✾ الفصل الأول ⊰ 1 ⊱

35 2 5
                                    

"لقد كان والدي محقا في نهاية الأمر"

كان العجوز مستلقيًا على سريره، في زاوية متواضعة من منزله البسيط. عيونه الزرقاء، التي بدت كأنها تحمل في طياتها أسرار عقود من الزمن، تراقب السقف الخشبي بتأمل عميق. كان يعلم أن نهايته قريبة، وشعر أن آخر لحظات حياته تتسلل ببطء مثل النسيم البارد الذي يداعب الستائر الرقيقة.

في الخارج، كان يمكن سماع أصوات الضحك والغناء. كان الناس يحتفلون في مهرجان يول، الذي يصادف أول أيام الشتاء. بالنسبة للعجوز، كان هذا اليوم يحمل ذكريات خاصة. تمنى لو استطاع أن يزور ذلك القبر القديم لأخر مرة، لكنه أدرك أن قوته خانته ولم يعد قادرًا على السفر.

رأى في ذهنه صورًا قديمة تتجدد، لحظات من حياته التي مضت سريعًا كأيام الشتاء. تمنى لو أنه يتمكن من رؤية تلك الوجوه مجددًا، ولو للحظة قصيرة، ولعل هذه الذكريات هي التي كانت تملأ قلبه بالحنين والألم معًا.

...

في مكان آخر، في زمن قد يكون في الماضي أو الحاضر، كان رجل يمتطي حصانه. عيونه الزرقاء كانت تلمع بحدة تحت أشعة الشمس الخافتة التي تنعكس على الثلوج. كان يسير ببطء عبر الغابة الثلجية، كانت الأشجار الطويلة تحيط به من كل جانب، أغصانها المثقلة بالثلوج تتدلى بثقل.

في عالم ينقسم إلى أربع قارات، كل منها تتسم بتضاريسها الفريدة وأجوائها الطبيعية المتنوعة. عالم خالٍ من العدل والنظام، حيث تهيمن الفوضى والفساد على هذا العالم بسبب الصراعات المستمرة بين القبائل والعشائر والقرى، يكاد يخلو من الأنظمة الحكومية والقوانين التي تحمي حقوق الشعوب.

في هذا الإطار، كان الشتاء يروي قصته بطريقته الخاصة، حيث تتداخل ذكريات الماضي وأحلام المستقبل مع أحداث الحاضر.

...

قارة سنوفيرا تقع في الجزء الشمالي من العالم، وتتميز بأجوائها الباردة. في هذه البيئة القاسية، كان الفتى سيغارد، البالغ من العمر 15 عامًا ابن زعيم القرية إلدريك يولفيسك، يتدرب بجد استعدادًا لبعثة الصيد القادمة. كان يحمل سيفًا ذو نصل مستقيم حاد من كلا الجانبين، مزودًا بواقٍ بسيط لحماية يده. كان يستعد أملاً في أن يتم اختياره للصيد في الشتاء، فقد اقترب مهرجان يول، ولم يتبقَّ له إلا أيام قليلة.

جميع الفتيان يرغبون في أن يتم اختيارهم للصيد قبل فصل الشتاء، ففي هذه القارة الشتاء شديد البرودة وقاسٍ ويصعب النجاة فيه، لذلك تقوم أغلب القرى والعشائر بالاستعداد له قبل حلوله. واختيار الفتيان في الصيد كان أشبه بالاعتراف بقدراتهم في القتال والنجاة، لذلك الجميع يتطلع له.

ومن بين الفتيان الذين كانوا يجذبون الأنظار، كان هناك الفتى كيلان، الذي كان يتدرب على الرمي حاملاً قوسًا خشبيًا متقن الصنع، يصوب به نحو لوح خشبي. كان يمكن سماع مديح الفتيات له بعد كل سهم يطلقه، ولأنه بنفس عمر سيغارد، جعل ذلك الناس يقارنون ابن زعيم القرية بكيلان الموهوب. بل كان واضحًا للجميع أن كيلان أفضل منه، مما ولد لدى سيغارد مشاعر الحقد والغيرة في قلبه.

Yule: Shadows of the Past | يول: ظلال الماضيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن