١٦. صدمة

7 2 0
                                    




طال بي الوقت وأنا جالسة على ذاك الفرع أراقب الظلام الدامس من حولي إلا من النور الذي يصدر عن كشافات المباني الإدارية.. وهذا أفضل ما في الأمر، إذ يمكنني مراقبة كل ما جري في الجانب المواجه لي من الساحة بوضوح تام.. مرت مدة طويلة منذ رأيت مركبة أمجد وأدهم تدخل من البوابة دون صعوبات.. ورأيتهما يسيران في الساحة ليدلفا أحد مبانيها دون عسر كبير.. وبعدها عمّ الموقع سكون تام جعلني أتململ في جلستي وأنا أتأفف من تعبي.. وبعد مدة طويلة، انفجر الوضع بشكل فعليّ في الساحة مع صفارات الإنذار التي وصلني صوتها بوضوح وسط صمت المكان.. ثم بدأ بعض الحراس المتواجدون في الساحة بالتراكض نحو أحد المباني حاملين أسلحتهم..

تحفزت في مكاني وأنا أنظر للموقع بتوتر شديد.. لقد كشف أمرهم، لكن هل نجحوا في مسعاهم أم لا؟ والأهم من هذا.. هل سيتمكنون من الهرب بدون خسائر أم لا؟.. تباً.. بودي لو كنت هناك الآن، رغم أني قد أكون بلا فائدة لهم.. لكني لا أحب دقائق الانتظار الصعبة هذه..

رأيت عندها أدهم يركض خارجاً من خلف ذلك المبنى مستغلاً قلة من بقي من الحراس في الساحة حتى قفز في المركبة.. غلبني قلق على أمجد حتى رأيته يخرج من مخبئه خلف الصناديق ويركض بدوره نحو المركبة ويقفز فيها، فأسرع أدهم يقودها بشيء من التهور متقدماً نحو البوابة ليتجاوزها بعد أن ارتطم بطرفي البوابة.. وقاد المركبة عبر المساحات الصخرية قادماً تجاه الغابة.. شعرت بشيء من الراحة لنجاتهما وأنا أظن أخطر ما في العملية قد انتهى، وإن خاب أملي برؤيتهما وحيدين مما يعني فشلهما في إنقاذ عم أمجد.. لكن القلق عاد إليّ مع مرأى تلك المركبة التي شق نورها الظلام قادمة من الاتجاه الآخر، من المنجم كما يبدو، وركابها يبادلون أمجد الرصاص بغزارة..

من موقعي هذا كان من الصعب عليّ الوصول برصاصاتي للمركبة المهاجمة مما جعلني بغير فائدة وأنا أراقب الوضع بقلب واجف.. لذلك لكم أن تتخيلوا هلعي وأنا أرى جسد أمجد يقفز من المركبة ويسقط أرضاً متدحرجاً لمسافة قصيرة قبل أن يسكن تماماً.. ولم تلبث بعدها مركبة أدهم أن انفجر إطارها لتزحف على الصخور وتنقلب بعدها قريبة من الغابة..

نزلت من الشجرة بسرعة حتى منتصفها وقفزت متجاوزة المسافة الباقية، ثم شهرت سلاحي وأنا أقف عند أطراف الغابة فأطلق الرصاص على الحراس في المركبة الأخرى التي توقفت قريباً.. لم أكن ذات مهارة في التصويب، لكن ما فعلته كان كافياً لردع الحراس عن الاقتراب من أدهم الذي نهض بعسر من المركبة المنقلبة وركض تجاه الغابة دون إبطاء.. وحالما وصل إليّ جذبني من ذراعي لأكف عن إطلاق النار وألحق به.. لكني توقفت وصحت "إلى أنت تذهب؟.. يجب أن نستعيد أمجد"

هتف "لا فائدة.. لنهرب قبل أن يصلوا.."

صحت من جديد "لا يمكن.. لنستعده الآن.. هذا أسهل من محاولة إنقاذه من المباني الإدارية فيما بعد"

حمراءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن