حكاية العيد (٢٢)

9 2 6
                                    


_اصحي يا هانم، اصحي كل ده نوم!
صحيت على صوت غريب، أول مرة أسمعه، اتعدلت مكاني وأنا بلتفت حواليا أدور على مصدر الصوت.
_ بِس بِس أنا هنا.
صرخت بفزع وأنا بقف بسرعة وبقول:_ إنتَ مين، ودخلت هنا ازاي؟
_أنا سَليم.
قولت بإستهزاء:_ عرفت أنا كده، سليم مين يا أفندي بدل ما أطلبلك البوليس.
_ نهار أبيض إنتِ تعرفي حد اسمه سليم غيري، وبعدين بوليس اي، مفيش حد هيشوفني غيرك أصلاً.
قعدت على السرير وأنا مش فاهمه اي اللي ييحصل، ما هو أكيد ده حلم.
قعد جنبي وقال:_لازم تصدقي الواقع يا رؤى.
_ يا عم اقعد بقى، إنت عايز تفهمني إنك سليم بطل الحكاوي وظهرت ليا فجأة كده.
_ بالظبط وصلنا الحمدلله.
_ وياترى عايز اي يا أستاذ سليم؟
_ إنتِ مش خلصتِ امتحان انهارده؟
_ الحمدلله.
_ خلاص نتلم بقى ونرجع نكتب تاني بدل حالي الواقف ده.
_ آه، لا تصبح على خير مليش مزاج.
_ خدى هنا يا حجه، بقولك حالى واقف بقالي سنة، احترميني شوية.
ربعت رجلي والتفت له وقولت:_ صِعبت عليا، عندك فكرة مثلاً، عشان مش قادرة أفكر؟
غمز بفرحه وقال: عيب عليكِ وأنا هاجي بإيدي فاضية برده.
_ ويا ترى اي الفكرة؟
_ فاكرة الحكاوي اللي بقالها سنتين مش راضية تخلصيها؟
_ هو إنت جاي تقلب عليا المواجع يعني ولا اي؟
ضحك وقال:_ لا أنا جاي عشان تكمليهم بقي.
_ يا سلام، ما كنت كملتهم من سنتين.
حدفني بالمخدة وقال: ما احنا لو نصبر نعرف.
_ أخدت عليا أوي على فكرة، اتفضل عرفني.
_ اي رأيك تبقي إنتِ بطل الحكاية؟
_ عيني لِمعت بشغف وقولت: ازاي؟
_ يعني تدخلي جوه الحكاية وتسيبي نفسك ليها وشوفي هتخلص ازاي.
_ لا يا عم مش لاعبة، مغامرات وأنا مش قادرة.
قال بخبث:_ إنتِ ناسية إن أبطال الحكايات المفتوحة بترجع تنتقم من الكاتب!
_ ده على أساس إننا في مملكة البلاغة مثلاً.
خطف الموبايل من جنبي وقال: أنا باخد رأيك ليه أصلاً، أنا هختار الحكاية وهندخل فيها سوا.
ناديت عليه وأنا بضحك:_ سليم.
قال من غير ما يرفع عينه عن الموبايل:_ يا نعم.
_ متأكد أوي إنك هتختار حكاية من الحكايات دي، ده أنا يعني كنت مطلعاك بشع فيهم كلهم.
_ مش مشكلة ندخل الحكاية ونصلح صورتي سوا عادي.
قومت وقفت جنبه وأنا ببتسم وقولت:_ براحتك يلا اختار حكاية عشان فكرتك حلوة.
غمز تاني وقال:_ أي خدمة، بس إحنا هندخل الحكاية على إننا الأبطال، ولما تخلص بس نقدر نرجع، غير كده لأ، جاهزة؟
قولت بحماس:_ أكيد.
_ خلاص يلا بينا.
فجأة زي بوابة زمنية اتفتحت قدامنا، للحظة خوفت ورجعت خطوة لورا، بس مسك إيدي وشدني بسرعة فدخلنا سوا.

                           " لنبدأ رحلتنا سويًا."

_ رؤى، رؤى اصحي بسرعة
_ خمس دقايق بس ياريم، خمس دقايق.
_ خمس دقايق اي، اصحي بسرعه في مصيبة!
_ قومت بزهق وقولت: ريم متهزريش مصيبة اي علي الصبح.
" ريم صديقي الصدوق، صحبتي في السكن وكمان بنت خالتي." قالت وهي بتنهج:_ماما، ماما لسه متصلة وبتقول لازم نرجع.
_ نرجع دلوقتي!، الامتحانات كمان أسبوعين، اي اللي حصل عشان نرجع؟
_ سليم، سليم رجع من السفر.
_ أيوه ما يرجع يا ريم، أرجع ليه أنا؟
بعدّت عني شوية وأخدت نفس وقالت:
_ ايوه ما ماما قالتلي إنه..
_ إنه اي ؟
_ طالب إيديكِ، وجريت.
ثواني بس أفهم، سليم مين اللي طالب إيدي!
_ بت يا ريم تعالي هنا، إنتِ قولتي اي كده عيدي تاني.
_ قالت وهي بتضحك: واللهِ ما ليا دخل، أنا مصدومة زي زيك.
_ بت اسكتي ومتضحكيش وقوليلي أعمل اي في المصيبة دي؟
_ ولا حاجه هننزل نشتري فساتين عشان خطوبتك يا عروسة، ونرجع البلد عادي جدًا.
_ ريم متهزريش معايا، أولاً مش عايزة أتجوز دلوقتي، ثانيًا بقي لو هتجوز مش هيكون سليم أكيد.
_ ليه يا رؤى، احنا متربين سوا يعني، وسليم كويس مش وحش.
_ أنا عارفة إن سليم كويس بس..
_ بس اي؟
سكت شوية وأنا بفتكر ذكري مؤلمة بحلم بيها كل يوم، حاولت إن دموعي ما تنزلش وقولت:
_ مفيش حاجه يا ريم، قومي يلا نحضر حاجتنا، واللي ربنا عايزه هيكون، ربنا مش بيختارلنا إلا الخير وأنا واثقة فيه.
طول الطريق وأنا بحاول أهدي، بحاول أخّرج كل مخاوفي من قلبي، طول الطريق بسمع قرآن، بحاول أطمن قلبي إن ذكريات الماضي دي، ماهي إلا ذكريات مش هترجع تاني، دي أول مرة أرجع فيها البلد من أربع سنين.
غمضت عيني وافتكرت كل مرة كنت بدعي ربنا إنه يمدني بأي حِجه عشان مرجعش، بأنه يخلق لي ظروف تمنعني من إني أرجع.
ودلوقتي أنا راجعه أواجه الماضي اللي بقالي سنين بحاول أهرب منه، لكن له في ذلك حكمة، وأنا واثقه في اختياره ليا مهما يكون.
_ رؤى!، وحشتيني أوي يا حبيبتي، كده ما أشوفكيش من أربع سنين.
_ معلش يا خالتو بقي، إنتِ عارفة اللي كان بيحصل، وإنتِ كمان وحشتيني أوي واللهِ.
_ ماما عاملين أكل اي عشان جعانه.
خالتو بصتلي بصدمة وقالت :رؤى، هي البت دي لسه زي ما هي كده.
_ واللهِ يا خالتو ببقي خايفة تاكلني في السكن.
ريم بصتلنا بقرف وقالت:_خلصتوا؟، أنا داخله آكُل، وسابتنا ومشيت فعلًا.
خالتو اتنهدت وقالت:_ احكيلي بقي يا حبيبتي، عاملة اي؟
_ الحمدلله واللهِ يا خالتو.
_ ربنا يديم حمدك يا حبيبتي، يلا اطلعي ارتاحي شويه علي ما أحضر الغدا، عايزة أتكلم معاكِ في حاجات كتير.
_ ماشي يا حبيبتي، تحبي أساعدك في حاجه؟
_ لا يا حبيبتي ارتاحي إنتِ.
مشيت خطوتين ورجعت..
اتكلمت بخوف بسيط حاولت إنه ميظهرش _ خالتو بقولك اي، هو أدهم هنا؟
_ لا يا حبيبتي أدهم في شغله، مش هيرجع غير بعد يومين.
_ اتنهدت براحه وقولت: ماشي يا خالتو هطلع أنا بقي.

حكاوي رؤى وسليم.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن