الفصل 1: العزلة

7 1 0
                                    


في الحجرة الضيقة التي يقيم فيها، كانت الساعات تمر ببطء معتاد. لم تكن الغرفة تتسع إلا لسرير صغير وطاولة صغيرة وبعض الأدوات الأساسية. كانت النوافذ مغلقة بإحكام، مما يمنع أي لمحة من العالم الخارجي من التسلل داخلها. هنا، في هذا العزل، عاش طفل يُدعى أدهم، منذ أن كان عمره لا يتجاوز الخمس سنوات.

والد أدهم، السيد يوسف، كان يعتقد بقلب حازم أن هذا النوع من العزل سيحمي ابنه من مخاطر العالم الخارجي، من أخطار الناس والأمراض وكل شيء آخر يمكن أن يلحق به الضرر. لم يكن يدرك أن هذا العزل القسري كان يخلق داخل نفس الطفل تدهورًا تدريجيًا، ينمو كجدار من الخوف والشكوك.

كانت حياة أدهم تدور حول الروتين اليومي الممل، حيث يقضي الأيام يرسم ويقرأ ويتعلم من الكتب والأشياء التي كان يحضرها له والده. لم يكن لديه أصدقاء، لم يكن لديه معرفة بأي شيء خارج جدران غرفته. كانت أيامه تمضي وهو يتخيل العالم الذي لم يعرفه، ويحلم بأن يلمس الشمس ويرى النجوم ويسمع أصوات الأطفال يلعبون.

ولكن، في يوم من الأيام، بدأ يوسف يشعر بالندبة التي يتسبب فيها انفصاله المطول عن المجتمع الخارجي. بدأ يدرك أن ابنه قد نما، وأن الوقت قد حان ليعرف أدهم العالم الذي يمتد خارج نطاق حجرته الضيقة.

في إحدى الأمسيات الباردة، وبينما كان أدهم يجلس على السرير يقرأ كتابًا قديمًا عن النجوم، دخل يوسف إلى الحجرة بنظرة حزينة على وجهه. كان يوسف رجلًا في منتصف العمر، بذراعيه القويتين ووجه يحمل آثار الوقت والقلق.

"أدهم،" قال يوسف بصوت متأنق، "أظن أن الوقت قد حان لنخبرك بشيء مهم."

رفع أدهم رأسه ببطء، عيناه الزرقاوان تلمعان في الظلام. "ماذا يا أبي؟"

ابتسم يوسف بخجل خفيف، ثم جلس بجانب ابنه على السرير. "لقد قررت أن تخرج إلى العالم الخارجي، أدهم. أنا لم أكن أدرك حتى الآن أن الحفاظ على عزلتك كان يسبب لك هذه المعاناة. أعتذر، يا ابني."

أدهم نظر إلى والده بدهشة، ثم تحولت عيناه إلى النافذة المغلقة التي لم تفتح منذ زمن بعيد. لم يكن يصدق أنه سيحصل على فرصة لرؤية العالم الذي لطالما حلم به. "هل حقًا؟ هل أنا سأخرج من هنا؟"

"نعم، يا حبيبي." أجاب يوسف بصوت هادئ مليء بالتأكيد. "سنبدأ ببطء، سأعرض عليك العالم تدريجيًا. سأكون بجانبك في كل خطوة."

وبينما ذراع يوسف تلف حول كتف ابنه، ابتسم أدهم لأول مرة ببراءة حقيقية. في تلك اللحظة، شعر بأنه يحمل في قلبه الكثير من الأمل والقليل من الخوف.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 27 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

خارج الظلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن