إستلقت كيان ثانية على فراشها الطري فلم تكن لها رغبة في فعل أي شيء حتى طرق الباب فأجابت:
_أدخل!
فتح الباب ببطئ و دخلت فتاة هزيلة ذات شعر شديد السواد و أعين خضراء كانت خافضة رأسها لم ترفعه و لو قليلا و قالت في تردد:
_ سيدتي... أنا .... أنا...
وقفت كيان و إتجهت نحوها و أمسكت بذراعها:
_لا تخافي... فقط خذي نفسا عميقا و إرفعي رأسك ثم تكلمي
إرتعدت الفتاة من لمسة كيان لها و أشعة عيناها نورا و نظرة إليها كما ينظر الطفل إلى أمه و نفذت ما قالته لها ثم أردفت:
_مرحبا سيدتي أنا... أنا أدعى قمر و .. أنا خادمتك الخاصة كما قامت السيدة أسينا بتعييني
_يعني أنك سترافقينني دائما؟
_إن لم أزعجك... يمكنك أمري بالمغادرة كلما أردتي...
_ما رأيك أن نصبح صديقتين؟ فنحن سنمضي وقتا طويلا معا من اليوم
إرتعدت الفتاة ثانية من كلامها و رفعت رأسها و توسع بؤبؤ عينيها:
_سيدتي... لا هذا ... هذا كثير !
_توقفي عن نعتي بسيدتي يا قمر أدعيني بكيان من الأن و صاعدا ... نحن صديقتان الأن و لا رسميات بيننا
إنحنت قمر و قد دمعت عينها:
_هذا لطف منك سيدتي... بل أقصد كيان..
ربتت على كتفها و قالت :
_توقفي عن البكاء أرجوكي
و قالت في نفسها(سيكون كسبها إلى صفي مربحا لي ربما ستساعدني على الخلاص)
ثم أردفت:
_مالجديد في القصر يا قمر
_لا جديد سيدتي سوى خبر زواجك أنتي و جلالته
_أه و ماهي المراسم التي هي قيد التجهيز
و قالت في نفسها(إنهم مساكين ستذهب تجهيزاتهم سدًا عندما سأهرب ... فقط إنتظروا ريثما أجد مهربا)
_الحقيقة لا أعرف الكثير سوى كون مجموعة من الحراس سيذهبون في الغد إلى المدينة لتوزيع الذهب على الأهالي و إعلامهم بخبر الزفاف
_هكذا إذا ...
قاطع كلامهم صوت ضربات على الباب أشارت كيان برأسها فذهبت الخادمة لفتح الباب فإذا بها سيدة عجوز و إلى جانبها حارس يحمل أدوات قيس ...إنحنت السيدة و تكلمت:
_إسمحي لي بأخذ مقاييسك رجاءً من أجل فستانك أيتها العروس
هزت رأسها معلنة عن موافقتها و ماهي إلا لحظات حتى وضع الحارس أدوات القيس قائلا:
_ المعذرة ... علي الذهاب الآن فالملك أمر المسؤولين عن توزيع الذهب في المدينة بالقدوم في إجتماع... سأعود لاحقا لأخذ الأدوات فهي ثقيلة بالنسبة لسيدة عجوز
ثم إستدار و غادر الغرفة
أكملت السيدة العجوز عملها و دونت الأقيسة في دفتر صغير ثم خاطبة الآنسة:
_ إن جسمك مثالي ... كما سيليق اللون البنفسجي على بشرتك البيضاء و عينيك...فقط ثقي بهذه السيدة العجوز المحترفة ...
إبتسمت ثم أضافت:
_علي الذهاب الآن ... سيأتي الحارس لحمل تلك الأغراض لاحقا
ثم إحنت رقبتها و مشت في ثبات إلى الباب قاصدةً ورشتها في القصر
إبتسمت كيان بمكر و قالت لقمر:
_ عندما يعود ذلك الحارس أخبريني***************
في اليوم الموالي إصطفّ الحراس في باحة القصر و تم توزيع الذهب عليهم و منح لكل أحد منهم قائمة بأسماء العائلات المكلف بإيصال الذهب و الدعوة لها فالملك يعامل شعبه بإحترام و تقدير شديدين و ما إن أوشكو على الخروج حتى جاء سوار يركض و أوقفهم و أمرهم بإعادت الإصطفاف ثانية .... و ماإن نفذوا الأوامر حتى جاء ترانيم يمشي و يخطو خطواته بثبات و وقف أمامهم جميعا و رمقهم بنظرة باردة و ما شهد عليه الحراس أنهم لاحظو أن إحدى الحراس كان يرتعش و يتصبب عرقا خاطبهم الملك قائلا:
_ أقسموا على ولائكم و على إيصال الأمانة كاملة بالطريقة المتفق عليها
فهتفوا جميعا:
_ نحن نقسم على ولائنا! و لن نمس ولو قرشا واحدا ! و سنوصل الأمانة كما إستلمناها
فهزَّ ترانيم يده و حرك أصابعه فاتحا للبوابة أي أنه سمح لهم بالإنصراف ... بدء الجميع بالمغادرة في سلاسة و سلام إلا أن ترانيم أوقف الحارس اللذي كان يرتعش و أمره بإتباعه ... كان الأمر عاديا و لحسن الحظ لم يكترث أحد للأمر ...
أخذ ترانيم يتقدم دون إلتفات و الحارس يقوم بإتباعه حتى وصل إلى مكان مخفي عن الأنظار بجانب مستودع قديم .... بدى القلق باديا على وجه الحارس... و بحركة من أصابعه حمله و دفعه إلى الحائط و أسند ترانيم ذراعيه إلى الحائط أي أن الحارس محاصر ورائه الجدار أمامه صدر الملك العريضة و على جانبيه ذراعا الملك ... أنزل رأسه و قال:
_سيدي ... ماللذي يجري؟
_ألا تظن أنك قصير القامة بعض الشيء ... بالإظافة إلى ملامحك الجميلة
و وضع إبهامه على خدٍ و أصابعه الأربعة الأخرى على خده الآخر و أخذ يعتصر خدوده
_سيدي أتركني ماذا لو رآنا أحدهم سيظنون أننا شواذ!
أحنى ترانيم رأسه إلى الحارس و رفع رأسه بيده:
_لن أتركك إلا بقبلة
إحمرّت وجنتاه خجلا و نظر بعيدا كأنه لم يسمعه
إبتسم ترانيم و جعله يطفوا ثم أخذه إلى باب المستودع القريب و حطم الباب بساقه و قال:
_ أنظر يبدو أن إحدى النساء غيرت فستانها في هذا المستودع... ألا يبدو هذا الفستان مألوفا؟
لا إجابة... عندها صرخ :
_كيان! ماللذي تظنين نفسكي فاعلة! هل ظننت أنك بتنكرك السخيف هذا ستخدعينني؟ ألم تيأسي بعد؟
أنت تقرأ
بين أحضان غابة ترانيم
Фэнтезиكانت كيان تعيش حياة بسيطة مع والدها و أختها الصغرى في منزلها المستفرد في الغابة إلى أن تنقلب حياتها رأسا على عقب منذ مرض أختها...