1_ روز بلاك

7 1 0
                                    

الفصل الاول:
(روز بلاك)
حدقت في المرآة ورأيت ما أراه كل يوم..دوائر سوداء حول عيون زرقاء كمنتصف الليل ..وجه شاحب كالأموات..وشفاه بيضاء خالية من الدماء تماما..أغلقت عيناي وتنهدت بشدة لإزاحة الأفكار السوداوية التي تنتابني كل صباح..ولسان حالي يسأل لماذا لا تقومين بكسر المرآة وقطع أوتار يدك والإنتهاء من هذا الجحيم؟..أخرست صوت رأسي وفتحت عيناي وهمست لنفسي"أنا لست جبانة"..فتحت صنبور المياه وقمت بغسل وجهي وتنظيف أسناني ثم وضعت مرطب على بشرتي والقليل من ملمع الشفاه..وقمت بتغطية دوائري السوداء بخافي العيوب وذهبت لإرتداء ملابسي للذهاب إلي العمل..توجهت للغرفة الوحيدة الموجودة بالشقة..فأنا أسكن في شقة صغيرة جدا بها غرفة واحدة وصالة ومطبخ ومرحاض..الشقة صغيرة جدا ولكنها تفي بالغرض فالإيجار ليس مرتفع كباقي العقارات ولدي فكرة لماذا هذا .. تنهدت ثم فتحت الخزانة وارتديت زي العمل..فستان أسود يصل حتي الركبة بياقة وأزرار بيضاء ..قمت بتمشيط شعري الاسود الطويل المائل للبني قليلا وعقدته علي هيئة ذيل فرس..ثم انتعلت حذائي الأسود المهترئ قليلا وهو الحذاء الوحيد الذي امتلكه وفكرت أنا احتاج لحذاء أخر بشدة ..امسكت حقيبتي وتوجهت نحو الباب وأنا أتمنى بألا أجده أمام باب الشقة فمزاجي هذا الصباح لا يحتمل لأي هراء..ولكنني نسيت لوهلة بأن أمانيّ لا تتحقق فها أنذا أراه متكأ علي الحائط المواجه للباب.. فليساعدني الله وألا سأقوم بمسك رأس هذا الوغد وتحطيمه في الحائط بجانبه..
رمي سيجارته ودهسها بقدمه وقال بصوت ساخر"صباح الخير يا زهرة"تأففت بقرف منه ومن رائحة سجائره النتنة..قبل أن أغلق الباب بالمفتاح و أتوجه نحو السلم للنزول وأنا لا أعيره اي اهتمام..ولكن كالعادة لم يبالي بلا مبالاتي ووقف أمامي ليسد علي الطريق..ظللت صامتة حتي يتحرك ولكنه لم يتزحزح لذلك تحدثت من بين أسناني وأنا أحاول لجم نفسي عن ضربه في وجهه وكسر أنفه الكبير"تحرك ..لدي عمل علي اللحاق به وحقا لست في مزاج رائق لسماع حديثك الغبي"اقترب خطوة والتي ابتعدتها للخلف..ليس خوفا ولكن اشمئزازا..فلا أريد لهذا النتن أن يضع أي طرف من أطرافه علي ..قال بصوته الساخر دائما"عمل؟هل تظنين بأن عملك كنادلة في مطعم صغير يقبع في مكان لا يراه أحد .. عمل.. اتركي نفسك لي وسأجعلك تعملين عمل حقيقي يا حلوة"يا إلهي أنه حقا لا يمل أبدا..رفعت وجهي ونظرت إليه..اسمه جورج في التاسعة والعشرين ..بشعر اسود خفيف من المنتصف وجسد بدين قليلا.. ورائحة كالعفن..
تحدثت بغضب ولكن بصوت منخفض"ألا تسئم من تكرار الحديث كل يوم؟أخبرتك من قبل ألف مرة وسأخبرك مجددا جوابي هو لا..لن أعمل كعاهرة ..ادخل هذا في رأسك الكبير " صرخت في آخر جملة وقمت بإزاحته من طريقي ومشيت بسرعة نحو السلالم..بدأ الأمر قبل ستة أشهر عندما صادفته في محل البقالة وقتها عرض علي أن اعمل في النادي الليلي الذي يعمل فيه فرفضت.. تكرر الأمر عدة مرات.. ثم تطور الأمر أصبح ينتظرني أمام الشقة..يلح علي بشدة ..فأرفض وانصرف للعمل ولكن اليوم لم يدعني أنصرف بهدوء ككل مرة.. بل مشى خلفي "أخبرتك العمل ليس كما تتخيلين..ستكونين مضيفة فقط..أسبوع بحد أقصى"جعدت جبهتي ولم التفت للنظر إليه وأنا أصل لباب البناية بسرعة"مضيفة؟هل هذا مسمى جديد لوصف هذا العمل البشع"ضحك ضحكة كريهة وأنا أكمل المشي سريعا ومازال يمشي بجانبي"ستكونين مضيفة لرجل أعمال إيطالي..في الثلاثين من عمره..سيقيم حفلة لمدة أسبوع ويريد شابة جميلة بجواره وسيعطيكي خمسين ألف..لقد أريته صورة لكي وأعجب بكي كثيرا"توقفت قدماي من الصدمة وجحظت عيناي وانا ألتفت إليه..همست بهدوء الذي يحل قبل العاصفة "فعلت ماذا؟" ظن بأن هدوئي بسبب المبلغ لذلك أكمل بحماس"بالإضافة إلي خزانة ملابس ومجوهرات كثيرة..ستعيشين كملك.."قاطعته وأنا ألوح بيدي وصرخت في وجهه "فلتذهب أنت وهو إلي الجحيم بالمال وبالملابس..هل تظن بأنك تستطيع شرائي..أقسم بإن لم تكف عن ملاحقتي سأخبر الشرطة "تحول وجهه للون الأسود واختفت ابتسامته وتجهم ثم تحدث بهدوء وبنبرة لم يسبق لي سماعها من قبل"فلتحاولي فقط إخبار الشرطة وأعدك بأن أشياء لن تسرك ستحدث "ضغطت على أسناني وحاولت إبقاء وجهي خالي من التعابير..وهو يقترب خطوة وهمس بفحيح كالأفاعي "من أعمل لديهم يستطيعون جعلك عاهرة بحق ولكن لأنني لم أرد لكي هذا اقنعتهم بأن نجعلك مضيفة فقط..لذلك زهرتي فكري قليلا قبل ردك هذه المرة..فمن يريدك مضيفة كلمة لا ليست في قاموسه"ابتعد وانصرف في ثانية..ظللت واقفة لا أعلم لكم من الوقت ..وصدري يرتفع وينخفض بسرعة وقلبي ينبض بشدة ..ليس من السهل إخافتي .. ولكن لأنني فتاة وحيدة لا أملك أي أحد وأعني أي أحد ..فقد خفت قليلا..وإذا اختفيت فلن يبحث عني أحد..ولكن إذا ظن هؤلاء الأوغاد بأنني سأستسلم بسهولة فهم مخطئون جدا.. رمشت بسرعة عندما سمعت رنين هاتفي ..اخرجته واجبت"آلو"جاءني صوت صديقتي التي تعمل معي في المطعم..ميلا"أين أنتي روز؟هل أنتي بخير؟"اخذت نفس عميق لتهدئة غضبي"نعم أنا بخير..خمس دقائق وسأكون في المطعم..لن اتأخر"
-حسنا أسرعي..إلي اللقاء
-إلي اللقاء
اغلقت الهاتف ومسحت جبهتي..اخذت عدة أنفاس ..ثم تحركت للذهاب إلي العمل..فليريني ماالذي سيفعله هذا الحقير..فليحاول فقط تهديدي مجددا..وأقسم بأن أجعله يدفع الثمن..
#Moon_light

زهرتي السوداء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن