تغرب الشمس خلف رمال الصحراء وتمتلئ السماء بمجموعة من البرتقالي الداكن والأحمر مع اقتراب الليل. المساحة الشاسعة للصحراء لا تتغير مثل لوحة ثابتة.
تظهر مجموعة من الجنود وهم يعبرون مساحة شاسعة من الصحراء، وتتحرك أرجل الاحصنة النحيلة بنمط إيقاعي وهي تشق طريقها عبر الكثبان الرملية، وعلى رأس الموكب شخصية مهيبة، وتتألق دروعه وأسلحته مع أشعة الشمس الغاربة، وتفحص عيناه المناظر الطبيعية بينما يوجه جواده عبر أرض الصحراء.
تستمر القافلة في التحرك للأمام، حيث تتبع الإبل والخيول مسارًا خلقته الكثبان الرملية التي لا نهاية لها في الصحراء. يراقب قائد القوات الأفق بعينيه الحادتين والمركّزتين. ومعه ألفان من الجنود، تلمع دروعهم في ضوء الشمس الغاربة.
يسأل جندي يركب إلى جانب القائد، كاسرًا الصمت: "سيف.كم من الوقت سيستغرق حتى نصل إلى وجهتنا؟".
"نحن على بعد يوم تقريبًا من وجهتنا"، يجيب سيف بصوت ثابت واثق. "سنستريح هنا طوال الليل ونواصل الرحلة مع أول ضوء".
يبدأ الجنود في إقامة معسكرهم ليلًا، فينصبون الخيام ويشعلون النيران للتدفئة ودرء هواء الصحراء البارد. الجو مثقل بالترقب والتوتر بينما يستعد الرجال للمعركة التي تنتظرهم.
في هذه الأثناء، يجلس سيف بجوار النار، غارقًا في التفكير.
الليل مظلم والنجوم ساطعة في السماء. يقترب أحد الجنود من سيف، ووجهه يبدو قلقًا. "أيها القائد، هل لي أن أسألك سؤالاً؟"
ينظر سيف إلى الجندي، ووجهه هادئ. "ما الأمر؟"
"لقد سمعنا شائعات عن عدونا"، يقول الجندي بتردد. "يقال إنهم مقاتلون شرسون، وأسلحتهم لا تشبه أي شيء رأيناه من قبل".
أومأ سيف برأسه، ولم يتغير تعبير وجهه. "لقد سمعت نفس الشيء. لكننا مستعدون جيدًا ورجالنا مدربون وجاهزون للمعركة. لن نتراجع".
أومأ الجندي برأسه، مطمئنًا بثقة سيف. ثم غادر لينضم إلى الرجال الآخرين، وترك سيف وحيدًا أمام النيران مرة أخرى. كان ذهنه يركز على المعركة القادمة، لكن شعورًا غريبًا يزعجه، وهو شعور لا يستطيع تحديده تمامًا.
يمضي الليل، ويستقر المخيم في إيقاع هادئ. يجلس الرجال بالقرب من النيران، ويتحدثون بهدوء أو ينامون وأسلحتهم في متناول أيديهم.
يراقب سيف جنوده، ويشعر بمسؤولية ثقيلة على كتفيه.
كان القمر مرتفعًا في السماء، وفجأة، كسر ضجيج هدوء الليل. وقف أحد الحراس ونادى: "أيها القائد! أرى شيئًا في المسافة!"
في لحظة، يقف سيف على قدميه، ويصبح التوتر في الهواء ملموسًا. "ما الأمر؟ صف ما تراه".
يشير الحارس إلى المسافة البعيدة. "لست متأكدًا، لكن يبدو أن مجموعة من الفرسان تقترب".
ينظر سيف إلى الأفق، وعيناه تضيقان. "جهزوا الرجال، لكن حافظوا على مواقعكم الآن".
ينهض الجنود على أقدامهم ويأخذون أسلحتهم استعدادًا للهجوم. يمتلئ المعسكر بالنشاط، لكن الجميع ينتظرون أوامر سيف.
يقف سيف بجانب النار، يراقب الشخصيات المقتربة بعين ماهرة.
تقترب الشخصيات، وتصبح أشكالها أكثر وضوحًا في ضوء القمر. يتضح أن هناك ثلاثة فرسان، تتحرك خيولهم بخطى ثابتة ولكن سريعة.
يتهامس الجنود لبعضهم البعض، ووجوههم مشدودة من القلق والترقب. لكنهم مع ذلك ينتظرون الأمر بالهجوم.
يراقب سيف الفرسان باهتمام، ويده على مقبض سيفه. يمكنه الآن تمييز المزيد من التفاصيل - الفرسان مسلحون بكثافة، وأجسادهم مغطاة بالدروع والأسلحة. يمتطون خيولهم بسرعة، لكنهم لا يبدون عدائيين، على الأقل حتى الآن.
الآن أصبح الفرسان قريبين بما يكفي لسماعهم. ينادي أحد الفرسان بصوت عالٍ: "لقد أتينا بسلام! نريد مقابلة قائد جيش الخليفة!"
يخيم الصمت على المخيم عند سماع صوت الفارس. ينظر الجنود إلى سيف، في انتظار قراره. يفكر سيف في الموقف، وعقله يسابق الزمن. بعد لحظة، ينادي بصوت واضح: "حددوا هويتكم!"
يقترب الفرسان من نار المخيم، وتتوقف خيولهم ببطء على بعد أمتار قليلة. ويتحدث الزعيم، وهو رجل طويل القامة وعضلي ووجه صارم.
يقول: "أنا تركي"، وتلتقي عيناه بعيني سيف بلا تردد. "ورفيقاي هما ايمن و احمد".
سيف يدرس الفرسان، تعبير وجهه هادئ ومتوازن: "وما شأنك بي يا تركي؟"
يجلس تركي في سرجه، ويده مستندة إلى مقبض سيفه. "لقد أتينا برسالة من رئيس قبيلتنا. لقد سمع عن وجود جيشكم في هذه الأراضي ويرغب في تقديم عرض لك".
يرفع سيف حاجبه بفضول: "اقتراح؟ أي نوع من الاقتراحات؟"
ابتسم تركي قليلاً، وكانت تلك أول إشارة إلى حدوث شق في سلوكه الصارم. "رئيسنا مهتم بالانضمام إلى جيشك. لقد سمع عن مهاراتك في المعركة ويعتقد أن جيشك يمكن أن يساعدنا في نضالاتنا الخاصة".
كان المخيم هادئًا بينما كان الجنود يستمعون إلى المحادثة. كانوا يراقبون سيف باهتمام، متلهفين لسماع رده.
كان سيف يفكر في العرض، وعقله يتسابق. كانت فكرة اكتساب حلفاء جدد في المعركة مغرية، لكنه كان حذرًا. "وما هو الثمن الذي يريده رئيسك لهذا التحالف؟"