الفصل 1: حياة عادية

2 1 0
                                    

   
    شعر بني متموج، بشرة بيضاء محمرة ،عينان زرقاوان وتقاسيم وجه مألوفة "جون " إسم عادي تجده في كل حي أمريكي ،كل شيئ عادي ...،شكل عادي،إسم متكرر ~وأعتقد أن موتي سيكون عاديا أيضا مثلي تماما!!
  اعتقدت أن حياتي ستكون كذلك إلى أن ذهبت في تلك الرحلة اللعينة!
   
    هذا ما كان يظنه جون سيدني والذي يعمل كطبيب في مشفى محلي بعد تخرجه من كلية الطب بعامين .لم يكن بارعا حقا لكن لم يكن سيئا. لم يرتكب الأخطاء ولم يفق التوقعات، كان فقط عاديا لا يتجاوز حدود الفشل أو النجاح فهو لم يرغب بهذا التخصص من الأساس،تذكره لهذا أعاد له بعض الذكريات التي يكافح لأن ينساها.
   
    "عليك أن تفعل مثل ما أقول لك!لا تصعب الأمور علينا وافعل فقط مثلما نقول هذا للأفضل!......."تردد صوت رجل خشن على مسامعه وكأنه يعيش اللحظة أحاط ذراعيه حول نفسه في محاولة منه لتهدئة نفسه " لابأس لا بأس عليّ أن أنسى ذلك واركز على ما أفعله الآن" كان على وشك الإنتهاء من توضيب حقيبته ففي انتظاره سفر طويل.

    ابتسم وهو يتذكر كيف للحظ أن يلتفت إليه أخيرا فقد فاز برحلة إلى جنوب البرازيل عن طريق لعبة سخيفة يتعاون القدر والحظ فيها على اختيار الفائز. رغم أنه لايعرف شيئا عن هذا البلد ماعدا امتلاكها لأكبر غابة في العالم وسماعه من حين لآخر بالعصابات التي شاع سيطها وبطشهاولكنه متأكد من كون الشواطئ هناك ممتعة ومريحة للأبصار،فجل مايرغب بيه خاطره الآن الترويح عن نفسه وعيش بعض من المغامرات بعيدا عن حياته الروتينية المملة. ما إن أكمل توضيب حقيبته رن هاتفه مظهرا كلمة "والدي" تردد جون للحظة قبل الرد لكنه أجاب.

    "مرحبا، كيف حالك؟"بنبرة صارمة
    "بخير..."
    "جيد...إذن كنت أنا وأمك نفكر بأن تأتي لتناول العشاء معنا..أمسية الغد.." لان صوته
    "آسف لا أستطيع لدي إجتماع مهم في المشفى..لن يمكنني الحضور" قاطعه جون
    "تسألك أمك ماذا عن الأسبوع القادم؟"
    "لا أعلم، علي الذهاب الآن"
    "اعتني بنفس-" قطع جون الاتصال.

    تنهد وهو نادم بعض الشيء على كذبه على والديه لكنه يريد الابتعاد عنهما قدر المستطاع فلو لم يجبراه على دراسة الطب لعاش كما أراد، هل كان له حلم يريد تحقيقه؟ لا، هو يعلم بذلك فقبل سنوات عندما كان يرفض دراسة الطب لم يفعل ذلك لإمتلاكه حلما يريد تحقيقه بل ببساطة أراد ذلك فقط لكي لا يعمل مثلما يريد والده فقط ليعانده..منذ أن كان طفلا ووالداه يحببان له صورة الطبيب وعندما وصل وقت إختيار مساره الجامعي سيطرت عليه فجأة روح التمرد وكأن المراهق الذي بداخله لم يظهر سابقا فقط لينفجر الآن. رفض ما أراده والداه وكما كان متوقعا لم يقف والداه ساكنان فبعد كل مجهودهما والمصاريف التي دفعاها مقابل وصول ولدهما لهذه النقطة طوال سنوات بالتأكيد لن يدعاه،وفعلا أجبراه على ذلك.

    "مالذي تقوله لابد أنك جننت؟!" صرخ الأب غير مصدقا لموقف ابنه
    "أنا لا أريد دراسة الطب" أجاب جون بحزم
    "كيف تجرؤ!" صرخ الأب الغاضب
    لماذا تقول شيئا مفاجئا كهذا لطالما رغبت في أن تصبح طبيبا" قالت الأم غير قادرة على استيعاب الموقف"
    أنا لم أرد ذلك ولو لمرة واحدة بل أنتما من ظللتما تخبران من هب ودب أنني أطمح لذلك!"أجاب بصوت عالِ"
    وبدون سابق إنذار تلقى صفعة قوية كادت تسقطه أرضا "لابد أنك بدأت تفقد عقلك... يمنع عليك الخروج من غرفتك وفكر جيدا
    تُرك الابن في غرفته المظلمة الهادئة لا يسمع سوى صوت رنين أذنه من تلك الصفعة.
    وبعد بضع أيام استسلم الولد المهزوم وأختار الطب ليصبح التمثال الذهبي المثالي مرة أخرى، فخر والديه وأثاث فاخر لتزيين إسم العائلة.

    هكذا قرر جون الحالي أن يقطع علاقته مع والديه فقد حقق حلمهما فمالذي يرغبان به الآن.."ياللمهزلة يدعوانني للعشاء".
    قطع حبل أفكاره رنين هاتفه مرة أخرى . "مابه هاتفي اليوم لابد أن الجميع تذكرني فجأة" قال بسخرية ليتفاجأ أن المتصل كان شخصا غير متوقع تماما كانت الطبيبة "لانا وايت" زميلته الجميلة في المشفى تلك الفتاة الشقراء الأنيقة التي لطالما أعجب بثقتها وكذا اختياراتها في لبسها والتي كان بسببها يشكر والداه سرا على إجباره على الالتحاق بهذه الوظيفة.
تنحنح قليلا وأجاب "مرحبا"
    صوت أنثوي رقيق يوحي بالثقة وقوة الشخصية " أهلا جون كيف حالك؟"
    "ب-بخير" توتر قليلا
    "إذن، لقد سمعت أنك ذاهب للبرازيل لقضاء العطلة"
    "ااه نعم ذلك صحيح"
    "لقد صادف ذلك أنني كنت أرغب في قضاء عطلتي في مكان لم أذهب له من قبل والبرازيل إحداها فتساؤلت إن كان لا بأس عندك إذا رغبت بالإنضمام لك في هذه الرحلة " بصوتها الساحر
    احمرت أذناه واتسعت ابتسامته ببلاهة لابد أنه يحلم، بدأ يتخيل شكلها في ملابس السباحة التي وبالتأكيد ستكون موفقة في إختيارها مثلما كانت دائما في تنسيق تنانيرها.
    "جون؟" أيقظته من تخيلاته الغريبة
    "اهه آسف" تنحنح "بالتأكيد يمكنك القدوم سأكون سعيدا برفقة آنسة جميلة"
    تذكر فجأة" لكن رحلتي ستكون الليلة-"
    "ااه ياللخسارة كنت أرغب بمرافقتك على الطائرة، رحلتي بعد يومين..."
    " لا بأس سأرسل لكِ اسم وموقع الفندق الذي سأمكث فيه ولنلتقي هناك" قال محاولا إسعادها
    "معك حق، على أي حال لن أزعجك أكثر أنت مقبل على رحلة طويلة..اعتني بنفسك!"
لم يصدق أن "لانا" بجمالها وشعبيتها ترغب في مرافقته "لانا وايت" بشحمها و لحمها ستقضي معه العطلة في فندق في جنوب البرازيل! بالكاد استوعب حقيقة فوزه في الياناصيب وحصوله على هذه الرحلة ،يبدو أن الحظ أخيرا ابتسم له ومع ذلك كل شيء يسري بسرعة تفوق قدرته العقلية.
    "لا أمانع" لكنها قطعت قبل اكمال جملته.

يتبع...
رأيكم بكل صراحة 💗🙂

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 16 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

عادي||normalحيث تعيش القصص. اكتشف الآن