كان أول مسكن في خطتنا هو مسكننا القديم.. نزلنا من المركبة وتوجه الحارس لرفاقه في المسكن والذين كانوا متحفزين بسبب خوفهم من ثورة السجناء من جديد، رغم أن أغلب السجناء قد فضّل اللجوء لمسكنه بانتظار ما سيحل بهم..تقدمت وسط المساكن أتأمل الموقع الذي ضمّنا لفترة طويلة.. ورغم أني كرهت هذا المكان وكرهت كل زاوية فيه، إلا أني لم أملك ابتسامة ارتسمت على شفتيّ وأنا أتذكر كل ما مرّ بي هنا.. وقد قال أدهم الذي اقترب مني معلقاً عليها "لم هذه الابتسامة؟ أهذا حنين لأيام السجن السعيدة؟"
التفت إليه قائلة "ربما.. من يدري.."
نظر لي أدهم بتعجب كبير، وإن لم يضف كلمة أخرى وهو يدور بعينيه في المكان.. ولم تمض لحظات حتى وجدنا تلك العينان الحادتان تكادان تحرقاننا حيث وقفنا.. ورغم أننا نسيناه، إلا أن صقراً كان ينتظر هنا في المساكن وينظر لنا بذهول شديد.. لم أرغب برؤيته بعدما حدث بيننا وبينه، لكنه كان مصرّاً على هذه المواجهة.. إذ اقترب منا وهو يثبت نظراته الحاقدة على أدهم الواقف قربي..
فقال أدهم بسخرية "أما زلت حياً أيها الأحمق؟"
أجابه صقر بسخرية مماثلة "أما زلت حياً أيها الوغد؟ لقد قضيت لياليّ أتمنى لك الموت من كل قلبي"
فعلق أدهم مبتسماً "ويبدو أن أمانيك غير مستجابة لحسن حظي"
وجدت صقر يندفع فجأة حيث وقف أدهم قربي وقام بأغرب شيء يمكن تخيله.. إذ ارتفعت يده المضمومة ووجّه لكمة أحسبها بأقوى ما عنده لوجه أدهم.. ورغم ما بدا على لكمته من قوة فإن أدهم لم يتحرك من موقعه، ولم يبد أنه تأثر بها إلا بالتفاتة بسيطة من رأسه.. عندها، لم أملك إلا أن أضحك من القلب لهذا المنظر ولجرأة صقر وأدهم ينظر لصقر بنظرة ساخرة امتزجت باستغراب متفاجيء، بينما شهقت بسمة التي كانت قريبة وهي تنظر لوجه أدهم بقلق.. ثم دفع أدهم صقراً في صدره بقوة قائلاً "ابتعد يا هذا.. لستَ في قائمة مهامي لهذا اليوم.."
تراجع صقر للخلف حتى كاد يسقط أرضاً وهو يتبادل نظرات كره عارمة مع أدهم.. ثم ابتعد عنا بصمت دون أن ينسى أن تبدو تعابير وجهه بأقصى كره واشمئزاز يمكن أن تظهره، فقلت لأدهم بتعجب "لماذا لم ترد على لكمته رغم أنك لست طيب القلب عادة؟"
قال أدهم مشيراً لفكه "عندما ضربني بقوته الهزيلة تلك، أشفقت عليه.. لابد أن يده تؤلمه الآن بأكثر من فكي، ولم أرد أن أزيد عذابه.."
ضحكت من جديد وقد بدا لي الأمر طريفاً، مما كما يبدو قد ساء الحارس الذي سمعناه يقول بضيق من خلفنا "لا تنشغلوا بأمور تافهة.. أمامنا عمل مهم ومدة محدودة، ولا يجب أن نتأخر عنها"
أنت تقرأ
حمراء
Science Fiction((رواية خيال علمي)) ازداد بكاؤها أكثر وقالت بصوت مرتجف "ماذا تعتقدين أنهم سيفعلون بنا في الكويكب العاشر؟ هذا الكويكب هو منجم كبير، والساكنون فيه هم عمال السخرة الذين يقضون حياتهم في استخراج ما في المنجم" قلت مقطبة "هذا لا يعني شيئاً.. نحن لسنا.." صا...