الفصل الاول

35 4 4
                                    

مقدمة:

في لحظات الرحيل، نتعلم الكثير عن أنفسنا وعن من نحب. نكتشف أن الحب، بكل ما فيه من دفء وسعادة، قد يتحول إلى سلاح قاتل إذا امتزج بالخيانة أو الغدر. في هذا العالم القاسي، كانت يورا بالنسبة له كل شيء: الحب، الأمل، والمستقبل. ولكن عندما اختفت فجأة، دون أن تترك وراءها أي تفسير، كان ذلك بمثابة السقوط في هاوية لا قرار لها.

الخذلان لا يعرف الرحمة، والبطل وجد نفسه يواجه ظلامه الداخلي، يبحث عن أجوبة لا يريدها أحد. وبينما تلاشت الذكريات الجميلة، نمت داخله رغبة في الانتقام، رغبة في أن يُشعر يورا بما شعر به هو.

"الرحيل الأخير" هي قصة عن الحب والخيانة، عن القوة التي يدفعنا إليها الحزن، وعن العواقب التي تنتظر من يلعب بالنار. إنها قصة عن الانتقام الذي يتسلل إلى أرواحنا ليحطم كل ما تبقى من إنسانيتنا.

الفصل الأول

(يبدأ الفصل في غرفة مظلمة، الأضواء خافتة والهواء مشبع بالضيق. الغرفة تبدو وكأنها تحمل أعباء ذكريات ثقيلة، ورائحة العدم تخيم في الأجواء. البطل يجلس على طرف السرير، محاطًا بالفوضى من حوله، وكأن كل ما في الغرفة يعكس فوضى عقله المضطرب.)

(يجلس البطل في الظلام، يمسك هاتفه بقوة وكأنه يبحث عن إجابة بين يديه. عيناه تتراقصان بين الشاشات، يحاول التواصل مع يورا، ولكنه يشعر بالصمت الساحق. لا رسائل جديدة، لا مكالمات فائتة. لقد رحلت.)

البطل (متحدثًا لنفسه بصوت مكسور): "لقد تركتني... هكذا؟ كيف يمكنها؟ بدون وداع... بدون حتى تفسير؟"

(يرمي هاتفه بعنف على السرير، يضع يديه على رأسه، يشعر بالغضب يتصاعد داخله. يتحرك من مكانه فجأة، ويبدأ في التجول في الغرفة بعصبية. الأشياء من حوله تبدأ في الانهيار، كما هو.)

البطل (بغضب يائس): "كيف جرؤت! بعد كل شيء... بعد كل شيء فعلته من أجلها!"

(تبدأ يديه في التحرك بعنف، يلتقط أي شيء قريب، يضربه، يكسره. الكتب، المصابيح، الصور القديمة على الجدران – كلها تتحطم واحدة تلو الأخرى. الزجاج يتناثر على الأرض. كل ضربة تأتي وكأنها محاولة يائسة لإخراج الألم الذي يقتله من الداخل.)

(بعد أن ينفجر الغضب بداخله ويخرب كل شيء في الغرفة، يتوقف فجأة. يقف لوهلة وسط الفوضى، يتنفس بصعوبة، عيناه غارقتان في الألم والحيرة. يتحرك ببطء نحو الحمام، وكأن كل خطوة يخطوها مليئة بالثقل والضياع.)

(يدخل البطل الحمام ويقف أمام المرآة. وجهه شاحب، عيناه مليئتان بالدموع غير المسكوبة. ينظر إلى نفسه في المرآة، وكأنه يحاول فهم هذا الشخص الذي أصبحه.)

البطل (بصوت منخفض ومكسور): "من أنا الآن بدونها؟ كيف يمكنني الاستمرار؟"

(تتحرك يديه ببطء نحو مكنة الحلاقة الموضوعة على حافة الحوض. يفتحها ببطء، ويسحب الموس الحاد. الموس يلمع في الضوء الخافت. يقف هناك للحظة، ممسكًا بالموس، ينظر إليه كما لو كان يرى مصيره المحتوم.)

(يتنفس بعمق، يأخذ الموس ويخرج من الحمام ببطء. يتحرك باتجاه السرير، يجلس عليه بهدوء غير معتاد. عيناه تحدقان في الفراغ، وكأن كل شيء في داخله قد انهار تمامًا.)

(يضع الموس بجانبه على السرير، ويمسك هاتفه مرة أخرى. هذه المرة، لا يبحث عن اتصال بها، بل يفتح ألبوم الصور. يبدأ في التمرير بين الصور التي جمعت بينهما. لحظات من السعادة، الضحك، والحب. كل صورة تعود به إلى زمن كان يعتقد فيه أن كل شيء سيظل على ما يرام.)

(تظهر على الشاشة صورة ليورا وهي تبتسم تحت أشعة الشمس، ضوء الشمس يلمع على شعرها ويجعلها تبدو كالملاك. البطل يشعر بألم عميق يخترق قلبه، يضع يده على صدره وكأنه يحاول السيطرة على هذا الألم المتصاعد.)

البطل (متحدثًا بصوت خافت وهو يحدق في الصور): "لقد كنتِ كل شيء بالنسبة لي... كيف استطعتِ أن تتركيني؟"

(يتوقف عند صورة لهما معًا، كانا يضحكان معًا، عيونهم مليئة بالحب والأمل. يتذكر تلك اللحظة بوضوح، وكأنها تحدث الآن. يشعر بأنه يختنق.)

البطل (بصوت متصدع): "أين ذهب كل هذا؟"

(يتحرك يده ببطء نحو الموس الذي وضعه بجانبه. يمسكه بحزم هذه المرة، عينيه لا تزالان مركزتين على الصور، وكأن تلك اللحظات الجميلة التي عاشها أصبحت الآن لعنة تطارده.)

(البطل ينظر إلى يديه. يمسك الموس بشدة، يقربه من رسغه، وعيناه مليئتان بالدموع. الدموع التي لم يستطع البكاء بها تملأ عينيه أخيرًا. يرفع الموس ببطء، جاهزًا لقطع شريانه.)

(لكن قبل أن يفعل ذلك، يتوقف للحظة، ينظر مرة أخرى إلى الصور. يتوقف عند صورة يورا وهي تنظر إليه بطريقة لم يعد يتذكرها. كانت تلك اللحظة مليئة بالحب. يشعر بالصدمة من تلك الصورة، وكأنه يرى حبها لأول مرة منذ رحيلها.)

البطل (متحدثًا بصوت خافت وهو يبكي لأول مرة): "لماذا؟ لماذا تركتيني؟"

(البطل يبدأ في البكاء بمرارة، الدموع تتدفق على وجهه بلا توقف. الموس لا يزال في يده، لكنه يتردد في استخدامه. يشعر بالخيانة العميقة، بالحزن الذي لا يمكن أن يتحمله.)

(ينتهي الفصل على مشهد البطل جالسًا على السرير، الموس في يده، والدموع تتدفق بلا توقف. الغرفة مدمرة من حوله، ذكرياته ممزقة، لكنه لا يزال في تلك اللحظة غير قادر على إنهاء كل شيء. مشهد مؤلم يعكس مدى العذاب الذي يعانيه البطل، والقرار المصيري الذي لا يزال يطارده.)

---

الرحيل الأخير حيث تعيش القصص. اكتشف الآن