28

1.8K 51 3
                                    


لقد ضاقت عليه الأرض بما رحُبت، وضاقت عليه نِفسه..
كان كمَن انفصل عن الواقع، ملامح وجهه اسودت وانطفأت مصابيح الحياة بوجهه وبروحه كل العذاب...
نظراته ثابته فوق لبيبة ينظر لها نظرات لن تنساها ما حيت، نظرات كانت كالخناحر تتوغل بقلب لبيبة..
أبعد أنظاره يرمق رِفقة التي أشرقت السعادة بوجهها وتبتسم باتساع في ترقب حياة جديدة ووعود كثيرة برؤية الألوان والزهور والفراشات..
كيف له أن يحرمها من هذه الحياة التي تستحقها؟!
لكن .... حياة بدون رِفقة!!!
كيف ستكون!!
قبلها كانت حياته باهتة شاحبة ازدهرت فور أن اقتحمت أحرف اسمها سماء أيامه..
يشعر بأن روحه هي من تُعذّب، ألم عَرِم بقلبه، يشعر كأن قلبه قد انكسر كسر لن يُجبر من بعده أبدا..
هو لم يكن أبدًا بالضعيف، كان يقتحم الحياة بكل جُرأة لا يخاف لومة لائم، عُرف بالتمرد عن كل شيء لا يُريده ... لكن حين يتعلق الأمر برِفقة تنسلخ كل معانِي القوة عنه ويقوم بحساب كل ردة فعل وكل خطوة يخطوها..
رفع ملامحه التي سطرت الدنيا عليها ريب منونها، رفع وجهه الذي احتضنته أشباح الظلام، وخرجت كلمات بأثقال الأرض جاهد وجاهد لتخرج حتى أصبح داخله خوار .. قالها ليرتعش على إثرها كل خلية بداخله، قالها والعالم قد إسودّ بعينيه ومارت الأرض من تحت أقدامه وهو لا يعلم على أي أرضٍ يقف، قال بانطفاء وبروحٍ منشطرة:-
- موافق .... بس أطمن عليها ... هشوفها من بعيد لبعيد بعد ما تخرج من العملية، هطمن إنها بخير .. ومتخافيش هي حتى لو شافتني مش هتعرفني..

أشارت لبيبة للطبيب ليبتسم ووقف يعقوب لتنسدل أمامه هذا الستار الأخضر من الداخل وتبدأ الجراحة المنتظرة...

ظلت لبيبة تتحدث إليه وقد نضحت أعينها بنظرة غريبة وانشطر قلبها لرؤية وجهه بهذا السوء..
كانت تتحدث لكنه لم ينبث ببنت شفة حتى أنه لم يصدر منه أي ردة فعل تدل على أنه يستمع لحديثها من الأساس .. فقط الجمود..

          <<<<<<بقلم/سارة نيل>>>>>>

بعد مرور بعض الوقت انتهت كلًا من نِهال وآلاء من تزيين غرفة رِفقة، اردفت نهال بسعادة:-
- ما شاء الله الأوضة بقت تحفة، وأحسن حاجة إننا عملناها باللون الأصفر لونها المفضل والفراشات والورد..

قالت آلاء بحماس:-
- فعلًا بقت رقيقة أووي تشبه رِفقة، يلا بينا بقاا نخرج ونستناها برا أوضة العمليات، تلاقيها خلاص قربت تخرج..

أيدتها نهال وهم يخرجان:-
- يلا بينا..

وفور خروجهم دلف يعقوب للغرفة المليئة بالنور والبهجة لكن هو كان يمشي كمن سُلبت منه الحياة..
سار حتى توقف بجانب وحدة الأدراج المجاورة للفراش ووضع على سطحها ورقة مطوية أعلاها مفتاح عريض وبجانبهم باقة كبيرة من الورود الحمراء وأخرى من زهور الأقحوان المفضلة لديها..
شمل الغرفة بنظرة شاملة وهو يتذكر المخططات التي كان ينتويها..

وخنع القلب المتكبر لعمياءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن