايا وهي تشوف شعرها منكوش ومنظرها بشّع نطقت لاإرادي: وعوه وشذا البشاعه
قبل ما تهّم لأجل تقوم وتتعدَل وصل لمسامعها صوت أمها الي أردفت بصوت عالي: عُلا يكفي هالنوم قومي
نطَقت بنبره عاليه: قممت قممت!
أتجهت ناحية الباب وهي تقفله وتنفذ طقوسهَا اليومية الي أعتادت عليها بعد ما تصَحى ..
في مكَان ثاني وتحديدًا عند ألصَقر الي كَان يماشي أبوه ومتجهين للمسجد أردف وعينه على الطريق: أبوي تراني ودي إنك تخطب لي ألعُلا بنت ألفهد
توسعت عيون أبوه من الصدمة وألتفت ناحيته وهو يمسكه من يَاقة ثوبه ويضغط على نحرَه: خلصوا بنات حوَاء وما حطيت عِينك إلا على بنت غرِيمي!!
ألصَقر هزّ رأسه بالنفِي ورفع يده وهو يمسك بيد أبوه ويحاول يبعدها عنه: لا يبه تراك فاهم خطأ أسمح لي أوضح لك!!
دفع يده ودفعه لورَاء وهو يردف: وش توضح وش توضح وأنت تبي تخلينا نسايب
ألصَقر ضحك ونَاظر أبوه والخبَث يتطاير من عيونه: ما تعرف ولدك؟,لا تحسب أني أبيها من فرط زينهَا وحلاها أبيها عشان أحرق قلب ألفهَد عليها
مرَت البهجة في خَاطره من عرف الغَايه وراء رغبة ولده ونطَق بفرح: أي يبه أي عفيّه
ألصَقر وقبل ما يدخلون المسجَد ناظر في أبوه وهو يردف: وش قلت بتخطبها لي ولا؟
نَاظر فيه وأبتسم ودخل بدون ما يرَد,وبعد ما خلصَت الصلاة تقدم ناحية أبو رمَاح وهو يحط يده على كتفه: السلام عليكم
ألتفَت أبو رمَاح ويده تلعب في سبحته: وعليكم السلام ورحمة الله يا هلا بأبو ألصَقر يا هلا
أبو ألصَقر أبتسم له بوجه بشوش: هلا فِيك كيف الحال والدنيا معك؟
أبو رمَاح هز رأسه بإيجاب: نحمد الله في مسرَة ورضا وأنت عسى علومك غانمه؟
أبو ألصَقر ربّت على كتف ألصَقر وهو يردف: مادام الواحد عنده طير شلوى ماعليه خوف
أبو رمَاح ناظر في ألصَقر: أنشهد صدقت ألصَقر مجمل ربعه وأهله ورافع رأسهم بعد
أبو ألصَقر: هالله الله ما ينقصه غير بنت الحلال الي تكمل نَاقص دينه
أبو رمَاح: بنات العرب واجد وما ظنِي في منهم الي بترفض ألصَقر ويستاهل ألصَقر بنت الأجواد الي تصون بيته وترعَاه
أبو ألصَقر: صدقت ولكذا إحنا قدامك اليوم يابو رماح
أبو رمَاح ناظر بإستغراب: وش الي تلمح له؟
أبو ألصَقر: جايين نطَلب القرب منكم وناخذ الحرّة لـ ألصَقر
أبو رمَاح أبتسم وبَانت البهجة على ملامحه: هذي والله الساعة المبروكه لكن يا أبو ألصَقر أنت قلتها حرّة والحرّة ما تنجبر أمهلني يومين أنشد البنت وإن تمم الله حياكم
أبو ألصَقر هز رأسه برضَا: أبد حقكم أنشد البنت وأنشد عن ألصَقر بعد ما جيناكم غير إننا شاريّن بنت الرجال بالي هيّ به
أبو رمَاح ضحك وهز رأسه: مرحبابكم مرحبابكم والله يكتب مافيه الخير لنا ولكم
أبو ألصَقر: ما نطول عليك لكن لا تبطون علينا بالرد
أبو رمَاح أشر على خشمة: إن شاءالله,من مشوا من قدامه توجه للبِيت وهو مبتهَج وقلبه من فرط السعَادة بيطير من بين ضلوعه ..
وهَج تقدمت وبَاست رأسه من شَافته جالس بوسط الصاله,وقفت وهي تتمعَن في ملامحه: أشوف أبو رمَاح مبتهج عسى ما شرّ؟
الأبو ناظر فيها وهو يضَحك: وأنتي ما تتوبين عن الشقى كأني أشوفك أشقيتي أختك؟
وهَج زمَت شفايفها وجلست بجنب أمها: ما تشوفين زوجك يتهمنِي بالباطل؟
الأم ضحكت وضرَبت يدها: أصّ يابنت عيب وبعدين ما قال أبوك إلا الصدق
وهَج وقفت وتكتفَت وهي تناظرهم: بعتيني يا أم رمَاح وأنتي الي قايلتن لي أبطّت ألعُلا أزعجيها لين تقوم
ضحك الأبو والأم على حركَات وهَج وأردف الأب: هاليومين محد بيقول لعُلا شيء هي تأمر والكل ينفذ
بهالأثنَاء نزلت بكَامل زينتهّا وهي لابسه فستَان أسود ممسَك على جسمها وفوقه قطعه زيّ العباه سودَاء ومزينه بزخَارف سدو بالبيّج وبعضها رمادي وتَاركه شعرها على جنبها الأيسر ومتبخرَه بكسرة عود تركَت ريحتها تعّم بالمكَان,من سمعت حروف أبوها أرتسمَت الإبتسَامة على محيَاها وتقدمت وهي تبوس رأسه ورأس أمها وتجلس بينهم: سمعتي أبوي ياوهَج لا تكسرين كلمته
وهَج تربعت على الأرض مقابلهم: ماني من الي يكسر كلمة أبوي
ضَحك الأبو ورفع يده وهو يمسَح على شعر عُلا: بسم لله ماشاءالله كيف أصبحتي؟
ألعُلا لفت وهي مبتسَمه وتناظر عيونه: بتمام ورضا وهو الي يصبح ويمسي على شوفتك وشوفت الزين كله كيف ما يمليه الرضَا؟
أبتسم وناظر في أمهم: عودتيهم على الهرج الزين الحين وشلون أستأمنهم في بيوت رجالهم؟
وهَج أردفت وهي تضحك: ماعليك تراني ناشبه في ذرَاك لين ما تطردني من هالباب
الأم ناظرت في وهَج: لا بالله بسم لله عليك لا تنشبين في ذرَى أحد غير زوجك
ألعُلا عقدت حَاجبينها وألتفتت ناحية أمها: ووش فيها لا بقت في ذرَى أبوي ولا تبينه لك لحالك؟
الأم أستحَت وتوردَت خدودها رفعت يدها وهي تضرب فم عُلا: أقصري الهرج الي ماله داعي
وهَج بضحكه: أستحت أم رماح أستحت
الأب ضحك عليهم ثم نَاظر في عُلا: وشهو حالك لاقلت لك إن في بابك خطيب؟
ألعُلا ناظرت بعدم فهم: كيف يعني خطيب؟
وهَج توسعت عيونها من أستذكرَك ألصَقر وحطت يدها على فمها ثم ناظرت في عُلا: يعني في أحد خاطبك يا ثولّه
ألعُلا لفت وهي تهَاوش وهج: ماني ثولّه يا الملسونه
سكتت وهي تستوعَب الأمر ويمَر بعقلها كلام ألصَقر بالأمس ملاها التوتر وقَامت وهي تناظر أبوها: منهو الي خطبني يبه وأنت وش قلت لهم!!
الام مسكت يد أبو رمَاح: عساه ولد حمولة؟
الأبو ناظر في عُلا الي تهّز رجلها: اقعدي أنتي بالأول وبتعرفين كل شيء واذا هي على الحمولة والنسب ونعم النسب
ألعُلا قعدت على طرف الطاوله وتهزّ رجلها بتوتر وبنفاذ صبر أردفت: منهو يبه!!
الأب ناظر فيها وهو يقرأ ملامحها ثم أردف: ألصَقر ولد مشاري جارنا الجديد رجال وعليه العِلم طيب أفعال وقول وش قلتي؟
من مر بمسَامعها أسمه دبّ في جوف صدرهَا شعور أستنكرَه بدنها لدرجه تسَارعت نبضات قلبها ومرها مغَص في معدتهَا ..
الأب ناظر فيها وهو ينتظَر الرد ومن شافها سهَت نادى بإسمها: عُلا!
فزّت وهي تناظر فيه: لبيه؟
أبو رمَاح تقدم ناحيتها وهو يمسَك بيدها: شبلاك يبه؟ مانتي هاويه للزواج؟ تراك مانتي مجبوره على شيئًا ماتبينه ولا تخافين ما أعطيتهم رد لان الرد لك أرتاحي وأستخيري وما بغيتيه بيصير فهمتيني؟
عُلا ما كَانت مدركه لكلامه وحروفه ونطَقت بدون وعِي: موافقه
أستنكَر الرد والموافقه وأردف: وش قلتي!
عُلا ناظرت في عيونه وهي بقمَة الحياء والخجَل وأستوعبت كلامها وما قدرَت تنطق بشيء ثاني غِير إنها أتخذت من الهروب جوَاب,مشّت بخطوات سريعه وهي تطلع من بينهم وتدخل الغرفه وتقفل الباب ..
سنَدت نفسها على الباب وضحكَت وهي ترفع يدها وتحطها بمحَط أيسرها الي يرجَف ويدق: سوَاها وليفك وجاء يخطفك من بين الضلوع؟ ..
في مكَان أحاسيسه تنَاقض البهجة والفرَح,فتح شوي من الباب وهو يلقِي النظر على أمه الي غَاطه في المنام على غِير عادتها استنكر شوفتها بهالحَال وتقدم ناحيتها لين وقف فوق رأسها,رفع يده وهو يلامس كتفها ويهزّه بخفه: يمه؟
دبّ الرعب بصدَره من شَاف عدم الرد والاستجَابه وهزّها بقوة أكبر وهو يرَدد "يمه",حَاوطت يده جبينها وخَاف من شافها محمومه ..
طَلع بدون وعِي وهو يجمع بين يده اكثر من ورقة منديل ويبللها بالماء ويحطها على جبينها: يا جنتي؟
بدت تهمهم بتعب وأسى وفتحت عيونها من برودة الماء: تمِيم يمه وش تسوي هنا؟
تمِيم أبتسم وتنهَد براحه وهو يردف: كيف وش أسوي وين محل تمِيم إذا ماصار بين حضنك ويديك؟
الأم رفعت نفسهَا وهي تسند ظهرها على جدار السرير وتناظر فيه: أنشدك صادقه يمه وش تسوي هنا؟
تمِيم مسك يدينها ورفعها لمحياه وهو يبوسها: يا جنة الدنيا ومن عليها حاوطتك الحمى كيف ما تبيني أجيك؟
الأم رفعت يدها ومن لامست المناديل المبلله نزعتها من رأسها وأبتسمت في وجهه: لا تخاف يمه حمى خفيفه الحين تروح
تمِيم هزّ رأسه بالنفِي: لا يابعد روحي لا نطلع المستشفى وأتطمن عليك أول بعدين اتاكد انها خفيفه
الأم شدّت على يدينه: يمه أوصيتك على شيء أهم روح شوفه إما الحمى تراها حمى الشوق الي تصيب القلب وتعلّه ماهي حمى البدن
تمِيم أشر على خشمه: أبشري لكن اول المستشفى يا أم تميم
هزت رأسها بالنفِي: مالي خاطر بالذهاب له خلني في بيتي أداوي البدن وأنت لا تبطي علي بدوا الروح
تمِيم هز رأسه وهو مؤقن ماوراء كلامها رجوع: أجل بجيب لك طاسه وكماده وكمدي رأسك زيّن والحين بسوي لك أحلى ساندويش تونه وبياله شاهي يحبه قلبك عشان تاخذين خافض الحراره زين كذا؟
أبتسمَت برَاحه ورفعت يدها وهي تمسَح على رأسه: الله يخليك لي ولا يوريني فيك مكروه زين يا نظر عيني زين
قَام تميم وهو يطلع من المطبخ طَاسة ويعبيها مويه بارده وياخذ بيده الثانيه قماش خفيف ويتقدم ناحية الغرفه ويحطهم بجنب رأس أمه: هذي الكماده جهزت ها يلا يا جنة الروح حطيها على رأسك لين يحّل عنك السقم
الأم غطسَت القماش في الماء وعصرته خفيف ثم حطَته على جبينها ومن شَافت تمِيم أبتسم وراح غمضَت عينها وهي برضَا عن فعايل ضناها ..
تمِيم حضر الساندوتش وشالها وبيده اليسرى محتوي كوب الشاهي وبين أنامله شريط خافض الحرَارة تقدم ناحية أمه وحطهم عند رأسها: يابعد حييّ هذا الدواء والاكل بالأول كلي الساندوتش كله واشربي الكوب عقبه خذي حبتين خافض حراره وإن بغيتي شيء دقي علي وماني مبطي عليك كلها شويات وراجع
الأم شالت الساندوتش وبدت تاكل منها: تسلم يدينك ولا تخاف تراني بخير روح يمه روح خلص الي وصيتك عليه
تمِيم: كيف ما نخاف عليك تراك وصية أبو تمِيم لنا تبين القايد يرجع من السفر ويشوف زوجته متبهذله والله ان يذكيني لعيد الاضحى بدال الاضحيه
مرت الضحكة بمحياها من منطوقه وأبتسمَت وهي تشوفه يمشي وطَالع تاركها,عَادت نظرها للأكل وبدت تأكل وبالها مشغول والهواجيس تلعب فيها لعب الرياح بالورق ..

أنتي قصّيدة غزل لاجيت أبكتبها // أغار من واحدٍ يتخيل أوصافكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن