الفصل الثالث ( شبح الذكريات)

579 64 80
                                    


"الفصل الثالث"
"رواية جريمة شقة ١٣"
"شبح الذكريات"

________________________

لا أحب الذكريات، إنها مرهقة، تجثم بثقلها على قلبي، لي موعدٌ معها كل ليلة، حيث في ليالي السكون رغم هدوء المحيط حولي، لا تفارقني الضجة.

أصوات عقلي تلاحقني، تغالبني بتلك الذكريات كنسيم بارد، تتكرر أسئلتها اليومية في رأسي بلا هوادة: لم حدث هذا؟ لماذا فعلوا بك هذا؟ ولماذا لم تفعل ذاك؟ تلك الأصوات يا صديقي أنها مؤلمة، مهلكة لا تشفق عليّ أبداً، بل تعيد إلي صوراً وأصواتاً كنت أعتقد أنها تلاشت.

كنت أوهم ذاتي بالتخطي، وما أنا سوى أحمق لم ينسَ ولم يتخطَ يوماً. تلك الذكريات لا تزال حية، تدق بابي بلا استئذان، تأخذني إلى عوالم من الألم والحزن والأسى. أذوق فيها مرارة الفراق والخذلان والتخلي مرة أخرى، يعود الألم كمرته الأولى لا يندمل.

فهي ذكريات لا تُنسى، وحمل ثقيل لا يمكن إلقاؤه، يسكن القلب ويمتد إلى كل إنش في الروح، وفي خبايا الذاكرة، تحوي أحزاناً لا يمحوها الزمن، لتعود تلك الذكريات لتغرس أنيابها في روحي كلما حاولت محوها.

ربما تكون لحظات عابرة، لكنها تركت أثراً لا يزول، وأصبحت شبحاً يلاحقني في كل خطوة، يذكرني بأيام لم تعد ولن تعود.

فلا تخبرني يا صديقي أننا سنصنع سوياً ذكرى، أعلم أنك سترحل، وستبقى الذكرى لتؤلم روحي، لذلك، يا صديقي، أنا لا أحب الذكريات.

________________________

كان ذلك كحالها تماماً وهي تقف أمامه، تفاجئها الذكريات التي اعتقدت أنها تجاوزت ذلك الزواج منذ زمن، إلا أنه بمجرد ظهوره أمامها من جديد، كان يعيدها في كل مرة إلى نقطة الصفر مرة أخرى. وما زاد الطين بلة هو حديثه، إذ كان يُذكرها بكل تلك التفاصيل التي حاولت نسيانها ودفنها في أعماق ذاكرتها.

لم تكن مجرد كلمات، بل كانت جروحاً تُفتح من جديد، تُعيد إليها الألم والحزن اللذين اعتقدت أنها تجاوزتهما، كانت كلماته تحمل في طياتها عبء الماضي، وكأن الزمن لم يمضِ ولم تتغير الأحوال.

حيث ألجمتها الصدمة من حديثه، كيف لهذا أن يحدث؟ إن لم يكن أولادها في منزل والدهم، فأين هم إذاً؟ ولكنها لم تهتم لهذا الأمر كثيرًا، بل أكثر ما أثار استياءها هو حديثه وتطاوله عليها، فأنفضت يده عنها بغضب وهي تصيح فيه بغضب مماثل:

- شيل إيدك عني يا حيوان! إنت اتجننت يا "سامح"؟ الظاهر إن أنت اللى مخك فوت والستات اللي أنت داير معاهم لعبولك فى مخك، وبعدين إيه شباب وتتسرمحي دي؟ يا حقير، هو إنت فاكرني زيك ولا إيه؟ أنا ما أسمحلكش.

جريمة شقة ١٣حيث تعيش القصص. اكتشف الآن