مضى نهارنا الأول في العمل طويلاً ومملاً حقاً، لا تقطعه أي فترات للراحة، بخلاف التي بالكاد حصلنا عليها لتناول الغداء الهزيل الذي زودونا به.. وللأسف وقتها لم يسمحوا لنا بالخروج من المنجم، بل تناولنا الطعام كلٌ في موقعه، وعدنا بعدها للعمل دون أي راحة.. لذلك عندما سمعنا النفير المزعج الذي دلّ على انتهاء العمل، كما أوضح لنا الحارس، تنهدنا براحة وقمنا بدفع العربة شبه المليئة بالأحجار خارجاً ونحن غارقون في التعب والعرق والغبار.. بأيدٍ مسودة من غبار الأحجار ومتقطعة من العمل، وبأقدام متورمة لطول الوقوف ومتقرحة حتى لا أشك أنها أغرقت الحذاء بالدماء..وعند خروجنا، ونحن نرى ما أمامنا بشيء من العسر بعد الظلام الذي كان يغمر أغلب المواقع في الأنفاق، لم نجد أن حال الآخرين بأفضل منا.. بل إن أحد الرجال كان يلف يده بخرقة بيضاء تلطخت ببعض الدماء، ربما جُرِح أثناء عمله، لكن لم يبد على أحد الرغبة بمعالجته.. أوقفنا العربات في موقعها، وساعدنا في تحميل محتوياتها في الحاويات التي فور امتلائها انطلقت في طريقها عبر السكة للمستودعات القريبة من الإدارة، وعلى كل حاوية حارسين بسلاحيهما، مما جعلني أتساءل عن الخطر الذي يهدد الحاويات في مكان كهذا..
وأخيراً، سُمح لنا بالعودة للمساكن، فخرجنا من البوابة بعد أن تم تفتيشنا بعناية مرة أخرى.. وطبعاً تذمر الرجل الأجش من هذا، وإن استسلم لهم حتى انتهوا.. وفور خروجنا رأيت الفتاة الناعمة تقترب مني وتهمس "هل أنت بخير؟"
ابتسمت بجانب فمي معلقة "يجب أن أسألك أنت هذا السؤال.. تبدين بحالة مزرية"
كانت بالفعل بحالة يرثى لها من التعب والإنهاك.. فلم يبد أن الحراس قد ترفقوا بها في العمل رغم ضعفها الجسدي.. لم تعلق على سؤالي، فسرنا بصمت وتثاقل مع الآخرين في طريقنا عبر المساحة التي تفصلنا عن الغابة، مع النور الذي غرق وسط الظلمة التي بدأت تخيم على الكويكب.. لكن كان طريقنا مضاءاً بأنوار متفرقة والتي بدا أنها تصل حتى المساكن..
بعد أن اجتزنا تلك المساحة المنبسطة، ودلفنا الغابة يتبعنا عدد من الحراس، انتبهت لنظرات تُلقى من حين لآخر حولنا.. كان أصحابها، وهم بعض الرجال الجدد الذين أتوا معنا في السفينة الفضائية، قد خففوا مشيهم وهم يتبادلون النظرات الحادة والتي بدا أنها تقول الكثير.. ترى أي حماقة يخططون لها؟.. لم أكد أنهي تساؤلي حتى فوجئنا برجلين منهم ينقضّان على حارسين قريبين، فيلكمانهما بقوة كادت تسقطهم، قبل أن يستغلا الارتباك الذي جمّد الجميع وهما يهربان مع رفاقهم متخفين بين أشجار الغابة.. كانوا خمسة رجال، وقد رأيت شاباً آخر ليس منهم يسارع لاستغلال الفرصة والهرب بدوره وسط تصايح بقية الحراس..
تحامل الحارسان بعد الهجوم المباغت، فيما قام ثالث بالاتصال بالإدارة، وقام الحارسان الباقيان بالصياح في وجوهنا يأمراننا بالعودة للمسكن بصمت..
أنت تقرأ
حمراء
Ciencia Ficción((رواية خيال علمي)) ازداد بكاؤها أكثر وقالت بصوت مرتجف "ماذا تعتقدين أنهم سيفعلون بنا في الكويكب العاشر؟ هذا الكويكب هو منجم كبير، والساكنون فيه هم عمال السخرة الذين يقضون حياتهم في استخراج ما في المنجم" قلت مقطبة "هذا لا يعني شيئاً.. نحن لسنا.." صا...