كيف سأخبرك ؟!.. عن ليلٍ أنتِ له قمراً منيراً .. أم نهاراً أنتِ له سراجاً وهاجاً .. عن مدارات كونية في فضاء قلبي سلكتِ فيها الدروب كلها ؟.. طويلة وقصيرة.. منيرة ومعتمة.. وغرست بداخل كل وريد مني شيء منك؛ لتسكني بدمي.. فتتشعب خلاياك لتندمج مع خلايا عقلي وروحي.. لقد احتللتِني!.. فهلا رفقت بحال حبيب لا يجد في نفسه شيء له.. فيدرك حقيقة أنه أصبح ملككِ منذ اللقاء الأول ..
.................
مرّ أسبوع بسلام - نوعاً ما - علي الجميع ، ويوم الجمعة تحديداً بعد إنتهاء الصلاة ، ألقي محمود التحية عليه بينما الآخر يتناول غداؤه في حديقة منزله أمام الشاطىء ؛فأشار إليه بيده كرد للتحية ، ثم بقي محمود بانتظاره إلي أن انتهي من تناول الطعام ، وتقدم ؛ ليجلس أمامه علي المقعد واضعاً قدماً فوق الأخري ، قائلاً :
_ ازيك يا محمود..؟
أجابه الآخر بابتسامة واسعة ولسان ناعم :
_ بخير طول ما انت بخير يا باشا..
أخرج الرجل الخمسيني سيجارة ( أكوا ) نوعه المفضل وأشعلها ثم تنفسها بتلذذ ، وسأل :
_ هممم.. وأبوك عامل ايه دلوقتي ؟!
_ أهو يا باشا .. شويه كده وشويه كده..
_ هممممم..
ساد الصمت عليهما للحظات وأخذ نفس إضافي من سيجارته ، ثم سأل .. :
_ وإيه أخبار كابتن حسام ؟..
توتر الآخر ، وأجاب :
_ زي ما هو.. واللي عرفته انه استقر هنا مع أخته.. وبيخلص المرحلة الأولي من المشروع..
ساد الصمت مرة أخري.. بينما محمود بقي ينظر إليه بتكهن بانتظار ردة فعله ؛ فنفث الدخان وضحك بسخرية قائلاً :
_ يا أخي حماس الشباب باردو حلو.. عظيم قوي لما حد في سنه يبدأ بدري.. وأنا طول عمري بشجع الشباب ..
ثم تحولت ملامحه بشكل مخيف ، واستكمل قائلاً :
_ بس اللي يفكر يساوي رقبته برقبة شوقي سليمان.. أقطعهاله..
شدد شوقي سليمان على كل حرف من حروف كلمته الأخيرة وكأنه يعنيها جدياً ، فازدرد الآخر ريقه ، وقال :
_ يا باشا ده الشجاعة وخداه وفاكر انه يقدر ينافسك.. لكن علي مين.. شوف حضرتك إيه إللي لازم يتعمل معاه وأنا تحت أمرك..
ابتسم الآخر بسخرية وقال :
_ تؤ .. سيبه أنا عايزه يشطح بخياله لأبعد سما.. علشان أوقعه على جدور رقبته لسابع أرض.. خليه يوريني شطارته.. التحدي حلو باردو يا محمود.. مش كده ؟!
_ إللي تشوفه يا باشا أنا تحت أمرك فيه.. أنت عارفني.. طول عمري بتاعك.. وتحت طوعك..
نظر إليه للحظات وهو يتنفس سيجارته ولا تبدو على وجهه أي تعبيرات فوجل قلب الآخر ، ثم قال بعد لحظات :
_ هممم.. أمال أخوك مش زيك ليه ؟!.. اللي أعرفه ان أخوك صاحبه ومصلحتهم واحده.. وبيسانده بكل اللي هو عاوزه !..
زفر محمود بضيق ، محمد دائماً يكون العائق الأول لكل أحلامه ! :
_ يا باشا هما اصحاب بقالهم سنين من أيام الأكاديمية والجامعة.. والداخل بينهم خارج.. بس أنا مليش دعوة بيه.. ده طول عمره وش فقر أصلا.. ودماغه غير دماغي..
مرت لحظات صمت إضافية وكأن الآخر يحلل كلامه برأسه ، ثم قال بنفس الطريقة المريبة :
_ ماشي يا محمود.. على كل حال.. في اللحظة إللي يفكر فيها حسام الزهيري يعلى عليا.. أنا هدوسه ومش هسمي عليه.. لا هو.. ولا اللي يتشددله .. حتي لو كان أخوك..
نظر إليه محمود بحذر :
_ وأنا معاك في أي حاجه انت عايزها يا شوقي باشا..
فضحك الآخر مجدداً بسخرية وهو يتلذذ بباقي سيجارته ويدندن لحن قديم للعندليب الأسمر.. :
_ زي الهوى يا حبيبي.. زي الهوى.. وآه من الهوى يا زهيري..
ضحك مجدداً بسخرية فشاركه محمود واستكمل دندنة .. :
_ آه من الهوى ..
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
YOU ARE READING
خديجة
Romanceوبعد أعوام من الصبر ترى أن ذلك الإحساس الذي صدقته - دون دليل علي إمكانية تحقيقه - صائباً .. ذلك القلب الذي عاشت تحفظه لأجله يخبرها الآن بأنها علي موعد معه.. ذلك الذي حافظ على قلبه أيضاً لأجلها 🫀