"الثالث والعشرون"

142 3 4
                                    

في أرض جدبَاء صحاريها مترَامِيه الأطرَاف وأراضيها قَاحله لا نبَات فِيها غَابت الشمَس على من فيها وهواجِيس فكرَه تتكَاثر بلا نقصَان,شدّ قبضتَه على سبحه يده وهو يلاعبهَا في وهَن ..
قطَع حبل أفكَاره صوت شجيّ عطوَف صدَر من جنبَه,رفع رأسه بإتجاه الصوت وأبتسَم بلا شعور من لمَح كمَال من إبداع الخَالق,أنثى في غَاية الفِتنة والبهَاء مُلثمَه بخمار مغطَى بالسوَاد ولا يظهر منها سِوى لمعَة عينها,أنحنت رنُـود وهي تدخل طَاسة لبن وبجنبهَا صحن تمر وأرتفعَت وهي تردَف بعذُوبَة صوتها: أستلذّ وأشبع من خيرات الكريم
تكلم تمِيم وعينه ما تزحزحَت عن عيونها: جاد الله عليك وكثر الله خيرك لكن ما كان له داعي
رنُـود تجَاهلت الرَد على آخر ما سمعَت وأردفت: فيه العَافيه,ألتفتت معلنه الرحِيل وقطع عليها حسّه الي رجَع ..
تمِيم أردَف: ألا ما قلتِي لي أنا في بيت من؟
رنُـود بسكِينه: في بيت من بيوت الله أما الأسامِي لاترّفع قدَر ولا تنزل جَاه
تمِيم هز رأسه بتأييد: صدقتِي,وأعدَاء الله حَاولوا يحوفون البِيت من قبَل؟
رنُـود عقدَت حواجبها بعدم فهّم: أيش؟
تمِيم أردَف بتبرِير: لقِيت لي رجال بطريقِي لهنَا وبعيونهَم قريت الغدِر!
رنُـود بإستغرَاب: منهم!
تمِيم تنهَد وناظرها: طُلاب ثأر
رنُـود سحَبت من جَانب الخِيمه بَارود معَلق ولفت وعينها على تمِيم: يخسّوا
تمِيم بإبتسَامه مرتسمَه على فاهه وضحكه بصوتَه: يخسوّا ويهبوّا بعد
رنُـود ناظرت فِي خَارج الخِيمه الي كَان عبَاره عن سوَاد دَاكن وما يُرى منه إلا بداية الخِيمه بحكَم النور الي فيها وشعَاعه أما من بعده فكَله سوَاد دَاكن: أنت أرتَاح وأسترِيح وأنا أتكفل بهم
تمِيم عقَد حَاجبه ونطَق بغرَابه مما سمَع: وش أنتي تقولِين يابنت!!
رنُـود أردفَت: على هوّنك يا الضِيف أنت ضِيف بيت أبوي والبيت الي ما يحمِي ضِيفه بيت خَايب
فزّ تمِيم رغم معرفتَه إن كلامها صحِيح إلا إن رجولته ما ترضَا تحمِيه إنثَى,قطَع منطوقه صوَت الصهِيل الي صدَر من الخِيل ..
فزّ قلبها وقامت لأطراف الخِيمه وهي تتلفَت وبصوت عالي: من هِنااا!!
رفعَت زرّ الأمان عن البارود وبدَت تطلق بعشوائية لكونَه ظَلام وما ترى في عتمَة الليل ومع كِل طلقه تخرَج من البارود يزداد صوَت الخطِي والشوشرَه,مرَت لحظات وأختفى الصَوت وأيقنَت أنه أيًّا من كَان الي هنا هو هرَب ..
ناظرها تمِيم بإبتسَامه: عفيّه,سَلمت يمِينك
رنُـود بادلته الإبتسَامه: ومن يقول يسَلم,تقدَمت لبرا الخِيمه وأشعلت نِيران وقعدت بقربها تَاركه داخل الخِيمه لتمِيم لأجل يسترِيح ويأخذ راحته ..
مرَ الوقت بصمَت وتمِيم يراقبهَا وهو يعلم عِلم اليقِين إن الهبوب البَارده تهب عليهَا,هز رأسه بعدم رضَا: يابنت الناس أدخلي داخل البِيت ترا الهبوب بارده
أنصَتت رنُـود لكَلامه وتجَاهلته وهي تضَم كفوفها لبعض وتقربهَا لفمها وتنفَخ عليها وتفركهَا ببعَض لعّل تدفأ ..
أردَف تمِيم بنبرَه أعلى من الي سبَق: إما تدخلين ولا برحَل
عقدَت رنُـود حَاجبها وتكلمَت من دون ما تَلف صوبه: ترحَل؟
هزّ رأسه تمِيم وهو يرَد: أيّ
رنُـود تكلمَت وعقدَت حاجبها ما أنمحَت: وتسود وجهِي عند أبوي؟
تمِيم وبفضُول طاغي بنبرته: ومنهو أبوك؟
رنُـود وهِي لازَالت معطيته قفَاها: شَاعل
تمِيم أبتسم طرَف فاهه من أستذكَر الكهَل الي كَان يسمع عنه وهو وغَـد وصغير سَن: يازِين مطراه
ألتفتت رنُـود بشويش وهِي تنطَق بغرَابه: تعرفه؟
تمِيم هزّ راسه بإيجَاب: أعرفه وأعرفه زِين بعد والحين يابنت النَاس أدخلي وعطيتك الوعَد والأمان ولا تراني برحَل,فزّ وقَام وهو يثبّت لها صدق كلامه  ..
قَامت رنُـود وألتفت وهي تتقدَم ناحِيته لين وقفت قدَامه بصمَت ..
نطَق تمِيم وهو يهزّ راسه برضَا ويتأملها بإعجَاب بكل ما ترَكه الله من بهَاء في عيونها وأردف بطمأنينة: عليك الله وأمان الله بعد
هزّت رنُـود رأسها بإرتياح وإستجابه ورضَا ..
'بمكَان ثانِي'
طلعت بَعد ما أغتسَل جسدهَا وروحه وأرتدَت أزهَى ما شرَت وقفت قدام المرايا وهِي تنَاظر في رسمَة الخالق وإبداعه فيما خَلق ما بِين نحرهَا المنحوت وردفهَا الي يخطَف القلب ويضِيق النفَس وشعرهَا المفتوَل الي كسَى المتَن وزَاده حلا رفعت يدها الرقِيقه وهي تزِيح خصلات شعرها عن خدَها المتورَد وتتأمَل ملامح وجهها الي أبهَته كثر الحزَن ورغم كذا لازال آية وعنوان في الحسَن تنهَدت وهي تردَف: صار الوقت الي أمحِي فِيه الماضي وطواريه وأعيش هالدنيا لاجل روحِي ونفسِي أي بالله خسَرت لكن كل ماراح مكتوب ومقدر من الله والمؤمن ما يجزَع على ما قدمه الرحمَن,قدر الله يا سدِيم قدر الله وما شَاء فعل ..
عضَت طرف شفايفها وهي تكتَم دموع عيونها الي تحجرَت وتنصَت لصوت الشوشرَه الي صدر من برَا مُعلن رجوع ألبدِر ..
دخَل وهو شَايل بين يدينه أكياس عِده فيها الي يخصَه وفيها الي يخَص السدِّيم,ترك الأكياس من أستشعر الهدوء المُريب وتقدم ناحية الغرفه الي بابها مفتوح على غِير تركته له,دخل الغرفه وهو يشوفها على يمِينه بأبهَى حُله ومنظَر وتتأمل ذَاتها,تقدم ناحيتهَا وهو ينطَق بنبرة هاديه: من زوَد فتنتَك حتى المرايا بتخجَل تعكس حلاك وبتنكسَر
تلخبَط شعورها وألتفتت صوبَه وهي تضَحك: أثرَه صدق من قال كل جمِيله مالها نصِيب بهالحيَاة
ألبدِر أبتسَم من شَافها قباله وتضَحك وتقدم وهو يأشر على نفسَه: كل ذَا ومالك نصِيب؟
ألسدِّيم وهي تبَادله الإبتسَامه نطَقت:
ما جت لي الدنيا على ما تمنِيت
حلمت والأحلام شِبه معدومه
ألبدِر هزّ رأسه بفهَم وسكَت لوهَله وهو يتأملها بصمَت ثم نطَق بتغير لمجرى الحدِيث: جبت لك معي كم شغله ماودك تجين تشوفينهم؟
ألسدِّيم عقدت حَاجبها: وش هم؟
ألبدِر طلع وهو ينطَق بصوت عالي: تعالي وشوفي,وقبل ما ينهي كلامه طَلعت بخلفه ألسدِّيم وجلست بجنبه وهي تشوف الأكياس بإستغراب ..
ألبدِر وزع على الطَاوله علبتين مجوهرَات كبيره كانت طقَم ذهب وثنتين وسَط عباره عن سلاسل ذهَب وأساور,فتحها وألتفت يناظرها: يزهاك لبس الذهَب,لا بالله أنتي تزهينه يكمل جمالك فيه وإنتي الي تجملِينه .. ما يلِيق في زوجَة ألبدِر إلا الذهب
ألسدِّيم أبتسمَت على كلامه: يزهَاك الطيب وما قصرَت
ألبدِر هز رأسه وألتفت وهو ياخذ الجوال ويمدَه لها: أدري إنك تركتِي كل أغراضك وهذا بدال الي أنترَك وهذي البطاقه فيها مهرك وأيًّا كان الي ينقصك تراني هنا لا يردك شيء
ألسدِّيم تنهدَت وهي تحسّ بالإحراج منه ولا تدرِي كيف ترَد الجمِيل ناظرَت فيه وهي تدَقق النظر بتفاصيله للمرَه الاولى بحيَاء ما بِين حدَة ملامحه وعيونه وفتنَة وجهه نطقت بخجل: شكرًا تكفِيك؟
ألبدِر هز رأسه بإيجاب: مبدئيًا ودام توه الحطَب طاح تكفيني لكن بعدين لا بالله ماتكفيني
ألسدِّيم عقدَت حواجبها بعدم فهم وتوسعَت عيونها من فهمت المقصَد وأحنت رأسها وبهمَس: بتبطِي ما نِلت غيرها
ألبدِر سمع كلامها وضحَك,رفعت ألسدِّيم راسها وهي تناظره بصمَت ثم أردفت: راح نرجع للديره
ألبدِر بعدم فهم: ديرتكم ولا ديارنا؟
ألسدِّيم بحيَاء: عاد فيها ديارنا ودياركم؟,ظنِي إني مِلكًا لك وديَارك هي ديَاري؟
ألبدِر أبتسَم بفرَح: أي بالله دياري ومالي وكل مافيني لك مثل ماهو لي لكن عاد أنتي صادقه؟
ألسدِّيم هزّت رأسها بإيجاب: أي ماله داعي نطوَل الغياب بعِيد عن أهلك ومنها تملكني الفضول أشوف أمك وأختك وأتعرف على أرضكم
ألبدِر قام وهو يشِيل الأكياس: يلا أجل مشينا
ألسدِّيم ضحكت عليه: وش جاك انت كنك الي يبيها بالسمَا وجاته من الله
ألبدِر ضحك معهَا وهو يستشعر الرضَا من تغيرهَا الملحوظ: اي بالله ماني مصدق ياخوفي يتغير رأيك
ألسدِّيم هزّت راسها: صحيح ما اوعدك انه ما يختلف
ألبدِر رجع يشيل الأكياس: ها أني قايلك مشينا
ألسدِّيم عجزت تمسَك ضحكتها وضحكت على تصرفَاته وبعد مدَه قامت وهي تسَاعده في تجمِيع الأغرَاض وماهي غِير رُبع سَاعه وطلعوا متوجهِين للديرَه الي كل مافيها جديد على رُوح ألسدِّيم ..

أنتي قصّيدة غزل لاجيت أبكتبها // أغار من واحدٍ يتخيل أوصافكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن