ارتجف داخل رِفقة فور سماعها هذا الصوت ذا النبرة الشديدة والذي ينم على أن هناك شيء سيء..
بينما يعقوب فابتسم بهدوء والتفت ينظر لها ببرود وحوّل أنظاره لرِفقة التي جلى عليها التوتر، استقام وانحنى يُمسك كفيها برِفق حتى وقفت أمامه، اقترب منها وهو يرمقها بسعادة وطبع قبلة طويلة فوق جبينها جعلت قلب رِفقة يُرفرف كالذبيح مغمضة أعينها..
أخرج من جيب سترته عُلبة مخملية غير آبهٍ بنظرات لبيبة المستشيطة غضبًا..
أخرج حلقة زواج ذهبية رقيقة وأمسك بيد رِفقة اليُسرى وجعل أصبعها يتحسس نقش داخل الحَلقة ثم همس بحبٍ صافٍ تحت أسماع لبيبة التي يسري بدماءها حُمم بركانية:-
- أنتِ عميائي .. عمياءٌ أنتِ عن جميع الشرور التي تقبع بهذا العالم..
مشاعركِ العمياء عن كل ما يغضب خالقك..
عمياء القلب عن حب كل شيء بغيض..
وقد خنع القلب المتكبر لِعمياء.. وإني لعاشقٌ لهذا العَمى الذي يتوجكِ مُميزة على عرش جميع نساء الأرض.طفقت حُمرة على وجنتي رِفقة من كلماته العميقة جدًا وشعرت بخفقات قلبها تتزايد بجنون وهي تسمع يعقوب يقول:-
- هي دي الجملة إللي منقوشة جواها
"وخنع القلب المتكبر لِعمياء" دي جملة بتوصف حكايتنا وبوعدك إن هفهمهالك على أقل من مهلنا...وضع حلقة الزواج برقة بخنصرها ثم سحب يدها الأخرى ووضع خاتم مُرصع بالألماس بأصبعها تحت صدمة عفاف وبناتها وهم ينظرون لرِفقة بحقد وغيرة شديدة متيقنين أن هذا يعقوب واقع في عشق رِفقة حدّ النخاع...
وضع يعقوب حلقته الفضية بإصبعه هو الأخر، ثم أمسك يد رفقة بحنان وهو يهمس لها:-
- هخليكِ النهاردة تعيشي يوم ولا في الأحلام.ابتهج قلب رِفقة بسعادة وسارت بجانب يعقوب الذي توقف أمام جدته بشموخ ينظر لها بأعين ضيقة وقال بجفاء:-
- كنت منتظرك يا لبيبة هانم ... عمومًا على غير العادة وصلتي متأخر..
المهم أحب أعرفك ... رِفقة..وصمت وهو يقول بإبتسامة عريضة:-
- مراتي...لف ذراعه حول خصر رِفقة التي ارتجفت نتيجة فعلته وأخبرها بهدوء:-
- رِفقة .... دي لبيبة بدران ... أم أبويا..كانت نظرات لبيبة كلها تحدٍ صارخ ترمقه بهدوء وصمت رغم غضبها الناري، يحفظها يعقوب عن ظهر قلب ... لذلك يفهم تلك النظرات جيدًا...
رفعت رأسها بشموخ وغرور وقالت وهي تضغط على كل كلمة ... نبرتها كانت مُبطنة بالتهديد:-
- كويس إنك قولت لبيبة بدران ومقولتش جدتي يا يعقوب بدران ... وأكيد واثق إن لبيبة بدران مش هتسمح أبدًا إن نسلها واسم بدران يتلوث بجوازتك دي ... أموت أهون يا يعقوب باشا..وأكملت ببرود بنبرة مُخيفة لا تعلم رِفقة لماذا بثت تلك السيدة الخوف بقلبها وبتلقائية تشبثت بذراع يعقوب ووقفت خلفه بحماية:-
- بس افتكر يا يعقوب إن إنت إللي رميتها في طريقي ... طريق النار وأظن البُنية الكفيفة مش حِمل كدا ... ولا أيه!!