4

2.9K 73 0
                                    


فزع من نومته ليستقيم بوجه متعرق من هذا الكابوس اللعين..
زفر وهو يمسح على وجهه قائلًا:-
- أيه الكابوس الغريب ده.!!

أخذ يسير نحو المرحاض وهو يقول بشرود:-
- دا أكيد علشان أنا بس فكرت فيها كتير قبل ما أنام وزعلان على سوء الفهم..

وبعد مرور مدة قصيرة كان قد ارتدى ملابسه وهبط الدرج ينتوي الخروج حيث المطعم بلهفة لكن قبل خروجه قاطعه هذا الصوت الذي افتقده لسنوات:-
- يعقوب .. ممكن تفطر قبل ما تخرج الأول.

كانت والدته التي ترمقه بندم وأعين تحمل الكثير من الإعتذارات التي لا تُكفر عمّا حدث..!
أجابها بملامح وجه جامدة:-
- شكرًا .. تعبتي نفسك.!

وخرج دون أن يلتفت خلفه تحت نظرات تلك الناقمة على تصرفاته لتطرق بيدها على طاولة الطعام صائحة بنفاذ صبر:-
- أنا مش فاهمه تصرفات الولد ده، العِناد إللي هو فيه ده عواقبه وخيمة..
يعقوب لو مفاقش لنفسه مش هيطول من أملاك العيلة ولو ورقة واحدة .. أنا صبري بدأ ينفذ..

لم يتحمل كم هذا الظلم الموجه لولده البِكر يعقوب، كان دائمًا يحترم قرارات والدته، يخشى عقوقها .. حتى وصل به الأمر إلى الإفتراق عن يعقوب ظنًّا منه أنه في مأمن معها..
حاول كظم غضبه وإلجام كلماته الغاضبة لكن رغمًا عنه لم يعد يتحمل هذا الكبت..

- لو سمحتي يا أمي كفاية بقى الأسلوب ده، يعقوب مبقاش ولد صغير علشان تتحكمي فيه، مش شرط يطلع زي ما إنتِ عايزه، سيبيه يعيش حياته وكفاية إللي عملتيه فيه وطفولته إللي شوهتيها .. تربيتك ليعقوب كانت غلط..
بس الغلط مش غلطك لواحدك .. دا غلطي أنا.
غلطي إن سيبت ابني وسافرت وأنا مفكر إن هو هيكون معاكِ أحسن من معايا..
تحكماتك يا أمي والمثالية إللي مارستيها على تربية يعقوب دمرته..

لم تُحرك ساكن وكأنه لم ينفجر لتوه، بل اكتفت برفع عينيها وقالت بهدوء ساخر:-
- بقى بعد ده كله جاي تعاتب أمك على أخر الزمن وتقولها إن هي إللي دمرت ابنك..
دي التربية الصحّ، الولد ملوش ألا التربية دي أمال عايزه يدلع زي البنات، مش كفاية خيبتي فيك بسبب تربية عمتك وأبوك، وتربيتك في ابنك التاني إللي لين زي البنات وحنين أووي ننوس عين أمه..
أنا ربيت يعقوب زي ما أنا عايزه بس للأسف بدأ يتفلت من إيدي وعارفة هرجعه تاني إزاي..
أنا ربيته إن لا يتأثر بالعواطف ولا المشاعر يبقى زي الآلة كل إنتاجه إنجازات ويكبّر ويعلي في شغلنا ... علشان يبقى خليفة جده الكبير
مُحي بدران..

عَلا صوت بكاء والدة يعقوب على ما آل إليه حال ولدها، ركضت نحو الجدة "لبيبة بدران" ثم انحنت تُقبل يدها وأردفت متوسلة ودموعها تُغرق وجهها:-
- بالله عليكِ يا أمي سيبي يعقوب .. كفاية عليه كدا .. سيبيه يعيش حياته، سبيني أعوضه عن الأيام دي كلها..
يعقوب مبقاش صغير ومستحيل تعرفي تاخديه تحت جناحك تاني..
سيبيه يبني أحلامه زي ما هو عايز، مش لازم يشتغل ويمسك شغل الشركات، موجود أنا وحسين ويامن وإنتِ بتراجعي الشغل شهريًا..
شركات العيلة إحنا موجودين وكفاية عليها..
يعقوب مش هاوي الشغل ده، اجتهد وبقى ليه سلاسل مطاعم، وهو حابب كدا..
دا شغفه ... سيبيه يا أمي أرجوكِ..

وخنع القلب المتكبر لعمياءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن