الأضواء الملونة معلقة على جدران المنزل من الخارج و أصوات الموسيقى تصدح بأغاني الأفراح قديمها و حديثها و تجلس سارة إلى جوار طارق غارقة في خجلها و الابتسامة تعلو ثغرها البسام في حياء ينظر نحوها عريسهاطارق والذي كان في أبهى حلة يرتدي بذلة الزفاف. كان الحفل بسيط و راق في المنزل بحضور عدد قليل من المدعوين الذين كانوا قد بداوا بالرحيل فقال طارق : ما يلا بينا نروح بقا ، الناس بتمشي اهي.
ردت سارة في حياء : مستعجل ليه ؟ خلينا قاعدين شوية مع ماما و بابا.
ضحك لحيائها و قال : ماهو في الآخر هنسيبهم و نمشي برده ، فيلا بينا بقا.
ابتسمت ملء ثغرها و أخفضت رأسها و هي تقول : خلاص براحتك.
استأذن طارق من والد سارة في الرحيل فأذن له على مضض، فهو لا يرغب في فراق صغيرته أبدا و هي التي كانت له أما على صغر سنها و رفيقة رغم حداثة عمرها، و لكن ما باليد حيلة.
في الطريق ، لم يترك طارق كف سارة حرا بالمرة بل احتضنه و قبل ظاهره و باطنه عدة مرات، و كيف لا و هي محبوبته طوال سنوات الجامعة.
ما أن وصلا إلى البناية التي تحوي شقتهما حتى وجدا البواي يركض نحوهما و هو يلهث و يقول : الحق يا طارق بيه، الحق يا طارق بيه
أجفل طارق و تساءل : في إيه يا عم أيوب ؟
رد ايوب من بين انفاسه المتسارعة : الكهربا في الدور عندكم عملت قفلة و خايف على الأجهزة اللي في شقة حضرتك ليكون جرى فيها حاجة.
تعجل طارق و هو يطلب المصعد حتى كاد أن يترك عروسه و يصعد ركضا خوفا على منزله الجديد لولا أنه شعر بخوفها ففضل مرافقتها في المصعد. ما أن وصلا إلى الشقة و فتح الباب حتى وجد ظلاما دامسا يقابله فأشعل ايوب قداحته حتى يستطيعوا الرؤية . اتجه طارق إلى صندوق معلق على الحائط فيه مفاتيح الكهرباء الخاصة بالشقة فإذا بها كلها مغلقة. سمى الله و فتحها كلها ثم انار الضوء فإذا بالشقة سليمة ماعدا التلفاز، فخلفه على الحائط سواد يوشي بما حدث . لقد انفجر مخلفا خلفه لوحه من الرماد. شهقت سارة و هي ترى هذا المنظر و تساءل طارق : إزاي حصل كده يا عم أيوب ؟
قال ايوب بصوت خائف : بسم الله الرحمن الرحيم ، يا رب يا ستار
رد طارق و عصبيته تزداد : مالك يا عم ايوب ؟ ماترد عليا
فتحت سارة باب الشرفة لأن رائحة الرماد تملأ المنزل فما ان فتحته حتى أغلق وحده و شعرت هواء ساخن يتنفس بجوار وجهها يلفح وجنتها. التفت نحوها طارق فوجدها متجمدة مكانها خوفا فسألها عن السبب فقالت : حسبت بنفس جمبي ، هوا سخن عدى من جمبي
صرخ ايوب : بسم الله الحفيظ .....و تحرك يريد الخروج من ابمنزل حتى امسكه طارق يمنعه قائلا : تعالالي هنا يا عم ايوب ، فهمني الشقة دي مالها؟ و احنا بنشتريها سالتني عشرين مرة إذا كنت متأكد إني عايزها ولا لأ،و الحاجات الغريبة اللي كانت بتحصل ساعة التحضير للفرح ماكنتش راضي تفسرهالي، دلوقتي مش هاسيبك غير لما تقولي الشقة دي مالها
قال ايوب بهمس مرعوب : الشقة مسكونة يا بيه ، اتقتلت فيها قتيلة قبل كده.
صرخت سارة صرخة مكتومة و هي واضعة اطراف اناملها على ثغرها في حين تساءل طارق : و جاي تقولي كده دلوقتي؟ ليلة فرحي يا عم ايوب؟
رد أيوب بيأس: يا بيه أنا عبد المأمور ، صاحب العمارة محرج عليا ماجيبش سيرة لحد.
قال طارق و هو يشيح بيده نحو باب الشقة : طب اتفضل انت يا عم أيوب ، متشكرين جدا.
أغلق طارق الباب و التفت ليجد سارة تقف لصيقة به يكتد يسمع صوت اصطكاك اسنانها خوفا و قالت : اوعى تقولي هنبات هنا.
تعجب طارق : أمال هنبات فين ؟ ماهو بيتنا.
أزاحته من أمام الباب تريد فتحه : أنا رايحة لبابا.
أمسكها يحاول منعها : على فين بس ؟ انت عايزانا نتفضح؟
قالت بعصبية : نتفضح؟ والله أحسن ما أسكن في شقة مسكونة؟
قال يطمئنها : بصي ، احنا نعدي الليلادي و نشوف هيحصل إيه
قالت بيأس : ماهو انا استحالة هيجيلي نوم كده
وعدها قائلا : أنا هافضل جمبك و مش هنام لغاية ما اتأكد إنك نمتي و اطمنتي خالص، تمام؟
نفذ طارق وعده و ظل بجوار سارة التي تدثرت جيدا و ظلت عيناها مفتوحتان عن آخرهما تخاف أن تغلقهما حتى غلبها النعاس فجرا فاستسلم طارق للنوم هو أيضا