شــكٌ| ٠٤

3 2 0
                                    


تجاوز فورد منتصف الرواق متجاهلًا نداء فريدا له، لم يكُن بمزاجٍ يُمكِّنه مِن النقاش أو المجادلة؛ لكنها لم تيأس.

«سيد فوستر، أمهلني دقيقة..مِن فضلك!» نادته للمرة الثالثة بإصرار، ليزفر بضيقٍ وتوقف دون أن يَستدِر؛ جائت فريدا مِن خلفهِ ودارت حوله حتى وقفت أمامه تمامًا، ثم نظرت داخل عينيه الباردة وقالت: أريدُ تفسيرًا لرفضكَ!

«لستُ مُجبرًا». بدى فورد كشخصًا شائك، مِن المستحيل معاملته.

عقدت فريدا ذراعيها إلى صدرها، ورفعت حاجبيها بسخرية مُتسائِلة: "هل يا تُرى أنتَ تخاف مِن النساء؟"

حدق بها فورد بهدوءٍ، وأبصرَ كم هي فتاة سطحية، وكم أن رأيه فيها بِمحلِّه. ليرد بجدية ضاغطًا على حروفه: "أخافُ عليهنَّ يا آنسة، تلك المهمة لا تلائمكِ".

ثم تركها ورحل، دون إلتفاتة واحدة. أما عن فريدا، فكان الدخان يتصاعد منها بكثافة؛ إنه يُخاطبها وكأنها بُستانيَّة تُقحِم أنفها بشؤون الشرطة، إنها محققة مثله بحق الإله!

ولكنها بالنهاية تنفست بهدوء حتى تُبدد اشتعالها الداخلي؛ تقبلها أو لا، الرئيس قد أصدر قراره وانتهى الأمر.

⊹⊹

للحياة غنيمة وضريبة: غنيمتها تكمُن في تلبية الشهوات والمطامِع، إما بطريقة نزيهة أو بأيَّة طريقة متاحة. وإذا تحدثنا عن الضريبة، ستجد -بعد إبصارٍ- أن النفس تصير رويدًا رويدًا عبدة لتلك المطامع، ومع الوقت تفقد الشهوات لذَّتها، وتَعلق النفس بين انعدام الرضى وزوال الراحة. هذه رحلة الحياة.

بينما للموتِ غنيمة فقط: أن تُرفع الروح وينتهي الصراع، وهذا ما لا يُدركه المرء وهو على قيدِ فتنة الحياة، وبالرغم مِن أن الموت فاجعة في ظاهره، إلا أن الراحة تَسكن باطنه.

وإن كانت هذه فلسفة قاتل مثل هوديني، فبالتأكيد لن يَمنح الراحة لأولئكَ المُدنسين، بل أقسمَ على سقيهم مرارة الحياة إلى أن يتشبعوا بها، ولن يكتفِ حتى يقتل فيهم الحياة.

دخلَ هوديني -بهيئته السوداء- إلى "لويس" ضحيته الأولى، كان لويس مُكبَلًا فوق مِقعدًا معدنيًا قاسيًا، ورأسه ساقطة بإنهاك، حتى كاد ذقنه يلامس صدره؛ ثلاثة شهور مِن التعذيب مدة غير هيِّنة صحيح؟

ثلاثة شهور نقصت مِن الرجُل قواه البدنية، وخارت بنيته العضلية كثيرًا؛ تلك لم تكُن الكارثة الوحيدة هُنا..

«لويس، هل لا زلتَ نائمًا يا رجُل!» ناداه هوديني بِألفة، تزامنًا مع إلقائه دلو المياه المثلجة على الرجُل. شهق لويس بفزعٍ وما أن خالجه الوعي صار ينظر إلى هوديني بكره كبير.

HUDINI| الظِـلُ المُنتقِم.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن