أرض الصقيع
البرد القارس الذي ينخر عظامك و يشلّ دماغك موقفاً متاريسه عن العمل.
ذلك الجليد الذي يقيد قلبك في لحظات ضعفك حيث تشعر بكل قطرة دماء تسري بين عروقك تتسرب ببطء داخل انابيب صدئة في جسدك، تشعر ببرد يقيد حركتك و يكبل قدميك.
ألم يغرس أنيابه في اعماقك بينما تنسى كيف تتنفس مع مرور الوقت.
شعور قاتل بالوحدة في ظلام جليدي أبدي لا مهرب منه، متاهة تضيع فيها روحك و ذاتك.
يمر الوقت فتنسى نفسك، تدق عقارب الساعة داخل عقلك بينما تنزف اذناك رافضة سماع المزيد من تلك الأصوات.
مجرد أوهام تتخيلها بعد إمضائك لدهرٍ داخل تلك الزنزانة التي تطبع باسمها في عينيك بأشواكها و قضبانها التي تأسر روحك.
مجرد خنجر مسموم يمزقك من الداخل مع كل ثانية تمضي داخل ذلك السجن المهلك.
هذا ماستشعر به فور احتجازك في زنزانة الهلاك.
دع فضولك يقودك إلى هناك و ستكون قد عبرت بذلك الخط الفاصل بين عالمك و العالم الآخر. تراقب شبح روحك ينفصل عن جسدك ببطء صاعدا نحو الأعلى بينما تحاول مد يدك يائسا للاتقاطه.
حينها فقط ستكون قد شهدت أحد أهول أساطير إمبراطورية كريستن.
"متاهة الجليد"
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
._آتشو!!!
عطسة دوت في الهواء البارد الذي تسلل إلى رئتي الفتى.
_ااه! أشعر بكرات الثلج الصغيرة تتجول داخل قفصي الصدري وصولاً إلى رئتي!!
_هاااه....
تنهد الفارس ببطء بينما يجيب سيده:
_.....سموك.....كان المجيئ إلى هنا فكرتك لذا لما تتذمر؟.....
_لم يكن لي أي خيار! أشعر بقطعة أخرى من الذكرى هنا!
كانا قد غادرا المدينة التي زاراها قبل فترة وجيزة لرؤية ويليام متجهين إلى المنطقة التالية في الإمبراطورية.
منطقة لايغادرها الشتاء أبدا، بل ليس من المبالغة القول أنه الفصل الوحيد الذي يغرس بمخلابه الجليدية في هذه الأرض.
"أرض الصقيع"
كان أليكساندر و مايكل قد وصلا قبل فترة وجيزة و غادرا النزل الذي قررا المكوث فيه اثناء بقائهما في المنطقة استعداداً للتجوال قليلا لمعرفة المكان قبل بدئهما البحث عن قطعة الذكرى التالية.
_هااه المكان بارد للغاية لكن منظر الثلوج جميل حقا!
قال الأمير ذلك بينما يفرك يديه المستجيرتين بالقفازات لعله يشعر ببعض الدفء.
لم تستطع عيناه الثبات على اتجاه واحد فقد كانت رقبته تلتف طوال الوقت متبعة دقات قلبه المتحمسة التي ارتبطت بكل شبر من الطريق الثلجي، والذي كان يداعب قدميه.
و لم تكن عيناه المحاكيتان للون الدم معلقتين فقط بما في المكان من جمال، ثلوج و طبيعة جليدية جميلة، بل كانت هاتان العينان المتلهفتان مهتمّتين بمنظر آخر.
لم يستطع منع نفسه من النظر إلى شعب هذه المملكة المتجمدة و الذين ميزهم طابع خاص و شكل عجيب يسر الناظرين.
شعر طويل ناصع البياض فقط كبشرتهم، أعين فضية تبدو شفافة للوهلة الأولى، و أجساد باردة كالموتى.
شعب عرف بقوته التي مكنتهم من التحكم بالجليد و الثلج بل و صنعه بشكل طفيف.لكن نظرات أليكس المتحمسة غادرته فور أن شعر بإحساس غريب ينغز قلبه.
_ااه!!
توقف عن السير للحظة و أمسك صدره بيده اليمنى بينما يحاول تنظيم أنفاسه المتسارعة.
_أليكس؟؟!
أجفل الفارس فور توقف سيده و اقترب منه مسرعاً، اسنده على صدره فقد ثقل جسد الفتى فجأة و ماعادت قدماه قادرتين على حمل جسده الضئيل حتى.
رفع يده المرتجفة و امسك ذراع مايكل الممسكة به سلفاً و قال بينما يبتسم كمن لا يشعر بأي ألم:
_......م.مايك.....هذا تماماً ماحدث معي في الغابة.....هذا ماحدث لحظة رؤيتي لتلك الذكرى لأول مرة.....
رفع رأسه و أداره بينما يرفع سبابته مشيراً لفارسه الذي تبعه بنظراته هو الآخر.
أكمل ولازالت الإبتسامة مرسومة على محياه:
_هناك......أعلى تلك القمة.....
كان يشير إلى قمة جبل ليس ببعيد عن مكانهما.
_اشعر بطاقة غريبة مألوفة أعلى تلك القمة.....لاشك في أنها القطعة التالية من ذكراي......
بدأ ذلك الشعور يخف أكثر وأكثر.
ذلك الثقل الذي كان يربط صدره و يقيد حركته مذهباً وعيه.استطاع أخيرا الوقوف على قدميه مبتعدا عن فارسه الذي كان يمسك به ونظرات القلق تعلو وجهه.
أمسك بطرف سيفه المعلق بخصره بينما يحاول التحكم بأنفاسه المتقطعة و رفع يده مشيراً إلى ذات القمة من جديد بينما يصرخ بنبرة واثقة بعد أن علت وجهه ابتسامته المعتادة:
_استعدّ مايك! سنصعد قمة ذلك الجبل!
أنت تقرأ
رحلة بين طيات التاريخ
Fantasíaمسار مرسوم بخط رفيع بحبر من الحماسة، بفرشاة تحركها يد ترتجف مع كل نبضة لهذا القلب المتلهف، تكاد الصرخات تخترق ضلوعه، يرغب في فتح نافذتي الغموض على مصراعيهما و يخطو خطوته الأولى في كتابة قصته، قصة فتى يدون عظمة إمبراطورية الاختلاف، امبراطورية تجمع بي...