بعد مدة من الزمن إتصل العم ديفيد بأنجيلا ودار حوار قصير بينهما
أنجيلا:" مرحبا أيها العمّ ديفد كيف حالك؟.. "
ديفيد:" مساء النور، أنا بخير... حسنا أنا عند باب المنزل"
قالت أنجيلا بارتباك:" ها!.. حسنا أنا قادمة..."
أنهت هذه المكالمة وقالت: "عليّ نزع هذا الفستان العم ديفد بالأسفل أمام المنزل..."
كانت على وشك نزعه لكن أوقفتها أليس وكريستن...
كريستن:" توقفي!، ستفسدين كل شيء..."
رمقتها أنجيلا باستغراب :" عفوا!..."
استطردت أليس قائله إنها تقصد أنّ عليكِ الاسراع ليس من اللّباقة تركه ينتظر أمام المنزل.." زفرت انجيلا بقلة حيلة ونزلت تمسك بأجزاء من فستانها حتى لا تقع وهي تتمتم
:" هذه آخرة من يستمع لكلامكن.."
إتجهت نحو الباب و وراءها كريستن وأليس يضحكان بخفوت... تنفست الصعداء ثم فتحت الباب...
إتسعت أعينها من الدهشة وهي ترى العمّ ديفيد برفقة جاكلين وأليكس، كانوا يرتدون بذلات سوداء أنيقة مع ربطة عنق وقميص أبيض.. وكان جاكلين يحمل باقة ورود وعلبة شوكولاتة فاخرة في يده...
أمّا أليكس، فكان يحمل بعض الهدايا الإضافية مع ابتسامة واسعة ...
جمدت أنجيلا في مكانها وهي تحاول استيعاب هذا الموقف الغريب والجذّاب في نفس الوقت.
كانت عيون جاكلين مصوّبة نحو أنجيلا وأنجيلا فقط... لم ينتبه لتلك الابتسامة العريضة التي ارتسمت على شفاهه تلقائيا لتبرز غمازته... أراد فقط إشباع عيونه برؤيتها وحفظ ملامحها بأكثر دقّة... أراد تعويض تلك الأيام الجافة التي عاشها بدونها...
لنتكلّم قليلا عن وسامته التي تلألأت وأشرقت وسط تلك البذلة السوداء، لقد كانت ملائمة لجسده الرياضي وطوله المثالي تماما... ودعوني أحدّثكم قليلا عن تلك العيون الخضراء المضيئة التي تبدو كقطعة من أندر الأحجار الكريمة، والتي تضفي على ملامحه جاذبية لا تقاوم...
قطع صوت نور هذه اللّحظة الجوهرية وهي تحثّهم على الدخول: "مرحبا... تفضّلوا"
قبل أن تغلق الباب أطلّ السيّد جيفري زوج السيّدة نور... قال وهو يهمّ باغلاق الباب: "آسف فقد كانت الطريق مزدحمة!"
ابتسمت نور بلطف: " لابأس فقد جئت في الوقت المناسب "
اتجهت كريستن وأليس وأنجيلا الى المطبخ، أمّا البقية فقد توجهوا نحو غرفة الضيوف التي جهزتها نور مسبقا، من تغيير السّتائر لتتناسب مع لون الأرائك، كما زينت الطاولة بمختلف أنواع الحلويات التقليدية والعصرية، ونسّقت الأطباق والأكواب بشكل متساوي...
جلس الجميع في أماكنهم وتنفسوا الصّعداء وأجروا بعض المحادثات القصيرة لكسر التّوتر وتلطيف الأجواء... والموضوع الغني عن التعريف والمرشح بقوّة لمثل هذه المواقف هو أحوال الطقس...
كان جاكلين في عالم موازي، غير منتبه لأحاديثهم تماما... اقترب منه أليكس وهمس في أذنه: "إثقل قليلا يا عريس وكفّ عن توزيع الابتسامات ببلاهة لقد فضحتنا، حتى أضراسك الخلفية رأيناها.."
رمقه جاكلين بنظرة ثاقبة: "على الأقل أضراسي ظهرت بسبب ابتسامة... أعرف شخصا ظهرت أضراسه بسبب عضّة حبيبته!"
ابتعد عنه اليكس وهو يتمتم : "ياليتني لم أخبرك"
في المطبخ كانت أنجيلا تُعد القهوة بكل هدوء... انّها لم تقل شيئا منذ أن فتحت الباب للعم ديفد.. نهضت كريستن من على الكرسي وأقبلت نحوها: "في ماذا تفكرين؟"
قالت أنجيلا وهي تراقب رغوة القهوة وهي تتصاعد قبل ان تطفئ عليها: "لا أصدق مالذي يحدث حالياً!..."
قالت كريستن وهي تتناول حبات العنب الموضوعة على الطاولة : "صراحة لا أفهم سبب سكوتك... هل ترفضين فكرة خطوبتك مع السيّد جاكلين؟"
عندما التقطت أذنيها إسمه تضاربت مشاعر كثيرة داخلها وأحسّت بالحرارة تتدفق لوجنتيها...
رمقتها أليس بنظرة تحذيرية ثم قالت: "كُفّي عن الثرثرة وأحضري الصينية الى هنا.."
بعد تحضير القهوة حملت أنجيلا الصينية وسارت بها بهدوء حتى وصلت لباب المطبخ ثم التفتت لهن وقالت: "لا أستطيع أنا خائفة!.."
قالت أليس وهي تسير نحوها: "تنفسي جيدا... لا داعي للخوف... ستقدمين القهوة لهم وتجلسين، ثم إنّنا سنذهب معك!"
قالت أنجيلا بتوتر: "إذهبي قبلي!.."
شهقت أليس: "ماذا؟ ثم..."
قاطعتها كريستن بنفاذ صبر: "اوه! سأدخل أنا أولا هيا بنا فقط.."
تقدمت كريستن ثم عدلت فستانها الأصفر ودخلت.. تبعتها أليس وأنجيلا بابتسامة نصر...
عند دخولِ كريستن ابتسم أليكس وقال بصوت مسموع:" ها قد جاءت سيارة الأجرة خاصٌتي"
ضحك الجميع بخفوت ورمقته كريستن بنظرة ثاقبة وقالت بهدوء:" ستتحاسب فيما بعد.. "
اقترب منه جاكلين وقال بهمس: "تنتظرك عضّة أسطورية عن قريب!.."
دخلت أليس وتبعتها أنجيلا وهي تحمل الصينية، تبتسم بتوتر ثم قدمت القهوة لكل الحاضرين وآخرها جاكلين التي كادت ان تقع عليه بالصينية لولا تحكمها بالوضع في آخر لحظة: "آسفة"
حمل كوب القهوة بين أصابعه وقال: "لا بأس هل انتِ بخير؟"
أومأت بايجاب ثم جلست بجانب نور والدة أليس...
***
تمّت الخطبة بسلام حيث مثّلت نور وزوجها عائلة أنجيلا، وتمّ الاتفاق على كلّ شيء ومن ضمنها تحديد عقد القران والزّواج الشّهر المقبل...
نهض جاكلين من مكانه فجأة ووجه نظره لوالدي أليس وقال: "هل يمكنني التّحدث مع أنجيلا قليلا بعد اذنكما؟"
أومأ والدا أليس: "بالطّبع تفضلا.."
تمتم أليكس وقال بصوت خافت: "أنت تُحسّسني أنك لا تعرفها حقا.."
أنت تقرأ
ما بعد الهدوء
Mystery / Thrillerأرادت أن تتكلّم لكن الدموع التي تجمّعت في مقلتيها منعتها من ذلك، صمتت قليلا ثم قالت باندفاع : "اتضنني لم أرك تخرج بعد منتصف الليل من منزلك وتتجه الى المقبرة؟.. بل أحيانا تبقى الى الشّروق أمام قبر والدتك؟" صدم جاكلين من تصريحها: "ماذا!... كيف عرفتِ؟...