رفعت ماري المنديل الذي كان يغطي الصينية، كاشفة عن عدة أطباق. كل طبق كان مغطى بعناية، وعندما أزاحت الغطاء عن الأول، شعرت بسعادة كبيرة عندما وجدت طبق السمك والبطاطا المقلية، وهو طبقها المفضل. كانت جائعة للغاية، وكانت تشعر ببعض القلق حيال ما قد يُقدّم لها، لذا شعرت بالراحة عندما رأت شيئًا مألوفًا. "كيف يمكن أن يكون ذلك؟" تساءلت في نفسها، بينما بدأت تنهش في الطبق بشغف.
لقد كان اليوم مرهقًا. استيقظت ذلك الصباح وهي تعاني من صداع شديد، ولم يكن لديها أي شهية للطعام. صُدمت عندما أخبرتها والدتها بأنها ستنتقل للعيش مع كلاوس، خطيبها الذي لا تستطيع حتى تذكره، مما زاد من تدهور حالتها. عادت ذاكرتها إلى اللحظة التي تلقت فيها هذا الخبر، كيف كانت عائلتها تتحدث بشكل حاد عن ماضيها، وكيف أصروا على أنها تحتاج إلى "بداية جديدة". "لكن كيف يمكن أن تكون بداية جديدة مع شخص لا أذكره؟ و لما كلاوس بالذات؟" تساءلت ماري بحيرة.
بعد رحلة طويلة إلى هذا المنزل الجديد، بالإضافة إلى الاضطرابات العاطفية التي عانت منها، شعرت بأنها منهكة تمامًا. لذا، كان العثور على طعام مريح مثل السمك والبطاطا المقلية بمثابة انتصار صغير. "ربما يمكنني الاعتماد على هذه الأطعمة لإعادة توازني النَّفسي"، فكرت ماري.
تحمست ماري لتلك الفكرة فهي تعشق الطعام و الأكل، فتحت الغطاء الثاني لتجد فطيرة الدجاج والكراث المفضلة لديها أيضًا. زادت سعادتها مع كل طبق كانت تكشفه. "هذا لا يمكن أن يكون مجرد صدفة!" قالت لنفسها وهي تبتسم. الطبق الثالث كشف عن كوكيز الشوكولاتة، مقرمشة من الخارج وطريّة من الداخل، تمامًا كما تحبها. وأخيرًا، كان هناك قارورة صغيرة من حليب الفراولة ليكمل الوجبة. رغم أن تشكيلة الأطعمة بدت عشوائية، إلا أنها كانت جميعًا أطباقها المفضلة. "كيف عرفوا أطباقي المفضلة كلها؟" تكررت في ذهنها.
كان من المستحيل أن يكون ذلك مجرد صدفة. كيف عرف كلاوس وياسمين أطباقها المفضلة؟ بدأ الشك يتسلل إليها. تناولت كل ما كان على الصينية، مستمتعة بكل قضمة. كان السمك و البطاطا المقلية مقرمشين و لذيذين للغاية، وحليب الفراولة كان مثاليًا تمامًا. وكأن شخصًا ما قد أعد هذه الوجبة خصيصًا لتريحها.
بعدما انتهت، لم تستطع ماري التخلص من شعورها بالقلق المتزايد. "كيف عرف كلاوس لونها المفضل و ماركة منتجاتها المفضلة؟ وكيف عرفت ياسمين أطعمتها المفضلة؟" كانت هذه تفاصيل لم يلاحظها حتى أفراد عائلتها و يستحيل أن يكونوا هم من أعلموهم. "أليس من الغريب أن يعرفني الغرباء بهذا الشكل؟" كانت مشاعر متناقضة تعصف داخلها. "هل كان يراقبني؟" شعرت برغبة في القلق تتصاعد في داخلها، لكن جوعها وأحاسيس الراحة التي حصلت عليها من الوجبة كانت تفوق ذلك.
نظرت إلى هاتفها، كانت الساعة تشير إلى الواحدة صباحًا. بالرغم من أن معدتها كانت ممتلئة وتشعر بالراحة في ملابسها النظيفة والمريحة، لم تستطع النوم. كانت الغرفة دافئة، مما كان مريحًا في هذا الطقس البارد من يناير، لكن عقلها كان لا يزال مشغولًا...
"كيف سأواجه كلاوس غدًا؟"
كانت هذه الفكرة تؤرقها. فكرة مقابلة كلاوس في الصباح كانت تملؤها بالقلق. كان لقاؤهما أمرًا لا مفر منه؛ فهما مخطوبان في النهاية. لكن شبح عدم المعرفة كان يطاردها. "ما الذي سيتحدث عنه؟ كيف يمكنني الإجابة على أسئلته عندما لا أستطيع حتى تذكر من هو؟"
بينما كانت مستلقية، غير قادرة على النوم، خطرت ببالها فكرة. عندما قدمت لها ياسمين جولة في القصر في وقت سابق، مروا بمكتبة. كانت نظرة خاطفة، لكن فكرة قضاء الساعات الأولى من الصباح هناك، محاطة بالكتب، أغرتها. "ربما أستطيع أن أجد شيئًا يساعدني على فهم نفسي، أو على الأقل يشتت انتباهي".
كانت المكتبة تمثل لها مكانًا هادئًا، بعيدًا عن دوامة أفكارها. "ترى هل هناك روايات؟ أو ربما كتب تتحدث عن فقدان الذاكرة لعلني أفهم ما يحدث لي؟" كانت هذه الأسئلة تدور في رأسها، وعندما نظرت مرة أخرى إلى الوقت، كانت الساعة تشير إلى الثانية والنصف صباحًا. "عليّ الذهاب، هذا هو المكان الذي سأشعر فيه بالأمان"
ارتدت ماري خفها وخرجت من غرفتها بهدوء. كان الممر هادئًا، وكانت تعرف أن غرفة كلاوس قريبة من غرفتها، لذا تحركت بحذر. "عليّ أن أكون حذرة، لا أريد أن أوقظ أحدًا". كان التنقل في هذا القصر الكبير في الظلام تحديًا. لم تكن تتذكر مكان المكتبة بالضبط، لكنها استمرت في المضي قدمًا، مدفوعة بفضولها. "هذا القصر ضخم، لكن ربما يكون مليئًا بالأشياء التي أحتاجها".
بعد عدة منعطفات خاطئة وشكوك متزايدة، أخيرًا وجدت السلالم التي تعرفها. شعرت بالارتياح عندما اتجهت نحو الأبواب المزدوجة للمكتبة. "هناك شيء خاص في المكتبات، شيء يشبه الأمان الذي أفتقده". وقفت ماري أمام الأبواب، مترددة. فكرة استكشاف المكتبة كانت تثيرها، لكن جزءًا منها كان يشعر أن التجوال في منتصف الليل فكرة مجنونة بعض الشيء. "ماذا لو إلتقيت بكلاوس؟ ماذا سأقول له؟" كانت هذه الأسئلة تثير قلقها، لكنها كانت هنا الآن، والعودة إلى الفراش لم يكن خيارًا.
أخذت نفسًا عميقًا، وضعت يديها على المقابض، وأدارتها ببطء...
أنت تقرأ
مؤامرة زهرة الربيع || The Primrose Conspiracy
Romantizmلم تكن الحياة رحيمة بماري، فقد عانت من ماضٍ مليء بالعنف والإساءة، تاركة وراءها جروحًا عميقة في قلبها وروحها. تعيش ماري أيامها باردة، خالية من الأمل، حتى تلتقي بكلاوس، الملياردير الوسيم الذي يملك كل شيء ما عدا الحب الحقيقي. كلاوس، الرجل الذي يعيش في...