الفصل الأول

612 26 9
                                    

صديقتان حتى الخيانة
الفصل الأول
رب أخ لم تلده أمك يكون لك سندًا ودرعًا حاميًا، تشعر معه بالراحة وأنه كمرآة لك يواجهك بما تفلعه إن أخطأت ويأخذك بين أحضانه بلحظات الآلم، لايتركك وحيدا وسط صراعات الحياة وان خيروه بينك وبين الجميع اختارك أنت دون أى مقدمات .
لولولولولى  والنهاردة فرحي ياجدعان عايز كله يبقى تمام.
هكذا دخلت نيرة لصديقتها المقربة آيات يوم زفافها، فهما صديقتان منذ الطفولة  ،لم يفترقا وكانت أمنيتهم أن يتزوجوا بيوم واحد ولكن لم يشاء القدر.
احتضنتها آيات وهى تقول بفرحة: داخله كده بدوشتك، لو كنت اتأخرتي كنت مو*تك .
أجابتها نيرة بسعادة: وانا اقدر برضه .يالا بينا نهيص ونرقص على ما الميكاب أرتست تيجي.
تلك هى صديقتى نيرة ،توأم روحي كما يقولون، حتى انى أخبرت رائد عنها وتعرف عليها ويعلم مقدارها بقلبي، كانت دائما هى همزة الوصل بخلافاتنا حتى تنقضي ولهذا زادت مكانتها عندى وبشدة.
تعرفت  على رائد صاحب متجر صغير لبيع الملابس النسائية، أحببته بشدة وكذلك هو، كانت نيرة أول من أخبرتها بالأمر حتى أنها طلبت رؤيته لتقرر؛ وعندما رأته أقرت به وبأخلاقه .
تمت خطبتنا بمباركة الجميع، كنت أرى نظرات الفرحة بعيني نيرة صديقتى  رغم أنها لم يتم خطبتها حتى الآن ولكنها فعلا كانت مثل أختى وظلت بجواري أثناء تجهيزات شقة الزوجية ولم تتركنى قط وها أتى يوم زفافي وكانت هى أول من وقف بجواري ولم تتركني قط.
كنت أرى دموع الفرح بعيناها وهى تنظر إليَّ بفستان زفافي وكأننى إبنتها ولست صديقتها.
كانت دائما أحلامنا واحدة وكأنها حبة فاكهة نقتسمها معا، حتى عندما كنا نفكر بالزواج نضحك ونقول سنتزوج بنفس الشخص. لم تفرقنا الأيام بل زادت من تماسكنا وارتباطنا خاصة وأنا فتاة وحيدة بين ولدين وكذلك هي وكأن ظروفنا نتقاسمها معا.
حتى بعد زواجي لم نبتعد أبدا بل كانت معي وبجواري بكل لحظاتي.
رااائد يا رااااائد .
أيوه يا آيات فيه إيه يا حبيبي؟
هو إيه اللى فيه إيه؟ مش ملاحظ إنك مشغول عني ودائما ماسك تليفونك.
إقترب منها رائد وقبل رأسها وقال: ياحبيبى إنت عارفه إني تاجر ولازم أتابع كل حاجة، د غير مكالمات تجار الجملة ومكالمات العملا ورسايلهم.
إبتسمت وهى تقول بسعادة: ماشي يا سيدي، بس يالا بقه انت عارف ان النهاردة فرح نيرة ولازم أكون معاها من أول اليوم.
ياستي وانا جاهز يالا بينا، بس ياترى هناخد معانا باهر ولا هتوديه لمامتك.
لا هوديه لماما وهى هتبقى تجيبه معاها وهى جايه على القاعة. انت عارف أنه مش هيسيبنى خصوصا أنه يادوب لسه مفطوم.
تصدقي انى فرحان أن نيرة هتتجوز عشان تفضيلي شوية.
هههههه ياشيخ حرام عليك وكمان مانا عرفتك على خطيبها وبقيتوا أصحاب عايز إيه تاني.
لا ياستي مش عايز حاجه غير مراتي حبيبتى اللى وحشتني جدااااا.
وقفت أمامه ووضعت ذراعيها حول عنقه وقالت بدلال: ياسلام مش كنت بساعدها فى فرش شقتها وبقف معاها زى ما وقفت معايا بالظبط.
قبل أنفها بعشق وهو ينظر لعيانها وقال: ماشي ياستي بس ده مينفيش إنك وحشتيني جدا جدا جدا.
طب يالا عشان ألحق نيرة ياباشا لأن شكلك كده عايز تضحك عليا.
قهقه بشدة  عليها وهو يقول : طب يالا عشان اوديكى لنيره وأروح المحل شويه قبل ما اروح أنا كمان للعريس.
تبادلت الأدوار وأصبحت أيات الآن من تراها كابنتها المدللة، ودموع الفرح هى من تسكبها عينيها من فرط سعادتها بها وهي تتراقص بين يد من اختاره قلبها.
ذلك المحامي الشاب "مهاب" والذي تعرفت عليه بقسم الشرطة عندما سرقت حقيبتها وذهبت لتقديم بلاغ ومنذ ذلك اليوم وبدأت قصتهم معا وكالعادة كانت أيات أول من علم بتفاصيلها كما كانت هى معها.
إنتهى الزفاف وذهبت هى لسهل حشيش حتى تقضي أسبوعا من العسل. قامت آيات بتوديعها بقوة وكذلك صافحت زوجها مهاب والذي كان ينظر لها بقوة ويشد على يدها ويشكرها لأنها لم تترك نيرة بذلك اليوم خاصة بعد وفاة والدتها منذ عدة أشهر.
إبتسمت بصدق وهى تخبره أن نيرة هى إبنتها وصديقتها وأختها.
فنيرة رغم أن بشرتها حنطية إلا أنها تتمتع بجمال جذاب بعيونها الواسعة ورموشها الكثيفة ووجها البريئ مثل الأطفال ورغم أن آيات على العكس منها ببياض بشرتها وعيناها العسليتان إلا أن قلبيهما جمعهما النقاء والصداقة فى زمن قل فيه النقاء وأصبح الغدر هو من شيم الجميع.
مر شهر على زواج نيرة وكان الإتصال دائما بينهما لا ينقطع حتى أنها كانت تحادث مهاب هو الآخر وكذلك رائد.
قررت آيات أن تستضيفهما بمنزلها وقامت بعمل وليمة بها كل ما لذ وطاب وكل ما تشتهيه نيرة كذلك مهاب بعد أن قامت بسؤالها عما يفضله بأنواع الأكل.
يجلس الجميع فى الصالون وآيات تضع الطعام على  السفرة حيث جاءت نيرة تساعدها وسعادتها ظاهرة على وجهها وبقوة.
إيه الحوار؟! شكلك مبسوطه يا نيرو.
هيييييه مبسوطة بس، أنا هطير من السعادة يا يويو مش مصدقة إن ربنا رزقني بواحد زي مهاب كده مش عارف يعمل ايه عشان يسعدني.
احتضنتها بقوة وأنا أقول:  انت تستاهلي كل سعادة الدنيا يارينو.
حبيبتى يا يويو، بس اسكتى مهاب بقه كل شويه فى سيرتك ويقعد يقولي انت محظوظة بآيات صاحبتك ياريت يكون ليا صاحب زيكوا كده قولتله لاا مانت خلاص اتعرفت على رائد وبقيتوا اصحاب زى ما ولادنا أن شاء الله هيكونوا أصحاب برضه.
ضحكت بقوة : طبعا دى صحوبيه بالإكراه .
ياختى اهم قاعدين يلعبوا بلاي استيشن واحنا بنحط الأكل وحياتك شكلهم هيتفقوا علينا.
ربنا يستر ياختى .يالا ننادى عليهم عشان ياكلوا.
ذهبت إليهم آيات وهي تحثهم على ترك اللهو حتى يتناولوا الطعام.
نهض مهاب مرة واحدة وهو يقول: يالا يارائد مادام مدام آيات أمرت يبقى احنا لازم ننفذ على طول.
أولا إحنا إخوات وإسمي آيات وبس زى مارائد مابينادي على نيرة بإسمها ولا انت لسه مش حاسس إننا إخوات وأصحاب.
نظر لي بقوة وقال: لا طبعا ربنا وحده يعلم غلاوتكم فى قلبي.
لا تعلم آيات  لم َ حينها شعرت بغصة بقلبها وعدم إرتياح لكلماته رغم أنها ليس بها شئ .
دعت الله أن يخلف ظنها فهي دائما ما تخاف من شعورها والذي دائما مايكون صادقا. طردت تلك الأفكار من رأسها وهي تخبر نفسها أنه لا يقصد شيئا وأن ما بداخلها هى مجرد تهيؤات من كثرة ارتباطها بصديقتها وخوفها الدائم عليها.
كان وقت الطعام مليئ بالكلام المرح خاصة  أن شخصية مهاب مرحة ولها حضور طاغ وذلك زاد من إندماجه مع رائد زوج آيات والذى يحب المرح وبشدة.
كانت ترى نظرات السعادة بداخل عيني نيرة وذلك ما جعلها تشعر بالإطمئنان ولكن ما إن رفعت عينها حتى تلاقت بعيناه والتي رأت بداخلها نظرة لم تحددها ولكنها وقعت بقلبها وجعلته يشعر بالقلق مرة أخرى.
انتهت الزيارة والتى حاولت خلالها ألا تشغل تفكيرها بأى شئ غير سعادة صديقتها الظاهرة عليها.
أما زوجها رائد  فكان مندمج للغاية معهم خاصة وأنه بالفعل يعتبر نيرة مثل أخته تماما .
ظل مهاب يمدح بطعامها طوال الوقت وكيف أنه لم يأكل مثله بحياته وأنه يحسد رائد على زواجه بها وكذلك طلب من نيرة أن تتعلم  طهي الطعام على طريقة آيات . كان الجميع سعيد بكلماته إلا هي فمازال داخلها ذلك الشعور الغريب والذى لم يكن موجودا قبلا، فمن الممكن أنها لم تلاحظه لقلة الإحتكاك الدائم بينهما.
لم تستطع النوم ذلك اليوم خاصة بعد أن سألت رائد عن إنطباعه والذي كان إيجابيا بالكلية وظل يمدح به وبشدة، فشعرت أن خوفها وارتباطها بنيرة هو الذي يحركها ورغم هذا قررت ألا يجمعها به أى لقاء على قدر الإمكان. وقد كان كنت تقابل نيرة وتذهب إليها فى الأوقات الذى لايكون موجودا بالمنزل وعندما سألتها أخبرتها أنهم مازالوا عرسانا ولا يجب أن تكون كالمتطفلة بينهم . ولبراءتها اقتنعت بما أخبرتها به وزاد من إصرارها أنها أخبرت آيات  أنه دائما ما يسأل عنها  ولماذا تذهب إليهم أثناء وجوده بعمله.
كان رائد يخبرها أنه يراه أحيانا وأنهم على تواصل دائم حتى  قال لها:
أيات إيه رأيك نطلع الويك إند اللى جاي أي مكان ونغير جو.
شعرت بسعادة شديدة : بجد يا رائد ياريت بس هنروح فين.
فيه قرية جديدة حلوة قووى ومش بعيدة وأحلى حاجة إنها فيها أماكن مخصصة للأطفال عشان منبقاش قلقانين على باهر.
بجد بجد انت فرحتني جدا ربنا ما يحرمني منك أبدا
أنا مليش غيرك يا عمري وعشان أزيد من فرحتك وسعادتك ياستى فإيه رأيك بقه إن نيرة ومهاب جايين معانا.
خبت سعادتها ولا تعلم لماذا؟ خاصة عندما قال لها:  صاحب القرية اصلا من الموكلين بتوع مهاب وعاملنا ديسكونت حلو قوي، هاه إيه رأيك؟
إبتلعت رمقها بقوة وهي تقول: يعنى يمكن الموكل ده قاله على القريه يعنى عشان لسه عرسان إنما احنا هنروح معاهم كعزول كده.
عزول ايه بس يا يويو لا طبعا وكمان مهاب هو اللى كلمني وقالي وصمم وكمان بس أنا صممت إني هدفع الحجز وان مينفعش أطلع معاه كده.
ذهب  الجميع بسيارة واحدة وهى سيارة مهاب لأنها أوسع قليلا من سيارة رائد بل وأحدث، شعرت آيات  بسعادة نيرة الطاغية فشعرت بداخلها بغضب من نفسها لأنها كانت ستمنع تلك السعادة التى تراها داخل عيناها.
كانت تداعب باهر ونيرة قد ذهبت بسبات عميق فتلك عادتها دائما أثناء السفر عكس آيات تماما وكذلك فعل زوجها رائد  حتى يرتاح قليلا قبل أن يبدل الأدوار ويقود هو السيارة .
إخترق أذني صوته قائلا: ليه كنت بتتعمدي انك تيجي وانا مش موجود.
إبتلعت رمقها وهي تقول بإبتسامة زائفة: مفيش بس كل الحكاية انكم لسه عرسان وانا كنت بطمن على نيرة وبرضه كنت بطمن عليك منها وبمشي عشان مكنش عزول.
بس انت عمرك لا كنتي ولا هتكوني عزول.
رفعت نظرها فوجدته ينظر لها من خلال مرآة السيارة وكأنه يخبرها بنظرته أنها كاذبه.
أخفضت آيات  عيناها  سريعا ولكنه أكمل وقال: انت بتهربي من حاجة معينه.
رفعت عينيها بقوة : لا طبعا وههرب من إيه وكمان اللى بيهرب هو اللى بيعمل حاجة غلط وأنا مبعملش حاجه غلط.
زفر بقوة وهو يقول: اوك يا آيات اوك.
صدق حدس آيات  وبكلماته تلك قد تأكدت فنظرت تجاه تلك البريئة والتى حين تزوجت وقعت بذلك الشخص اللعوب.
ساد الصمت القاتل داخل السيارة لا يقطعه إلا زفرة قوية منه لا تعلم سببها رغم يقينها من نظراته التى لا تحيد عنها من خلال المرآة.
وصل الجميع  عند الإستراحه فأيقظت نيره وقام هو بإيقاظ رائد وكان باهر قد غفى على يدي آيات.
نظر إليها رائد وهو يقول: أجبلك حاجه تكليها يايويو .
ورغم شعورها الشديد بالجوع إلا أنها رفضت لأنها وبالفعل لا تستطيع تناول أى طعام.
هبطت نيرة من السيارة لتذهب إلى الحمام وكذلك دخل رائد ومهاب والذي شعرت بالراحه لعدم وجوده.
أغمضت آيات عينيها  قليلا وهي تفكر بما حدث ولكنها وجدت شيئا يوضع بجانبها  ففتحت عينيها فوجدته هو وقد وضع كيسا بلاستيكيا به بعض أنواع الباتيهات و الكرواسون.
لم تتحدث فقال بهدوء: نيرة كانت قالتلي انك بتحبي الأنواع دى فجبتهالك، ياريت تأكلي عشان متتعبيش لأنك لما مبتاكليش ضغطك بيوطى وبتتعبي.
نظرت إليه بإستغراب : ومين اللى قالك أصلا وكمان إيه عرفك انى بحب الأنواع دى.
زفر بقوة وقال: أى حاجة تخصك أنا مبنسهاش مهما كانت صغيره.
صاحت به بقوة: على فكرة اللى انت بتعمله ده مش صح، وأنا لولا خايفة على نيرة وصدمتها أنا كنت بلغتها، فياريت ملكش دعوة بيا خااالص.
لم يستطع أن يرد خاصة عندما اقتربت نيرة ورائد من السيارة.
دخلت نيرة السيارة وهى تقول: جبت الحاجة يامهاب.
أجابها بهدوء: أيوه مع آيات  ثم ذهب دون كلام وجلس بجوار رائد والذي اتخذ مكانه فى القيادة.

صديقتان حتى الخيانةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن