27

1.7K 55 0
                                    


- قولتلِك بلاش يا نرجس .. بلاش..
بقينا الفجر وإحنا مش عارفين نوصل لأي حاجة..
الدنيا والأماكن اتغيرت بعد السنين دي، والتعب إللي تعبناه والصدمة إللي عشناها لسه مأثرة على تركيزنا وعلى الذاكرة..
قضينا الليل كله في الشارع وإنتِ تعبانه..

جلست على إحدى الأحجار الكبيرة بجسد مُنهك وحالة مرزية ليجلس بجانبها يحيى ولم تختلف حالته عنها، جذبها بحنان لأحضانه لتبكي بقهر وهي تقول:-
- أنا حاسه إنٍ تايهة أووي يا يحيى، حاسه كأني كنت في كابوس وفوقت منه، حاسه إن كنت محبوسه في الضلمة ويا دوب شوفت النور ومش عارفة أمشي فيه..
الدنيا دي غريبة عليا ومعرفش فيها حد ألا إنت يا يحيى..
يا ترى أيه إللي حصل لرِفقة في غيابنا، ومين إللي عمل فينا كدا وعلشان خاطر أيه، ومين إللي وهمنا بإن رِفقة ماتت وهي عايشة..!!

مسح على وجهها الملطخ بالأتربة وداخله يحترق كمدًا من نيران العجز المشتعلة بقلبه، شعور العجز الذي ليس له إلًا ولا ذمة، وأردف بارتعاب:-
- أنا خايف يا نرجس نكون عايشين في وهم، خايف يكون ده أمل كداب ورِفقة بنتنا تكون....

كان يقول هذه الكلمات الثقيلة بصعوبة لتقاطعه نرجس بصراخ باكٍ وجسد يرتعش:-
- متقولهاش يا يحيى .. أوعى تقولها بنتي عايشه أنا واثقة من كدا..

ورفعت رأسها للسماء تقول بحُرقة تكوي جنبات روحها:-
- يارب .. إحنا هنا يارب.. إنت العادل القادر..
يارب وصلني ببنتي يا حنان.. واحفظها من أي مكروه يارب .. يارب وصلني لها بقدرتك يارب..
اللهم أرني عجائب قدرتك في إستجابة دعواتي..
لو كان إختبار لنا يارب فإحنا بنشهدك إننا راضيين ومحتسبين الأجر عندك يا أرحم الراحمين..

حَواها يحيى بين أحضانه وهم يشاهدون خروج الفجر الصادق بعدما اشتدت الظُلمة..
وقال بينما ينظر للسماء:-
- هنرتاح شوية ونواصل لغاية ما نخرج من المنطقة دي ... مش عارف ليه أنا حاسس إننا على الطريق الصحراوي..
يا ترى الدار كانت في منطقة أيه..!!

       •<<<<<<<بقلم/سارة نيل>>>>>>>•

على الصعيد الأخر بمنزل يعقوب ورِفقة، استيقظت هي برهبة تشعر بها هذا اليوم بينما كان يعقوب في أوج نشاطه..
أدوا صلاة الفجر وبقت رِفقة تُردد الأذكار وبدأت في تلاوة سورة البقرة علّها تثبط من شعور القلق بداخلها..
هي لا تعلم لماذا هذا الشعور السيء الذي يجتاحها، تشعر بقبضة قوية تقبض على قلبها بقسوة لا تعلم سببها..

- يعقوب أخدت علاجك..!

اقترب منها وابتسم وهو يُعدّل من وضع حجابها وقال بمرح:-
- خلاص بقاا يا رِفقة، أخدت العلاج وحطيت أكل ومايه لرِين بزيادة علشان لو اتأخرنا، وحطيت أكل في البلكونة للعصافير..
أظن كدا خلصت واجباتي يا أرنوبي..

تصنعت الإبتسامة والمرح لأجل ألا تفسد وتُعكر صفوة ورددت بشحوب:-
- جزاك الله خيرًا يا أوب ربنا يديمك ليا العمر كله..

وخنع القلب المتكبر لعمياءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن