محاصرة بظلام الهوس
استيقظت مايا على صوت زقزقة العصافير خارج نافذتها. كانت أشعة الشمس تتدفق من خلال الفجوات في ستائرها، فتلقي بشرائط من الضوء الدافئ عبر غرفتها. كان اليوم يومًا كبيرًا - يومها الأول بعيدًا عن عائلتها. تنهدت وهي تجلس، ومرت يدها خلال شعرها الأشقر المبعثرة، وتشابكت أصابعها. لم تكن ماهرة أبدًا في ترويض تجعيدات شعرها الجامحة.
بعد الاستحمام السريع، ارتدت مايا فستانها الصيفي المفضل، وكان القماش الوردي الناعم ينسدل بشكل أنيق على بشرتها. أخذت لحظة لوضع بعض الماكياج الخفيف، مما عزز جمالها الطبيعي بالفعل، ثم نظرت إلى نفسها في المرآة. بدت منتعشة، مثل زهرة بريئة جاهزة للتفتح في مكان جديد.
أخذت نفسًا عميقًا وبدأت في حزم أغراضها. عرض والداها اصطحابها إلى المطار، ولم ترفض عرضهما. كان قول وداعًا أصعب مما توقعت. عانقتها والدتها وهي تبكي بقوة، وتهمس بكلمات الحب والفخر. كان والدها، على الرغم من مظهره الهادئ، يتلألأ في عينيه بريق من الدموع.
في المطار، شعرت مايا بمزيج غريب من الإثارة والعصبية وهي تسجل أمتعتها. كان قلبها مليئًا بالترقب للرحلة الجديدة التي كانت على وشك الشروع فيها، ولكن أيضًا بالمشاعر المريرة الحلوة لترك عائلتها وراءها. كان الهواء في المطار يعج بالناس، ذهابًا وإيابًا.
وعندما صعدت إلى الطائرة واستقرت في مقعدها، شعرت بالفراشات في معدتها تزداد قوة. كانت الطائرة تستعد للإقلاع. أغمضت عينيها، وأخذت نفسًا عميقًا، وشعرت بنوع غريب من الإثارة يتدفق في عروقها. هذا كل شيء. كانت تبدأ من جديد.
غادرت الطائرة وحلقت في السماء، تاركة وراءها كل ما كان مألوفًا. نظرت مايا من النافذة وشاهدت مشهد المدينة يتراجع ببطء، ليحل محله بحر من السحب البيضاء الرقيقة. مع همهمة المحرك الثابتة كخلفية، سمحت لنفسها بالحلم بالحياة الجديدة التي تنتظرها.
كانت الرحلة هادئة نسبيًا، وسرعان ما هبطت الطائرة في المدينة الجديدة. وبينما كانت مايا تخرج من المطار، استقبلتها أجواء مختلفة. كان الهواء أكثر دفئًا، وكانت المناظر والأصوات غريبة، لكن الطاقة كانت مثيرة. أخذت نفسًا عميقًا، واستأجرت سيارة أجرة وبدأت رحلتها إلى شقتها الجديدة.
سارت سيارة الأجرة عبر الشوارع غير المألوفة، وكانت المناظر الطبيعية للمدينة تمر بسرعة عبر النوافذ. كانت المباني تلوح في الأفق، شاهقة ومهيبة. أخيرًا، توقفت سيارة الأجرة أمام مبنى سكني متواضع. هذا هو المكان. هذا هو منزلها الجديد. وبقليل من التوتر، نزلت من سيارة الأجرة، وأخذت حقائبها، وخطت إلى المجهول.
عندما دخلت الشقة، شعرت بموجة من عدم اليقين. كانت الجدران غير مألوفة، وكان المكان فارغًا. ولكن بينما كانت تتجول، سقطت عيناها على باب في الطرف البعيد من الرواق الصغير. لابد أن تكون هذه غرفة زميلتها الجديدة في السكن. أخذت نفسًا عميقًا، واقتربت من الباب وطرقت بهدوء.
بعد لحظات قليلة، انفتح الباب، ليظهر شاب طويل ووسيم. كان شعره داكنًا، ويحيط بوجه ينضح بالغموض والإغراء. نظرت إليه نظراته القاتمة بتعبير غير مفهوم.
"لا بد أن تكوني زميلتي في السكن"، قال، كان صوته محايدًا ولكنه عميق وممتع إلى حد ما.
يتبع...