٥. تجارب صغيرة

11 2 0
                                    




عندما خرجت من العزل في صباح اليوم التالي، حمدت الله أن الأمر لم يطل أكثر من ليلة واحدة.. وقفت أرمش بعينيّ في نور الشمس المبهر بعد الظلام شبه التام الذي عشت فيه.. ثم أسرعت في ركوب المركبة التي ستقلني مع عدد من السجناء بعد أن انتهرني الحارس المكلف بإعادتنا للمسكن الذي كان على شيء من المبعدة..

طبعاً لم أجد أحداً في استقبالي في المسكن فقد كان الجميع قد انطلقوا إلى المنجم.. عدت إلى مسكني لأرى الفوضى العارمة والدماء التي لطخت الأغطية والأرضية.. فشعرت بقلق عارم وأنا أرى هذا قبل أن أعرف تفاصيل ما حدث هنا..

طبقاً للأوامر، كان عليّ أن أتوجه للمنجم من فوري دون إبطاء.. فلم أتأخر كثيراً فور أن اغتسلت واستبدلت ملابسي بأخرى نظيفة.. ثم عزمت التوجه إلى المنجم القريب.. ولم أكد أخرج من مسكني حتى رأيت أمجد يقف عند الباب.. ولما رآني ابتسم بارتياح قائلاً "مرحباً بعودتك.. لقد لاحظت الباب موارباً فشككت بوجود أحد فيه.. هل أنت بخير؟"

تساءلت مقطبة "اشرح لي ما حدث في مسكني الليلة الماضية.. إنه في حالة مزرية.."

قال أمجد ملوحاً بحقيبة أدوات في يده قائلاً "انتظريني لثوان ريثما أحضر ما طُلب مني من أدوات.."

فعلت ما طلبه مني مضطرة وأنا أود معرفة تفاصيل ما حدث.. وبعد لحظات قصيرة عاد أمجد إلىّ فسار باتجاه المنجم وأنا أتبعه، وسمعته يقول "آسف لأن مسكنك يبدو بهذا الحال.. كان علينا أن نعتني به قبل عودتك.."

تساءلت مقطبة "ليس هذا ما أريد معرفته.. ما الذي حدث الليلة الماضية بهذا الشكل؟ هل بسمة بخير؟ دماء من التي لطخت الغرفة؟"

أوجز لي أمجد ما حدث بسرعة وسط دهشتي المتزايدة، ثم قال "من حسن الحظ أن الحراس لم يتخذوا ضد أدهم أي إجراء.. لكن أتمنى أن يغير طباعه الحادة هذه.. لن يتسامحوا معه كثيراً في المرة القادمة.."

صمتُّ وأنا في دهشة من أمري.. ثم تساءلت "وهل بسمة بخير؟ لابد أنها بكت كثيراً.."

قال أمجد مبتسماً "طبعاً فَعَلَتْ ذلك رغم أني حاولت تهدئتها.. لقد بدت كطفلة مذعورة وزادها عنف أدهم ذعراً.."

شعرت بقلق عليها وأنا أتخيل ذعرها، ثم قلت "أتمنى ألا يحدث ذلك لها من جديد.. ليست بحاجة لما يزيد ذعرها الدائم.."

قال وهو ينظر لوجهي مبتسماً "للمرة الأولى أراك قلقة عليها.. دائماً ما تظهرين أنك ممن لا يهتم بالآخرين كثيراً.."

قلت هازة كتفيّ "كلٌ قادر على الاهتمام بنفسه.. ولن يفيدني القلق عليهم في شيء.."

حمراءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن