بدر في ظلمات الزلزال

58 11 3
                                    

بدر في ظلمات الزلزال

كتابة وتأليف :شيماء عبد الله

كان رجل ذو لحية سوداء يخطو ناحية المسجد، وعلى جبينه علامة شاهدة على كل سجداته. كان يذكر الله في كل خطوة يخطوها، ليكون من أول الأشخاص الذين وصلوا للمسجد، ووجد القليل من الرجال مجتمعين حول الشيخ يحدثونه، ينتظرون وصول وقت صلاة الجمعة.

اتجه هو لركن في المسجد، كانت به خزانة للمصاحف، إذ به يجد شابا في مقتبل العمر جالس في ذلك الركن، ويحمل في يده هاتفه والابتسامة مرتسمة على وجهه، وحينما مر من خلفه اتضح له أنه يشاهد مقطعا لفتاة ترقص، مقطع مدته خمس عشرة ثانية لكنه كاف ليضاعف ذنوبك. استغفر الرجل عدة مرات، ثم جلس بجانبه قائلا :

_السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نظر له الشاب لثواني والذي كان اسمه بدر، ثم قال:

_وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

_يا ابني ألا أدلك على شيء يغنيك دنيا وآخرة.

نظر له بدر مستغربا حديثه، لكن فضوله سيطر عليه وقال:

_وهل يوجد شيء يغنيني سوى المال.

أخرج الرجل مصحفا من الخزانة قائلا :

_هذا أغلى من كل مال وذهب، هذا دليلك وهو القادر على إنارة طريقك، صفحة واحدة كل يوم كافية أن تجعلك واع لأهمية حياتك، هذا هو اللي يجعلك تبتعد عن الذنوب والمعاصي، ويعيدك للطريق الصحيح، وبهذا تضمن منزلا لك في الجنة.

_ومتى رأيتني أعصي الله؟

_لقل رأيتك للتو تشاهد مقطعا لا يصح مشاهدته، الله أمرنا بغض البصر لكنك كنت تشاهد فتاة لا تحل لك، والأدهى من ذلك أنت تشاهده في مكان طاهر كالمسجد.

نظر له بدر باستهزاء قائلا:

_وهل المكان هو من يحكم على ذنوبي، يعني لو شاهدت هذه المقاطع في المقهى لن يؤثر هذا في شيء.

_ومن قال هذا، لا المكان ولا الزمان يخففان ذنوبك، وإنما أفعالك وأقوالك هي من تؤثر على سيرورة حياتك.. ألم تفكر يوما ماذا سيحدث لو قبض الله روحك وأنت تشاهد تلك المقاطع؟ بماذا ستجيبه لو سألك عن أفعالك؟ كيف ستخبره أنك تضيع الوقت في معصيته.

ظهرت بوادر الغضب على وجه بدر، وقال منفعلا:

_ما بك يا هذا، تتحدث كما لو أنك ملاك.. وأيضا من الذي سمح لك بالتدخل في حياتي وخصوصياتي بهذه الطريقة، لا يحق لك أبدا أن تحاسبني على أفعالي.

لم تتغير ملامح الرجل نهائيا، وظل تابثا محافظا على هدوئه، وقال:

_أنا لا أنوي أن أحاسبك على شيء، ولكن أريد أن انير بصيرتك، وأزيل عنك ذلك الستار الذي يخفي عنك الحقيقة، أنا هدفي أن أجعلك تستوعب مدى فداحة أفعالك، وأين ستأخذك لو استمررت فيها.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 08 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

بدر في ظلمات الزلزال حيث تعيش القصص. اكتشف الآن