الفصل الرابع:- قيمة الحياة

285 8 120
                                    


   
    ظلمٌ وطغيانٌ وقتلٌ... في زمنٍ استبدّ فيه مصاصو الدماء بالوجود، مُستمدّين قوتهم من ملكهم السرمدي، صار البشر في أعينهم مجرد مخلوقاتٍ واهنة، ضعيفة الحيلة، تُحتقر بلا رحمة، وتُساق كفرائس تُشبع غرائزهم المتعطشة للدماء. امتدّ سلطان مصاصي الدماء في كل أرجاء فرنسا، ليعمّ الظلام ويستبدّ الطغيان.

    غير أنَّ في هذا العالم لكل شرٍّ خيرٌ يقابله، ولكل إثمٍ فضيلة، ولكل منهما ثمنٌ لابد من دفعه. وفي يومٍ مشهود، ظهرت الشابة ماريا، يقودها إيمانها بالحق، ومعها أربعة من رفاقها الشجعان. انتفضت بجرأة في وجه غوست وطغيانه وأثامه الأربعة. بسلاحها الفريد ذي الوجوه الأربعة، وبالقوة التي منحها لرفاقها الذين عُرفوا بالفضائل، تمكنت من كسر شوكة غوست والإطاحة به وبأثامه.

   أمام الملأ، أعلنت ماريا قيام المملكة الفرنسية، وبزوغ عصرٍ جديدٍ مشرق للبشرية، عصر الحرية والنور، الذي انبثق من عرشها ليغمر العصور والأراضي، ممهداً الطريق لتأسيس ممالك مستقلة جديدة.

لكن الحكاية لم تنتهِ هنا…

     فيليب كان جالسًا على حافة سريره، يتأمل تلك السطور التي طالما أثارت اهتمامه منذ صغره، من كتاب عنون بـ "أساطير الأولين". أغلق الكتاب بعد أن قرأ فيه قليلاً، ووضعه جانبًا، ثم استلقى على الفراش باسطًا ذراعيه، موجهًا نظره إلى السقف.

[كنت في العاشرة عندما بدأت تلك الكوابيس تطاردني... وحش رهيب وامرأة تحدّت المستحيل لردع الشر. في البداية، لم أفهم مغزى هذه الأحلام، لكن بعد أن اكتشفت هذا الكتاب، تغيرت نظرتي، وأدركت شيئًا فشيئًا ماهية تلك الرؤى... ولكن...]

أعاد النظر إلى الكتاب وضيق عينيه بتفكير عميق.

[ولكن... هل أنا حقًا البطل المنشود؟ لطالما راودني هذا السؤال. والآن، بعد أن ظهرت إحدى الفضائل، هل أستطيع القول بأنني الشخص المختار؟ ملك مصاصي الدماء والآثام... أي مستقبل ينتظر هذه المملكة؟]

ثم استعاد ذكرى وحشية والده، ونظراته التي كانت تبث الرعب في أوصاله. اهتز جسده وارتسمت على شفتيه ابتسامة متكلفة.

[إن كنت قد نجوت طوال هذه السنوات مع شخص مثله، فلا أظن أن غوست سيكون مشكلة. ولكن، التفكير في الأمر يثير دهشتي... كيف يمكن لشخص مثله أن يكون سليلاً لامرأة كماريا؟]

نهض مجددًا وجلس، ممسكًا بقرار مشاركته في الحرب الذي وصله منذ ساعات قليلة.

[قيادة حرب، إذًا... يبدو أنه جاد هذه المرة في التخلص مني. ولكن اتخاذ قرار كهذا وتحميلي مسؤولية أرواح جنودنا... فيمَ يفكر حقًا؟…]

__________𓁹_𓁹_________

      في قصر دي ماريان، كان جوزيف يراقب بدهشة ورقة شجر تلاعب بها النسيم الذي تحكمت فيه فيكتوريا. اقتربت منه ووضعته على رأسه، وبتفاخر قالت: "هل ترى هذا؟~"

 مطلع العصر الذهبي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن