"الفصل الرابع"
"رواية جريمة شقة ١٣"
"فجوة الفراق"________________________
فراق الأحبة هو إحدى أقسى التجارب التي يمكن أن يمر بها الإنسان، حيث يختطف الموت لحظات الفرح ويغتال الأوقات التي كانت تعج بالحياة، يسرق منا أصواتًا كانت تملأ أرجاء أيامنا وتمنحها رونقًا خاصًا، ليتركها مجرد ذكريات تتلاشى مع مرور الزمن.
الموت لا ينزع فقط الأحبة من بين أيدينا، بل ينزع أيضًا أجزاءً من أنفسنا كانت تتنفس في ظلهم، حيث يصبح كل لحظة، كانت تملأ حياتنا بالحب والسعادة، مجرد شبح يطاردنا في خيالاتنا، تذكرنا دائماً أنها ليست سوي لحظة فارغة تذكرنا بما فقدنا.
إلى أن تغدو الذكريات منقوشة في الذاكرة كعلامات على غياب لا يُعوَّض، وتذكير دائم بأن الحياة ليست إلا سلسلة من لحظات السعادة التي سرعان ما تُختطف، تترك خلفها حزنًا عميقًا وشوقًا لم ولن يتحقق.
كان ذلك كحالهم تمامًا، فما أصعب من أن تفقد صغيرك الذي كبر ليصبح شابًا يماثلك طولاً، بعد أن كنت تجهز له مستقبله بكل حب وتفاؤل، تجهز أن تراه في عُرسِه، إذ يأتيك فجأةً محمولًا على الأكتاف في أكفانه!
آهٍ من ذلك الألم، فعندما يختطف الموت قطعة من قلبك يصبح الألم مضاعفًا، وتبدو الحياة وكأنها قد فقدت معناها؛ ذلك الألم الذي لا يمكن وصفه يترك فجوة لا يمكن ملؤها أبدًا فهو ألم يفوق التصور، يشبه فقدان جزء من نفسك، جزء كان يمثل الأمل والحب والفرح، ليتبدل كل ذلك في لحظة الفراق، حيث يموت الأمل وينحسر الحب، وتُجرح الروح، وتنتهي السعادة. فلا يبقى سوى الألم، كظل دائم يرافقك في كل لحظة.
________________________
"في الحاضر"
وصل كل من "محمد الهويدي" وزوجته السيدة "جيهان" إلى مقر الشرطة وقد غمرتهما حالة من الذهول والصدمة لمعرفة ما حدث لفلذة كبدهم، حيث كان الخبر المفاجئ الذي وصلهما كالصاعقة التي وقعت عليهما؛ فقد كانت "جيهان" تبكي بلا هوادة، وعيناها محملتان بالإنكار لذاك الخبر المروع، والدموع تغمر مقلتيها والألم يسيطر عليها.
بينما كان "محمد" في وادٍ آخر، يحاول التماسك قدر الإمكان لئلا ينهار، يسعى جاهدًا للحفاظ على رباطة جأشه متشبثًا بخيوط الأمل الواهية، وعندما حان الوقت للذهاب إلى المشرحة للتعرف على الجثمان، كان "محمد" ينكر الواقع محاولاً التمسك بآخر أمل كاذب له بأن المتوفى ليس ولده الحبيب.
ثم قاطع عصف أفكاره دخول "كمال الحداد" إلى مكتب الضابط "حسام"، كانت هيئته مزرية رغم أناقة ملابسه؛ فوجهه الشاحب وعيناه المتعبتان كانتا ترويان قصة معاناة داخلية عميقة، تعكس حالة الحزن واليأس التي تعتريه. كانت نظراته تروي معركته مع الألم والشعور بالضعف، فقد فشل في حماية ابنته ويحمل نفسه مسؤولية تركها بمفردها.
أنت تقرأ
جريمة شقة ١٣
Mystery / Thriller"الجميع مجرم في محكمة العقل بتهم متفاوتة، منا من قتل في الخيال يوماً، وربما كلنا قتلى في خيال آخر، ربما كنت قتيلًا في عقل أحدهم اليوم بل ربما تصبح غداً قتيلًا ولربما تكون أنت القاتل، فليس كل من قتل من قبل كان يتوقع أن يصبح قاتلاً.. فلا تتعجب من شيء،...