أشرقت شمس صباح جديد في سماء مدينه الاسكندريه دقت الساعه السابعه صباحًا في عقار قديم في الطابق الثالث بالتحديد في شقة واسعه الي حدٍ ما في واحده من الغرف في نهايه المرر الذي يُوصِل الي الغرف
قام المنبه بالرن للمره الخامسه على التوالي لكن بالطبع لا حياة لمِن تنادي
كانت نائمه في وضعيه غريبه فا كانت ساقها مرفوعه على الحائط ويداها مرفوعتان بجانبها وشعرها مبعثر بعشوائيه فا لا توجد خصله بجانب الاخرى
رن المنبه للمره السادسه وأخيرًا بدأت في فتح عيناها ببطئ وهي تنظر حولها وتحاول إستعاب من هي واين هي الأن
مرت دقائق:
حتى استوعبت انها في غرفتها ويجب أن تستقيظ الأن وتقوم بتجهيز نفسها بسرعه قصوى للعمل
انتفضت من على سريرها و وقفت بسرعه واطفئت المنبه ثم دخلت الي حمام غرفتها
وبعد مده :
خرجت من الحمام ثم ارتدت ملابسها التي كانت فستانًا بسيطًا مناسبًا للمحجبات ثم وقفت امام المرآة وامسكت بحجابها الاسود الذي لا ترتدي غيره تقريبًا بحُجة انها يليق مع كل ملابسها
لفته وقامت بتعديله بسرعه ثم سحبت حقيبتها من على الكرسي وارتدتها على كتفها
ثم فتحت باب غرفتها وخرجت منها بسرعه
واتجهت ناحيه المطبخ للبحث عن أي شيء يسد جوعها
وصلت للمطبخ فا وجدت زوجة اخاها "سهر" تقوم بغسل بعض الاطباق فا هي تعيش مع اخاها وزوجته و اولاده في شقة والدها الذي توفى هو و والدتها منذ سنوات
فا قالت على مضض :
_صباح الخير يا سهر
وجهت سهر نظرها ناحيتها ومصمصت شفاتها بضيق ثم قالت :
_ صباح النور ياختي
ابتسمت لها "جنات" ابتسامه صفراء ثم اقتربت من الثلاجه و فتحتها توقعًا منها انها سوف تجد شيء تأكله لكنها شعرت بالصدمه عندما وجدت الثلاجه فارغة تمامًا
فا التفتت ناحية سهر وقالت بضيق :
جنات :الاكل الي كان في التلاجه راح فين يا سهر ؟
ردت عليها سهر بطريقة مستفزة :
سهر : يوه.. معلش ياختي اصل الاكل الي هنا كان على القد يادوب كلت انا وياسر وعملت بيه سندوتشات للعيال معلش يا حبيبتي بقى هاتيلك اي حاجه في الطريق خليكي خفيفه انهارده كدا
عضت جنات شفاتها تحاول كتم ضيقها كي لا تذهب الآن و تسحبها من شعرها المتقصف هذا فقالت :
جنات : ماشي يا مرات اخويا مطرح ما يسري يهري يا حبيبتي ...يوه يقطعني..قصدي مطرح ما يسري يمري بالهنا والشفا ياختي بس متبقيش تتقلي اوي في الفطار احسن يجيلك كرشة نفس بس
ثم همست بنبره غير مسموعه :
_وتموتي ونرتاح منك يا شيخه انتِ وقرفك يا بنت المقشفه
حمحمت ثم اردفت قائلة:
جنات : مع السلامه بقى ياختي عشان عندي شغل فوتك بعافيه
ثم ضحكت لها بأستفزاز
وتحركت الي الباب الخاص بالشقه ارتدت حذائها الرياضي المهترئ ثم خرجت من الباب بعدما ما اقفتله بإحكام وراءها
نزلت درجات السلم وهي تُتمتم بكلمات غير مفهومة
جنات : بقى كلتوا سبع بيضات وربع كيلو جبنه رومي وتمن جبنه بيضه و بعشرين جنيه فول يا بنت المقفشه انتِ الا يرحم ابوكي الي كان بياكل الice cream بالعيش ومفكره جبنه
انهت درجات السلم حتى وصلت للطابق الارضي ثم خرجت من العقار وفتحت حقيبتها واخرجت منها مِحفظتها الصغيره وقالت :
_ نوفر فلوس التاكسي انهاردة ونركب توك توك
اشارت بالفعل ل "توك توك" كان عابرًا امامها وقالت :
جنات : مدرسه النور الي جمب.....عارفها ؟
هز لها السائق رأسه بمعنى نعم فا ركبت في طريقها للمدرسة الي تعمل بها
وبعد مدة ليست طويله من الوقت :
توقف السائق امام المدرسة فا قامت جنات بالنزول وقالت :
_جنات : حسابك كام يسطا ؟
السائق : خمسه وعشرين جنيه يا آنسه
جنات بغضب: نعم نعم نعم خمسه وعشرين ايه يا دلعادي ما انا كل يوم بركب بعشرين و ب١٥ كمان كان توك توك مكيف يعني وانا معرفش ولا ايه
شعر السائق انه لن ينتهي من هذا النقاش اليوم فا قال :
_ طيب يا استاذة هاتي الي تجيبيه
نظرت له بضيق ثم اخرجت ١٥ جنيهًا ومدت يدها بهم وقالت :
جنات : مبحبش اكل حق حد بس
السائق : ماهو واضح يا آنسه
نظر لها بضيق ثم تحرك من امامها بسرعه قصوى
جنات : ايه الناس الغريبه دي بس ياربي
قالت هذا ثم تحركت ناحيه مبنى المدرسة الذي يبدو فخمًا الي حدٍ ما لاحظ الحارس تواجدها فا فتح لها الباب بسرعه وقال :
_ : خلي بالك يا استاذة جنات الاستاذة عنايات متعصبه انهارده وطايحة في الكل
فا ردت عليه جنات بحسرة:
_ يا مرارك يا جنات كانت ناقصه ملايات دي كمان
بلعت ريقها بتوتر ثم استكملت طريقها للداخل
~~~~~~~~
وفي مكان آخر أيضًا في الاسكندرية لكن هذا المره في منطقه ارقى واكثر هدوءً في واحده من العقارات الكبيرة في هذه المنطقه بالتحديد في الطابق الخامس في واحدة من الشقق
في غرفة واسعة يسيطر عليها اللون الرمادي بكل درجاته يطغى عليها الطابع الحديث
كان نائمًا على سريره بعمق وخصلات شعره الاسود تغطي عيناه
كان نائمًا بكل عمق واريحية حتى شعر بدقات قويه على باب هزت اركان الغرفه من قوتها
وضع الوساده على رأسه بلا مبالاة ليسد اذنيه عن هذا الصوت المزعج
فُتِح الباب بقوة نتيجة دفعه قويه من الخارج
دخل جسد صغير الي الغرفه لا يتعدى طوله ال ١٣٠ سنتي مترًا تقريبًا
شعر الصغير أن طرقه للباب ودفعه له بقوة لم يعطي اي تأثير فا قفز على السرير وبدأ يقفز عليه بكل قوته كان السرير يهتز بقوة كأن هناك زلزلاً ضرب الغرفة
فا اعتدل الذي كان نائمًا من نومته بفزع وقال بفزع :
_ : ايه الي بيحصل في ايه !
قفز الصغير من على السرير و وقف على الارض وقال :
_ ايه يا فارث كل دا عشان تصحى بقالي ثاعه بصحيك يا جدع
احتدت ملامح فارس ونظر له بغضب شديد وقال بنبره غاضبه :
_: بقى انتَ يا حيوان بتصحيني كدا والله ما هسيبك انهاردة يا مؤمن
كان مؤمن على وشك الخروج سريعًا ليكون في حماية امه لكن فشل بالطبع
رفعه فارس من ياقة قميصه المدرسي الذي كان يترديه و سحبه فارس وراءه الي الخارج
ونادى بعلو صوته قائلًا :
فارس : يا أمي تعالي شوفي ابنك هبب ايه
نظر لهم رجل في نهايه العقد الخامس من عمره كان يحتسي كوبًا من الشاي ويقرأ جريدة اخبار اليوم
نظر لهم ببرود وقال :
_ : يا وفاء تعالي شوفي المجانين الي انتِ مخلفاهم بيعملوا ايه
وعلى صوتهم العالي جائت سيدة رغم تقدمها العُمري تحتفظ ببعض جمالها في بداية العقد الخامس من عمرها
قالت بنبره مستغربه :
_ : فيه ايه يا ولاد مالكوا وأنتَ يا فارس ماسك اخوك كدا ليه ما تسيبه
مؤمن : قوليله يا ماما شفتي عامل فيا ايه
فارس : يا امي مش انا قلت ١٠٠ ميصحينيش بالطريقه بتاعته المستفزه دي انا كنت حاسس ان في زلزال في الاوضه
وفاء : طب نزل اخوك ومعلش يا حبيبي خليك انت الكبير العاقل وانت ي مؤمن عيب كدا دا اخوك الكبير
نظر لها فارس بحاجب مرفوع قائلًا :
_: عيب يا مؤمن دا الي ربنا قدرك عليه يا امي
ثم حرر مؤمن من قبضته ليسقط على الارض
نظر له بضيق ثم دخل الي غرفته
اخذ حمامًا سريعًا و ارتدى ملابسه الرسميه المناسبه للعمل و وضع عطره المفضل واخذ حقيبته الجلديه التي تحتوي على أوراق العمل الخاص به
ثم خرج من غرفته وقال بصوت عالي :
_ يا امي متعمليش حسابي في الفطار عشان هفطر في الشركة وانت يا مؤمن الزفت تعالى اوصلك المدرسة
ركض مؤمن ناحيته بسرعه وهو يجر الحقيبه التي تعادل نصف طوله تقريبًا :
_ اخويا الغالي love you وربنا يا فروثتي
ابتسم له فارس ثم خرجا كلاهما كل منهم قاصدًا مكانًا ما
~~~~~~~~~~~
وفي المدرسه التي تعمل بها جنات بالتحديد في الفناء الخاص بالمدرسه
دخلت جنات بسرعه قصوى لدرجه انها كادت تسقط عِدة مرات من فرط سرعتها واخيرا بعد دقائق من الجري المتواصل وقفت جنات وراء الطابور الخاص بالفصل الذي تُدَرِسه مسحت قطرات العرق الي تساقطت على جبينها ثم تنهدت براحة ظنًا منها أنها هربت من العقاب لكن خاب ظنها عندما سمعت صوت غاضب تعرفه جيدًا :
_: ممكن اعرف إيه الي آخر حضرتك ٢٨ دقيقه يا ميس جنات ؟
بلعت جنات ريقها بتوتر والتفتت إليها وقالت بتوتر :
جنات :صباح الخير يا ميس عنايات شايفه الجو جميل ازاي انهارده شايفه نسمة الهوا الجميله دي.. الله بجد الله
ضربت عنايات بعكازها التي تستند عليه نتيجه كسر في ساقها منذ فتره
عنايات : انا مش بسأل حضرتك يا ميس عن حالة الطقس انهارده انا بسأل عن سبب تأخرك تقدري تقولي لي الساعه كام دلوقتي ؟
نظرت جنات في ساعه هاتفها وقالت :
_ : الساعه ٧:٥٨
عنايات بحاجب مرفوع : يعني حضرتك متأخره ٢٧ دقيقه و وقفنا دقيقه اسالك عن سبب تأخرك كدا مخصوم من حضرتك يومين و الموضوع غير قابل للنقاش
ثم انصرفت من امامها بسرعه
اما جنات فا ضربت الارض بقدمها وقالت بضيق :
_ كانت ناقصه ملايات البومه دي كمان يعني انا يارب عندي سهر العقربه في البيت وملايات البومه في الشغل..
قطع كلامها صوت جرس إنتهاء الطابور المدرسي فا صعدت للفصل المقصود و وراءها طلابها
وبعد دقائق :
وقفت جنات في وسط الفصل الذي كان عباره عن حالة من الهرج والمرج الآن وصلت لأقصى درجات غضبها فا صرخت قائلة:
جنات : ولا منك ليها اقسم بالله لو كل واحد فيكوا متنيلش قعد مكانوا لا تكون ليلته مش معديه مش عشان قولت كلمتين انجليزي ولبستلكوا الهدمة النضيفه ابقى ميس و عيله من بتوع الكمباوند
كان هذا الكلام يكفي لاخراس الطلاب وجعل كل واحدًا منهم يجلس في مكانه بدون نقاش
لاحظت هي هذا فا اخذت نفسًا عميق وبدأت في الشرح
~~~~~~
وبعد ما يعادل ساعه تقريبًا في غرفة المعلمين على واحده من الطاولات :
تجلس جنات وهي تحتسي كوب القهوه سريعه التحضير الذي اعتادت على شربه كل يوم وبجانبها تجلس صديقتها التي تعمل معلمه ايضا في هذه المدرسه :
_ : ايوه والله يا بنتي ما انا بقعد اقولك اني مش مرتاحه لتصرفات الوليه حماتي دي واديها ظهرت على حقيقتها قال ايه هات يا احمد الكنبه البني وميجيبش الكنبه البيج الي انا عيزاها شايفه الصفار
كانت تنظر لها جنات بعيون نصف مفتوحه وملامح ناعسه ترغب في النوم فقط
جنات : بصي يا داليا ابقي احكيلي الموقف دا بكرا اكون نمت شويه و سخِنت معاكي كدا عشان انا مفتحه عيني بالعافيه اصلًا
وضعت جنات ذراعها على الطاوله واسندت رأسها عليه واغمضت عيناها في محاوله لاخذ قسط من الراحه
لكن قطع راحتها ومحاولتها للنوم صوت احد المشرفات وهي تقول بصوت مسموع :
_ ميس جنات تيجي بسرعه عندها حصه احتياطي
جنات وهي تحمل حقيبتها وتخرج من الغرفه :
جنات : يا عيني عليكي يا جنات ولا عارفه تنامي ولا في بيت ولا في شغل ولا في اي حتة
~~~~~~~~
و أمام مبنى واحده من اشهر الشركات للهندسه المعماريه ليس فقط في الاسكندرية بل في مِصر بأسرها :
وقفت سيارة فارس في المكان المخصص للسيارات
نزل منها واضعًا نظاراته الشمسيه الانيقه تحرك الي داخل المبنى الخاص بالشركه
كان يتحرك بخطوات واثقه و رزينه حتى وصل للمكتب الخاص بمدير حسابات الشركه فا هو يعمل في منصب مدير حسابات الشركه
دخل لمكتبه واقفل الباب ثم خلع نظاراته الشمسيه و وضعها جانبًا
ثم جلس على كرسيه وفتح جهاز 𝐥𝐚𝐩𝐭𝐨𝐩 الخاص به وبدأ في مباشره عمله بتركيز
لكن قطع تركيزه صوت دقات على الباب
فقال بإنشغال:
فارس : أدخل
دخلت الي المكتب فتاه ترتدي فستانًا بنفسجيًا جريئًا يفصل تفاصيل جسدها شعرها مصبوغ بصبغة شقراء فاقعه تضع عدسات لاصقة زرقاء وعلى وجهها كمية كبيره من مساحيق التجميل
وضعت الملفات التي تحملها على المكتب وقالت :
_ فارس باشا مستر خالد بيقول لحضرتك تراجع الملفات دي وتمضي عليها
رفع نظره إليها فا قال بإستغراب من لون شعرها ولون العدسات الغريبه :
_فارس : بسم الله الرحمن الرحيم ايه دا
سمر ببسمة عريضة : في حاجه يا باشا
فرد عليها بملامح متعجبه من مظهرها : لا لا مافيش حاجه تقدري تمشي يا اماني
وبعد دقائق :
على مسافة قريبة من مكتب فارس وقفت أماني بإبتسامة عريضه امام صديقها التي تعمل كا واحده من الموظفات في الشركه
اماني : وربنا يا بنتي اول ما شافني انبهر كدا بال𝐧𝐞𝐰 𝐥𝐨𝐨𝐤 الجديد
أميرة : ايوه يا بت ما انا قولتلك الصبغه وال𝐥𝐞𝐧𝐬𝐞𝐬 دي الي هيجيبوا من الآخر
أماني : يعني كدا خلاص وقعت العريس يا بت مستحيل كنت اسيبه لواحده غيري ياه يا بت يا أميره دا نسوان منطقتنا كلهم هيحسدوني عليه
أميره : جهزي بقى فستان قراية الفتحة لحد ما يطلب رقم ابوكي
~~~~~~~
وفي مكتب فارس مره اخرى :
كان يراجع الملفات التي أخذها من سمر بتركيز حتى تذكر مظهرها وإطلالتها الغريبه
فا رمى الملف جانبًا وانفجر في الضحك فا هو يعلم ما تخطط إليه جيدًا هي و صديقتها
أسند رأسها على الكرسي وقال :
_ فارس : امتى بقى تيجي بنت الحلال الي احبها وتحبني ونتجوز بقى ونجيب عيال واحقق حلم الست الوالده دا مبقاش في حد 𝐬𝐢𝐧𝐠𝐥𝐞 في صحابي وقرايبي وكل الي اعرفهم غيري انا والواد مع...
قطع كلامه صوت رنين هاتفه بأسم"معاذ" نظر في الهاتف بأستغراب قائلًا :
_ هو دا بييجي على السيره ولا ايه
فتح المكالمه فا سمع صوت معاذ قائلًا :
_: فارس عامل ايه واحشني والله
فارس : انتَ اكتر والله
معاذ : إن شاء الله انتَ معزوم على فرحي يوم الخميس الجاي معلش معرفتش اعزمك على الخطوبه عشان كل حاجه جت بسرعه وانا هاخد مراتي وارجع الكويت بعد الفرح على طول
قال فارس هامسًا بصدمه : يا لهوي دا لو امي عرفت مش بعيد تقتلني دا كدا كل الي اعرفهم اتجوزوا الا انا
معاذ : ها يا فارس رحت فين
فارس : الشبكه وحشه بس الف مبروك يا حبيبي هاجي إن شاء الله
معاذ : تمام يا زميلي بس اوعى متجيش
فارس : متقلقش ازاي يعني ماجيش فرح اخويا معلش بقى هقفل معاك عشان عندي شغل دلوقتي اما اروح هكلمك
معاذ : تمام مع السلامة
انهى فارس المكالمه مع معاذ وقال بحسرة :
فارس : دي امي النهارده هتستلمني ومش بعيد اروح الاقي العروسه والمأذون مستنييني في البيت ما هي اكيد ام معاذ كلمتها وعزمتها
تنهد تنهيده طويله وأمسك بالملفات مره اخرى وعاد لمباشرة عمله
~~~~~~~~
مرت بضع ساعات وانتهت فترة عمل جنات في المدرسة
وأمام باب الشُقة تقف جنات وهي تمسك بمفاتيحها فتحت الباب ودخلت
لكنها وجدت الهدوء يسيطر على المكان فا قالت :
_ اكيد العيال عندهم درس ولا حاجه والسنيورة بتكلم امها الحربايه جوا
مشيت جنات في طريقها الي غرفتها لكنها سمعت صوت من غرفة سهر وبالطبع كانت سهر تتحدث في الهاتف مع والدتها او احد اقرابها
تحركت بلا مبالاة حتى سمعت صوت سهر وهي تقول :
_ ايوه ايوه طبعا دي اخت جوزي دي مقولكيش ادب واخلاق واحترام وكله
شعرت جنات بالتعجب فا وقفت امام باب الغرفه لتسمع المتبقي من المكالمه :
سهر : ايوه ايوه يا عمتي زي ما بقولك كدا دي لايقه جدًا على فارس ومتقلقيش انا قايله لياسر من يومين على الميعاد
_ : يبقى تمام يا حبيبتي النهارده الساعه سبعه إن شاء الله
سهر : إن شاء الله يا عمتي هتنورونا والله
شهقت جنات بصدمه وقالت :
_ بنت المقشفه عايزه تجوزني عشان تكوش على كل حاجه وكمان عايزه تحطني قدام الامر الواقع ماشي يا سهر الكلب
شعرت جنات بحركة سهر و أنها سوف تقترب من الباب لتفتحه
فا جريت بسرعه الي غرفتها
_______
بدلت ملابسها لملابس منزليه مريحه و رفعت شعرها على شكل كعكه فوضويه وقامت بأداء صلاة العصر
رمت نفسها على سريرها بإرهاق وقالت بتعب:
_ قال عريس قال هو الواحد ناقص الرجالة وقرفهم الاحسن من كل دا اناملي ساعتين
قالت جملتها ثم اغمضت عيناها وذهبت في نومٍ عميق
~~~~~~~~
وفي هذه الاثناء :
دخل فارس الي المنزل بإرهاق وكان في طريقه لغرفته
لكن استوقفه صوت أمه الغاضب قائلة :
وفاء : على فين يا فارس باشا
فارس بتعب : على اوضتي يا ماما والله مش قادر على اي نقاش دلوقتي
وفاء : ام معاذ كلمتني وعزمتني على فرحه
فارس : ايوه يا أمي ما هو برضو كلمني وعزمني
وفاء بغضب : مش ملاحظ ان كل صحابك وقرايبك الي في سنك او حتى اصغر منك اتجوزوا وانتَ لسه مخطبتش حتى
فارس : يا أمي إن شاء الله اما الاقي البنت المناسبه هتقدملها واتجوزها
وفاء : عمومًا انا خلاص لقيتلك بنت ايه ادب واخلاق وجمال وكل حاجه وكمان مش من بعيد يعني اعرفها وهنروح نتقدملها النهارده
فارس بعصبيه : يعني ايه يا امي هو انا ماليش رأي ولا ايه وبعدين هو انتوا بتحطوني قدام الامر الواقع ولا ايه انا مش صغير على فكره انا عندي ٣٠ سنه
وفاء : دا اخر كلام عندي يا فارس وانا مش هرتاح غير اما اجوزك واشيل عيالك يا أما هفضل غضبانه عليك ليوم الدين لو مسمعتش الكلام و رحت تقابل العروسه
رمقها فارس بنظره غاضبه
ثم دخل الي غرفته واقفل الباب وراءه بعصبيه
~~~~~~~~~~
دقت الساعه السادسه والنصف مساءً
و عند جنات :
كانت نائمة في غرفتها بعمق حتى فتح شخصًا ما عليها الباب وقد كان هذا الشخص ياسر اخاها
الذي اقترب منها محاولًا ايقاظها:
ياسر : جنات جنات اصحي
ضرب على وجهها ضربات خفيفه حتى تستيقظ
فقالت هي بإنزعاج:
_ايه في ايه يا ياسر
ياسر : قومي واتكلمي معايا زي مخاليق ربنا
اعتدلت جنات من نومها بإنزعاج وقالت بنعاس :
_ ايه عايز ايه مش عارفه اتخمد ساعتين على بعض في البيت دا
ياسر : طبعًا سهر قالتلك على العريس الي المفروض جاي بعد نص ساعه من دلوقتي
جنات : والله ياخويا السنيوره مراتك مقالتليش على حاجه انا يادوب سمعتها بالصدفه وهي بتكلم عمتها في التليفون وبتقولها على ميعاد انهارده
ياسر : ايوه ما هو العريس ابن عمة سهر
جنات : ايوه ايوه فهمت العقربه مراتك عايزه تجوزني واحد كحيان من قرايبها وتكوش هي على كل حاجه
ياسر : كحيان ايه بس طب قابليه الاول
جنات : جواز مش هتجوز و خلي الشملوله مراتك ترتاح
ياسر : يا بت اسمعي الكلام بقى وقومي اتشيكي و قابليه عشان خاطر امك بس الي قبل ما تموت كان نفسها تتجوزي وتفرح بيكي
جنات : طيب يا ياسر هقوم البس واقابله بس لو معجبنيش هرفضه
ياسر : طيب تمام
_________
و بعد مدة :
وقفت جنات امام خزانه ملابسها في محاوله اختيار الملابس المناسبه :
وقعت عيناها على فستان بلون ازرق فاتح
نظرت له بنظره متفصحه وقالت :
_ لا لا دا ضيق و طويل
وقعت عيناها على فستان اخر بلون وردي :
_ لا لا دا فتحته كبيره من فوق
وقعت عيناها على فستان اخر ايضا بلون احمر:
_ اوففف دا قصير ...انا معنديش لبس بقى
~~~~~
وفي غرفة المعيشه :
دق الباب فا ذهب ياسر ليفتحه مرتديًا افضل ملابسه
فتح الباب وكان فارس و والدته و والده واخاه الاصغر
فقال ياسر بترحيب:
_اتفضلوا اتفضلو نورتونا والله
فرد عليه "منصور" والد فارس :
_ بنورك يابني والله
دخلوا جميعهم وجلسوا في المكان المخصص لاستقبال الضيوف
وبعد السلامات والترحيب وبعض الاحاديث الجانبيه :
وفاء : اومال عروستنا القمر فين يا سهر
سهر ببسمة صفراء : هاا..تلاقيها لسه بس بتلبس انتِ عارفه بقى يا عمتي شغل بنات اليومين دول واللبس والمكياج والحاجات دي
ثم نادت على ابنتها قائلة:
سهر : جودي روحي استعجلي عمتك يا حبيبتي
جودي : حاضر يا ماما
أما عن فارس :
فا كان جالسًا بملامح جامدة لا يشارك في الحديث إلا نادرًا يقوم بعَد الدقائق والثواني لتنتهي هذه المقابله التي هو بها رغمًا عنه فا هو لا يريد الزواج وتحمل المسؤوليه وإنجاب الاطفال مستقبلًا هو فقط يريد ان عيش حرًا
قطع شروده في أفكاره
دخول جنات مرتدية فستنانًا اسود رقيقًا وحجابًا اسود متناسقًا مع لون الفستان
جنات وهي تحاول رسم الابتسامه على ملامحها
جنات : السلام عليكم
ردو عليها السلام وقالت وفاء :
جنات : تعالي يا حبيبتي اقعدي جمبي متتكسفيش
ابتسمت لها جنات ابتسامة مصطنعه وجلست بجانبها
رمقها فارس بنظره متفصحه من الأسفل إلي الأعلى
وقال بهمس :
_ : مش بطاله برضو
حمحم منصور ليبدأ الحديث قائلًا :
_ يشرفنا يا ياسر يابني ان احنا نطلب ايد اختك الآنسه جنات لابني فارس
ياسر : طبعًا في الاول وفي الآخر الرأي رأي جنات يا عمي
كانت سهر سوف تتكلم لكن قاطعتها جنات قائلة:
_ والله انا مش هقدر احدد دلوقتي غير اما اتعرف على الاستاذ فارس كويس واخد وقتي في التفكير واتمنى تتفهموا دا
تكلم فارس بعد مدة طويلة من الصمت قائلًا :
فارس : تمام معنديش اي مشكلة الجواز دا برضو قرار مصيري
هي بالطبع سوف ترفض لكنها لن تنكر استغرابها من وسامته وسنه الصغير نوعًا ما فا قد كانت تظن انه اكبر عمريًا و رسمت له هيئه في مخيلتها تختلف عن هذه تمامًا
جنات بهمس : شكله متبت في ام دي جوازه بس انا هعرف اطفشه ازاي قريب سهر دا و..
قطع صوت همسها الغير مسموع صوت وفاء العالٍ قائلة:
_ مش هنسيب العرسان لوحدهم ولا ايه
سهر : ايوه طبعا يا عمتي اتفضلوا معانا في البلكونه بس عشان ياخدوا راحتهم
تحركوا جميعهم و وراءهم وفاء التي نظرت لفارس بنظرات محذره من ان يفعل شيء يجعل جنات ترفضه مثلما ما فعل مع اللاتي من قبلها
~~~~~
وبعد دقائق :
كان فارس ينظر لساعته بملل فا هي لم تنطق بكلمه واحده منذ ما انصرف الجالسين
اما هي فا كانت تعبث في هاتفها بلا مبالاه
قرر فارس ان يتكلم أخيرًا قائلًا:
_ هو حضرتك يا آنسه قاعده ماسكة التليفون من ساعه ما قعدنا لوحدنا ومحسساني اني كيس جوافة قاعد معاكي او ممكن حضرتك مش واخده بالك اني موجود مثلًا
رمت جنات هاتفها جانبًا ثم وجهت نظرها إليها و ردت عليه ببرود قائلة:
جنات :_ بص يسطا من الاخر كدا انا مش بتاعة جواز ولا كلام من دا انا وافقت اقابلك بس عشان اخويا مش اكتر وخليك عارف انك هتترفص زي الي قبلك مافيش فيك حاجه مميزه يعني الي قبلك ممكن تخليني اوافق عليك
احتدت ملامح فارس من كلماتها فشعر بالاهانه مما قالته فقال بضيق :
_ والله وانا مش بتاع جواز ولا عايز اتجوز ولا دايب فيكي يعني ولا في جمالك انا وافقت اجي بس عشان امي متعملش معايا مشكله
جنات : طب بص بقى يسطا لو الحوار كدا بقى تروح تقول لامك وابوك الناس الكومل الي كانوا قاعدين من شويه دول مافيش نصيب وتاخدهم وتتكلوا عشان انا اصلًا جضانه ونفسي انام ساعتين
شعر فارس بالأستغراب من طريقه حديثها وكلماتها الغريبه فا هو لم يتعامل مع فتاة مثلها من قبل :
_ هو ايه يسطا دي هو انتِ بتكلمي سواق ميكروباص ولا حاجه ياريت تتكلمي بأسلوب ارقى من كدا يا آنسه
نظرت له نظره ساخره وقالت بسخريه :
جنات : نعم نعم نعم يا دلعادي مش عاجبك كلامي يا روح النونه ؟
قَلَبَ عيناه بضيق ثم قال ببرود :
فارس : بقولك ايه يا شاطره عدي الشويه للي هنقعدهم مع بعض دول على خير
شعرت جنات بالضيق من كلماته الساخره منها فقالت بغضب :
جنات : شاطره مين يا دلعادي هو انت هتصاحبني ولا ايه يا عسل
فارس بنفس النبره الغاضبه : ايه الاسلوب الزباله الي بتتكلمي بيه دا هو انتِ فاكره نفسك بتكلمي واحده صحبتك يا بت انتِ
جنات : بت مين يا نانوس عين ماما دا أنا أخلي الي ما يشتري يتفرج عليك
فارس بصوتٍ عالٍ : لا بقى دا انتِ زودتيها اوي يا جربوعه انتِ
جنات بنفس النبره العاليه : مين دي الي جربوعه يالي مشفتش بربع جنيه رباية انت
تعالى صوت شجارهم اكثر واكثر حتى اصبح مسموعًا لكل من في المنزل فا جاء الجميع على صوت شجارهم العالي فا قالت وفاء بتعجب و استغراب :
_ في ايه ايه الي بيحصل هنا
قطع صوتها شجارهم و وجه كلاهما نظرهم للجميع الذي سيطر التعجب والاستغراب من الذي يحدث على ملامحهم
فا رد فارس بإنفعال على سؤال وفاء : في إن الآنسه دي بتتكلم معايا بأسلوب زي الزفت
جنات بعصبيه : والاستاذ دا بيقل ادبه عليا
نظر ياسر لجنات بحدة لتصمت تمامًا ولا تزداد الأمور سوء
حاول منصور السيطره على الموقف قائلًا :
منصور : اكيد حصل بينهم سوء تفاهم عمومًا حصل خير احنا هنمشي دلوقتي ونسيب العروسه تفكر في الموضوع لو لسه حابة تكمل في الموضوع
نظر لفارس و وفاء ومؤمن ثم اردف قائلًا :
_ يلا
لم يجد ياسر شيئًا يقوله فا قام بتوصيلهم الي باب الشقه و ودعهم ثم اقفل الباب
اما سهر فا كانت صامته تمامًا عكس طبيعتها كانت تحترق من الداخل فا الان لقد فشلت محاولتها في تزويج جنات فا هي تريد ان تعيش في الشقه بمفردها فا هي ترى انا جنات تعيق خصوصيتها
اما جنات فا نظرت لسهر نظره متوعدة ثم دخلت لغرفتها واقفلت الباب بقوه
_______
وفي غرفتها :
خلعت فستانها وبدلته لملابسها المريحه مره اخرى ثم امسكت بهاتفها وقامت بالاتصال برقمٍ ما
وبعد لحظات سمعت الرد :
_ الو ايوه يا جنات
جنات : ايوه يا بت يا داليا حصل انهارده كمية اكشن ايه ومفضتش اكلمك غير دلوقتي
داليا : وه وه ايه الي حصل يا بت انطقي
وبعد عشر دقائق تقريبًا:
انتهت جنات من سرد ما حدث كله في إنتظار رد فعل داليا التي قالت بصدمة :
داليا : يالهوي بقى كل دا حصل
جنات : ايوه يا بنتي والله...بس استني كدا في صوت من برا شكل طبًعا سهر هانم بتخانق مع اخويا
داليا : بنت المقشفه دي الي كل المصايب من وراها وربنا ما اعرف اخوكي اتجوزها ليه هي بالذات
وقفت جنات امام باب الغرفه لتسمع الي يدور في الخارج :
سهر : جرا ايه يا ياسر هو كل ما الشملوله اختك يجيلها عريس ترفضه والله انتَ عارف ابني عمتي دا كان هيعيشها ازاي
ياسر : سهر بقولك ايه بلاش دوشه وصداع على المسا
سهر : بقى انا كلامي صداع يا ياسر بس طبعًا هقول ايه اما هي اختك قاعده بتسخنك عليا طول الوقت
ياسر : ما قولتلك يا سهر مليون مره شيليها من دماغك
شعرت سهر انها سوف تخسر هذا النقاش فقالت بحزن :
الحق عليا يعني اني معتبراها زي اختي وجيبالها عريس محترم اروح تتخانق معاه وتطفشه
ياسر : خلاص طيب متزعليش وانا هتكلم معاها
________
ابتعدت جنات عن الباب وجلست على طرف السرير وقالت :
جنات : عصافير الكناريا اتصالحوا اهو في خمس دقايق كدا بقى الواحد ينام في هدوء
تمددت على سريرها بتعب واغمضت عيناها لكنها تذكرت مقابلتها مع فارس
فا ظهر شبح إبتسامه على شفتيها عندما تذكرت كلماته وإنفعالته
ظلت على هذا الوضع لحظات حتى ذهبت في نومٍ عميق
~~~~~~~~~
أما عن فارس :
فا دخل الشقه مع والديه و اخاه ولا تزال ملامحه عابسة من هذه المقابله
فا هو يعلم جيدًا ان هو يسوف يدخل في شجار اخر مع والدته و سوف يكون شجار اخر بين والده و والدته
كان فارس سوف يدخل لغرفته بسرعه ليتجنب النقاش لكن بالطبع لاحظته وفاء وقطعت سيره قائلة بعصبية :
وفاء : انت رايح فين كدا يا فارس اوعى تتفكر ان كدا هتعرف تهرب لاا
فارس : يا أمي ارجوكي سيبيني براحتي قولتلك جواز مش عايز اتجوز ومش عايز اروح اقابل حد بس انتوا حطيتوني قدام الامر الواقع وقولت ماشي بس البت دي قليله الادب ومش متربيه
وفاء : مش ممكن انت عملت معاها زي ما عملت مع الي قبلها بتتكلم معاهم بأسلوب محدش يستحمله
فارس : ما انا مكنتش مُجبر استحمل قله ادبها وافضل ساكت
وفاء : رأيك ايه يا منصور في الكلام دا ولا انت كدا على طول ملكش دعوه بأي حاجه
منصور : وفاء عدي الليله واهدي كدا واستهدي بالله
وفاء : اهدا ايه هو انت شايفني مجنونه ولا مش على بعضي
شعر فارس انه هناك شجار شديد سيبدأ الان لا استغل الفرصه ودخل الي غرفته بسرعه
_____
وفي غرفته :
بدل هو أيضًا ملابسه الي ملابس مريحه ثم تسطح على السرير وهو يفكر في هذا اليوم الغريب المليئ الصراخ والشجار فقط تذكر الذي حدث في مقابلته مع جنات فا أبتسم تلقائيًا وهو يتذكر طريقتها الغريبه و اختلافها عن اي فتاه قابلها من قبل
لكنه ازال كل هذه الافكار من عقله و اغمض عيناه وذهب في سباتٍ عميق
~~~~~~~~~
