زَهـْـــرَتـِـــي || ٠٨

202 28 14
                                    

كانت الشمس قد أشرقت بالفعل عندما غادرا ذلك المنزل الصغير ، فالرئيس ظل نائماً ست ساعات تقريباً قبل أن يستفيق من كابوسه .

مشيا بهدوء بحثاً عن أي طرف خيط يدلهما على المدينة ، فالإشارة هنا منقطعة كلياً و لا سبيل لطلب المساعدة عبر الهاتف .

و طول فترة مشيهما كان الصمت سيد الموقف بينهما ، يخالجها إحساس لا تعرف ماهيتها بينما تتذكر كلماته و تصرفاته اللطيفة معها ، تتورد تلقائياً لتلك الذكريات التي و لسبب ما أسعدتها بشدة ، قلبها ينبض بصخب لهذا الرجل الوسيم الذي يرافقها ، كونها اضطرت لكبح المراهقة داخلها طيلة فترة عيشها مع والدها .

مشاعرها الان تنضح و تتدافع بداخلها لدرجة انها فقدت السيطرة عليها ، لما هو يعاملها بلطف طالما ليس معجباً بها ؟ و كيف السبيل لأن لا يعجب بها اصلا و هى بهذا الجمال ؟! هذا ما فكر به عقلها البريء بينما تسير بصمت الى جانبه .

عنه فالهدوء من طبعه ، و كابوسه عكر صفو مزاجه بحيث لا نية له في التحدث معها و مسايرتها خاصة و أنها كثيرة التذمر و الثرثرة بنظره .

و لم يطل مشيهما الى أن لمحا رجلين يبدوان انهما قرويين تقاطع طريقهما مع الرئيس بشكل ما .

ملابسهما تقليدية قديمة متلوثة ببعض الأتربة ، احدهما يرتدي قبعة قش بينما يحمل دلواً ما بين يديه ، و الاخر على ظهره سلة كبيرة مصنوعة من ضفائر القش يمسكها بإحكام و كأنها حقيبة ظهر .

ابتسم الرئيس بجانبية ابتسامة صغيرة جدا لم تلحظها الاخرى .

فقد كانت عينيها تلمع ببراءة بعد أن ظنت أنهما سبيل لوصولهما الى المدينة !

" من أنتما ؟!"
اردف مرتدي القبعة ببعض العدونية يناظرهما باستغراب فلا يبدو عليهما انهما من اهل قريته كما و أن وجهيهما غير مألوفين أبداً بالنسبة له .

" لقد تعطلت السيارة بينما نحن ذاهبين الى المدينة "
تحدث جيون برزانة و هدوء ، رغم شعره المنكوش و ملابسه المغطية بالدماء الى ان ملامحه الجدية للغاية استطاعت جعلهما يصدقان .

" هل ترغبان بالمساعدة ؟!"
نبس صاحب السلة بعد أن انتبه للحسناء الوافقة بجواره ، يريد أن يبين نفسه في أجمل صورة أمامها ، ليس و كأنها ستنظر اليه .

و جيون لم يكن غبياً كي لا ينتبه لذلك .

" سيسرنا ذلك "
تحدث بهدوء ، بينما الاخرى تشابك اصبعيها ببعضهما ببعض التوتر ، هى لا تعلم لما ينتابها شعور سيئ حيالهما .

و لكن ليست بيدها حيلة ، فقد اقترحا أن يأخذهما الى زعيم قريتهما كضيفين ، و هذا سخاء كبير و جميل لا يمكنها رفضه .

اتبعتهم بهدوء رفقة جيون ذو الملامح الجادة على الدوام ، الى أن وصلوا الى قريتهم الصغيرة التي يغلب عليها الطابع البدائي ، الاسواق المكتضة بالمشتريين و اصوات البياعين المرتفعة بينما يعلنون عن بضائعهم ، المنازل الصغيرة المبنية على الطريقة التقليدية ، كلها أشياء قديمة تراها لوريا للمرة الاولى و هذا ما جعلها تفتح فاهها بذهول بينما عدستيها الفضوليتين تجوبان المكان بمحاولة لاستكشاف الاشياء من حولها .

زَهـْـــرَتـِـــي || J.JK ⛓️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن