أنا كل الكتابات الحزينة التي كتبها أدباء مجهولون، عانوا من الوحدة والحزن. أنا مقطوعة حزينة لعازف انتحر بسبب الاكتئاب. أنا الخطوط المرتعشة التي رسمها فنان قبل أن ينهي حياته، والكلمات الأخيرة لامرأة قبل انتحارها، والرعشة الأخيرة لرجل قبل اغتياله.
أنا صاحبة الجداريات الحزينة في الأزقة والحواري، قاطنة العشوائيات الفقيرة المزينة بالكذب والنفاق. أنا التي تعاني من متلازمات الخوف واضطرابات الاكتئاب. أجلس في الصفوف الأخيرة في المحاضرات، لا يلاحظ أحد وجودي ولا يهتم أحد بغيابي.
أنا صديقة الليل والحزن والاكتئاب، التي لا يعرف أحد حقيقتها، ومهما اقترب مني أحد لا يحظى إلا بالقليل جدًا عني. أتألم لبكاء الأطفال، وأبكي مشهدًا حزينًا في فيلم سينمائي. لا أملك أي أسباب لأفعالي ولا أعرف كيف أبررها أو أدافع عن نفسي.
أنا التي اعتادت السهر دون سبب واضح، التي لا تملك مبررًا للتأمل في السقف، في السماء، أو متابعة أشكال النجوم، وأخلق من أشكال السحاب رفقاء لي. صاحبة الدماغ العتيق التي تفشل المهدئات في تهدئتها، التي يتعكر مزاجها بكلمة عابرة، ذات المزاج المتغير باستمرار ونوبات البكاء والحزن المفاجئ.
صاحبة الأسئلة الوجودية التي لا إجابة لها، اعتادت الصمت في أشد المواقف التي تستدعي الحديث. كلماتي لا تؤخذ على محمل الجد أبداً، أخلق الحجج لأعتذر عن حضور الحفلات والتجمعات .
انا تلك التي اتخذت الموسيقى رفيقاً لها.
أسير في الشوارع وقت هطول المطر، أبكي في غرفتي مساءً وأستيقظ في الصباح وكأنني لم أبك لساعات. أنا الرسائل التي لم ترسل، والوجع الذي لا ينطق، والأمنيات التي لم تتحقق.
أنا الوحيدة جدًا، المزيفة أمام الناس، الصادقة أمام نفسي. لا أملك إلا قلبًا مكسورًا وأحلامًا محطمة وأمسيات أصبحت في طي النسيان. المنسية التي لا تنسى، الموجوعة التي لا تقدر على إيلام أحد، والمسالمة حتى اعتداء البعض على مشاعري دون رد فعل.
أنا الوحيدة جدًا في كل شيء، في عزلتي، في لحظات اكتئابي، ولا يعرف أحد عن أوجاعي. أبكي في صمت، أتألم في صمت، وأصرخ في صمت. المزاجية المصاحبة بلعنة التفاصيل ومتلازمات الخوف . أنا صراخات الألم التي لا تسمع ورعشات الحزن الخافية.
أنا الحزن والاكتئاب والسكون والظلام الدامس. وسط الزحام أختبئ في المقاعد الأخيرة، أختبئ عن نظرات الشفقة السخيفة.
أنا الوحيدة جدًا كآخر طفلة على
الأرض في مدينة الموتى.