الفصل الثامن

29 4 24
                                    

أتدرون؟
كانت هناك لعبة مشهورة عندما كنت حية قبل ألف سنة .
كنت أرى أطفال القرية يلعبونها دوما في كل الاوقات .
سهلة جدا و قوانينها بسيطة لأقصى درجة حتى الجاهل يستطيع لعبها .
تتمثل في مجموعة من الأشخاص يختبئون و واحد منهم يبحث عنهم .
اذا وجدهم فله الحرية في أن يطلب جائزته .
و لا تنتهي اللعبة إلا عندما يجدهم كلهم أو يقر بالهزيمة .
لم أعلم أني سألعبها الآن و بعد كل هذه السنين .
في موقف كهذا؟

ما قد مضى سوى بضع لحظات منذ شعوري بذلك الخدش على كتفي .
رغم كونه جرحا سطحيا إلا أنني و بسبب طبيعة جسدي الحالية كمصاصة دماء فإن كل قطرة دم مهمة لي .
هذا اليوم بات يزداد جنونا شيئا فشيئا .

بكل هدوء رفعت يدي بحذر شديد نحو الجرح الحديث الصنع ،أتحسسه ، ألامسه ، أشعر بسيل الدماء بين أطراف أصابع يدي .
اللون الأحمر النقي .
الدماء الكثيفة .

في تلك اللحظة ، علمت أن أوردتي تحتوي بداخلها حمم البركان عوضا عن الدماء . كل هذا و أنا أعض شفتي السفلى كرد فعل للألم .
أخذت خمس ثواني قبل أن أحدق بطرف عيني ورائي ، لامحة شخصين في مقتبس العمر ذو بذلات سوداء واقفان خلفي بصمت تام ، تاركان مسافة أمان بيننا تقارب الأربعة أمتار .

نظرت مجددا ليدي التي مُلأ كفها بذلك السائل الأحمر .

خسرت دمائي .
على يد أولئك البشر ؟

هذه مزحة غير مضحكة بتاتا .

بينما ألُمّ في الإستدارة نحوهما كي أرى شكلهما و أقابلهما وجها لوجه ، شيء شبيه بالانبوب لامس شعري من الوراء حتى وصل لرأسي و ضغط عليه .
كيان أحد ما ورائي تماما و أنفاسه تضرب أذني في نسمة غير مريحة بتاتا .

_" و لا حركة ، نحن لا نرحم حتى لو كنتِ فتاة "

وضعت يدي على كتفي مجددا أشّخِص الجرح بها .
ملمس الدماء بين راحة يدي له شعور مختلف عن أي شعور أخر في هذا العالم .

تلك الرطوبة .
...
تلك اللزوجة .
...
تلك الرائحة .

لحسن الحظ ، لم يكن جرحا عميقا و لن يؤثر بي أو بحركة ذراعي اليسرى .

أسمع كل صغيرة و كبيرة من تحركات ذلك البشري ورائي فلطالما اتقنت الحاسة السادسة و وظفتها في عملي السحري .

أستطيع القول حاليا أنه قد أبتعد بضع خطوات عني نظرا لصوت حذائه الحاد المتردد صداه في أنحاء الرواق أين نقف كلنا .

_" مع من أتعامل الآن ؟ "
_" للوقت الراهن . معنا "
_" ومن أنتما ؟ "

توقفت ذلك الشخص عن الحديث مع آخر سؤال طرحته ، أمل ألا يبدأ بالتفلسف الآن فأنا قد بدأت أشعر بالملل بالفعل من الوقوف هكذا .
سمعت بضع قهقهات بالمكان لتليها بعدها ضحكة هيستيرية مجنونة لحد ما .
تسائلت اذا علي الاستدارة أو لا .
فضلت البقاء هكذا لوقت إضافي قبل أن أرى أشكالهما البشعة كاملة .
بقيت صامتة و انا أواصل الاستماع لصوته الذي يقفع الأذن و يعلو تدريجيا ليصل أنحاء القاعة الواقعة بعد عدة غرف من هذا الموقع

 ' وَرقةُ خَريفٍ 'حيث تعيش القصص. اكتشف الآن