١~ نور القمر على وتر ياسر الحسّاس

170 6 0
                                    

1
.
« بإسم العزيز الغفور تعالى ابتدي.. والحمد لله كثيرًا »

ماشاءالله تبارك الله

لا تُلهيكم روايتي عن الصلاة مبكر، وصلوا على الحبيب.

~المُدن سُفن تسرب الماء
وقريتنا قارب الأمان.
-
( نور القمر على وتر ياسر الحسّاس )

عام ٢٠٠٠م، بتاريخ ٣١ ديسمبر وبآخر ساعات الألفيه الثانية.. كانت تقطن شمس ببيتها الصغير المفعمّ بحب ما شهدت الديرة مثله وقد كان على أطراف القرية عند البوابة الكبيرة لمدخل الديرة وسورها بالتحديد.. أخذت تردد بهلوسة : نور القمر على وتر ياسر الحسّاس. مهما صار لياسر بيناظر شرقه وشمسه بتستقبله

غمضت عيونها من أشتدّت الالام وجبينها كان ممتلئ بالعرق فأخذت أطرافها تتجمد بسرعة البرق لتُعيد تكرار ذات الكلمات وكأنها أصبحت هاجس لها : نور القمر على وتر ياسر... وقفت شمس رايحه جايه وراجعة لنفس البقعة، عند النافذة تخترق الزجاج بنظراتها القلقة على الشارع، مسكت أسفل بطنها بألم و رجعت تهمس وهي تاخذ نفس حارق : نور القمر عـ..
شهقت وهي تجثو على ركبتيها صارخة. صرخت بكل ما أوتيت من قوة لمشاعر مكبوتة ممتزجة بألم مُهلك ولكن مُبشّر بقدوم أطفالها، بدون ياسر !

وقفت بعد ما زحفت للجدار تتجاهل تلك الفكرة لتفتح باب البيت وتصرخ بالنجدة لجيرانها إلا أنه ما أحد طلع بسبب الشائعات اللي عليها وأنه اللي ببطنها مو من ياسر وإنها خانته بغيابه. تجاهلتهم بالشهور الماضية بس الحين لازم تدوس على كرامتها المُداسة.. وكيف يقدر الإنسان يسحق كرامته أكثر مما هي مسحوقة؟ كان درس الحياة الأخير لها وها هي على وشك تعلّمه.

بذات اللحظة، في مقهى البحّار:

كانوا واقفين قدام التلفزيون الصغير يستمعون للأخبار بملامح قلقة وترقبّ.. " تم استشهاد الكثير من الجنود واغتيال القائد تحت أنظار الجميع، في حين انه تم أسر عددٍ منهم وتفجير جبال السماح في المنطقة الجنوبية و.. "
اقفل التلفزيون أحدهم واردف: جنود النفس أكيد هربوا بالوقت المناسب

رد عليه آخر : استشهاد.. أسر، ما احد ذكر هرب أترك عنك التأليف يا رجال
وقال ثاني بمنطقية : وليه الحرب فيها وقت مناسب للهرب؟ لا وقتك وقت ولا دربك درب !
ردد آخر بحسرة وقد اتخذ له مقعد بزاوية المقهى وهو ينزل سيجارته و نظراته كانت متعبة كحال قلبه المنهك : راح ياسر.. و راح جواد و نافل.. آه وش تناقشون عليه؟
اقترب منه إحداهم : نتكلم عن إحتمالية أسرهم وإنقاذهم

ترك السيجاره من يده وداس عليها برجله اليمين فالتفت يغوص ببركان الواقف قدامه وقد كان مشتعلًا ليردف : ياسر ويا حسرته لو رجع وعرف سوايا زوجته الزانيـ.
لكمه الواقف باتر كلمته الحارقه : لا تفترون وانتوا ما شهدتوا شيء !
رد عليه آخر من خلفه : يا ابو بحر.. إذا اخوانها ساكتين انت وش عليك؟ ولا إذا كان بينك وبينها شيء ذا مجرى آخـ..

المدن سُفن تسرب الماء وقريتنا قارب الأمانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن