الفصل الثاني
(تبدأ الأحداث بعد مرور ساعات قليلة على محاولة البطل الانتحار. يظهر مستلقياً على السرير، نظراته شاردة وعيناه جافتان من الدموع. كل شيء في الغرفة يبدو ساكناً، كأن العالم بأكمله قد توقف. جسده مرهق، لكنه لا يزال على قيد الحياة. داخله شيء جديد وبارد، لا يعترف بالألم أو الحب. لقد تغير شيء ما بداخله بشكل جذري.)(ينظر البطل إلى السقف لفترة طويلة، محاولًا استيعاب ما يشعر به. لم يعد هناك ألم يحرق قلبه، فقط فراغ عميق. صوت داخلي يهمس: "لقد انتهى كل شيء. أنت الآن وحيد. وهذه الوحدة هي ما سيحميك من الآن فصاعدًا.")
(الهاتف يرن فجأة. على الشاشة يظهر اسم صديقه المقرب. ينظر البطل إلى الهاتف بصمت، دون أي رد فعل، وكأن هذا الصوت لم يعد يهمه.)
صوت الهاتف (يرسل رسالة): "أين أنت؟ لم تأتِ إلى اللقاء. أنا قلق عليك. اتصل بي."
(البطل يتجاهل المكالمة، ويظل مستلقيًا في صمت. يشعر وكأن الزمن قد توقف بالنسبة له. العالم من حوله يتحرك، لكنه لم يعد جزءًا منه. يقف ببطء من على السرير، يتوجه نحو المرآة . ينظر إلى نفسه بعينين غريبتين. الوجه الذي يراه في المرآة لم يعد له. إنه مجرد شخص آخر.)
البطل (ببرود، متحدثًا لنفسه): "لقد انتهى كل شيء. لم يعد هناك شيء يستحق العناء."
(يدخل البطل الحمام و يغسل وجهه بالماء البارد، وكأن ما حدث قبل ساعات كان مجرد كابوس لكنه يدرك أن شيئًا بداخله قد تحطم للأبد . يرتدي ملابسه بهدوء، دون أي أثر للانفعال. خطواته أصبحت أكثر هدوءاً واتزاناً، وكأن ما حدث أعاد تشكيل شخصيته بالكامل.)
(يخرج من الغرفة ويغلق الباب خلفه، تاركاً وراءه ذكرياته المحطمة وفوضى مشاعره. يسير في الشارع بخطى باردة، نظراته فارغة. يمر بالمقاهي والأماكن التي كانت مليئة بالذكريات مع يورا، لكنه لم يعد يشعر بشيء. يتوقف عند مقهى كان يجلس فيه معها. يتأمل المكان للحظة، ولكن دون أي أثر للعاطفة. يدخل المقهى ويجلس في زاوية بعيدة.)
(يجلس هناك، يراقب العالم من حوله كأنه مجرد مشهد لا يعنيه. يأخذ رشفة من قهوته ببطء. عينيه ما زالتا تائهتين، تحاولان إيجاد معنى في هذا الفراغ.)
(بعد لحظات، يدخل صديقه إلى المقهى. يبحث بعينيه بسرعة حتى يراه جالساً في الزاوية البعيدة. يقترب بحذر، ينظر إلى وجهه محاولاً قراءة تعابيره. لكن ما يراه كان مزيجًا من البرود واللامبالاة.)
الصديق (بقلق واضح): "أين كنت؟ لقد كنت قلقًا عليك... لم ترد على اتصالاتي. ماذا يحدث معك؟"(يرفع البطل عينيه ببطء نحو صديقه، دون أي تعبير على وجهه. يترك الصمت يسيطر للحظة قبل أن يجيب بصوت هادئ وخالٍ من أي عاطفة.)
البطل (بهدوء بارد): "لا شيء. كل شيء انتهى."
(يجلس الصديق أمامه وهو لا يزال غير قادر على فهم التحول الذي يراه أمامه. يحاول أن يفهم ما حدث، ولكن لا يرى أي إشارات على وجه البطل تشير إلى أنه يعاني، وكأن كل ما كان يعرفه عنه قد تبخر.)
الصديق (محاولًا كسر الجدار الذي اصبح بينهم ): "لا يمكن أن تكون الأمور بهذا السوء. نحن أصدقاؤك هنا لأجلك. أخبرني ما حدث... لماذا هذا التحول المفاجئ؟"
(البطل يأخذ رشفة من قهوته، وكأن السؤال لم يكن مهماً. يضع الكوب بهدوء على الطاولة وينظر إلى صديقه بنظرات جامدة.)
البطل (بجفاف): "ليس هناك ما يمكن قوله. لقد فهمت أخيرًا أن لا شيء يستحق القتال من أجله. مشاعري؟ كانت وهمًا. الحب؟ مجرد كذبة نقنع أنفسنا بها لنشعر أننا أحياء. لكنني الآن أدركت الحقيقة."
(الصديق ينظر إليه في صدمة. لم يكن يتوقع هذا البرود من شخص كان دائمًا مليئًا بالحياة والعاطفة. يحاول أن يجد الكلمات المناسبة، لكنه يشعر بالعجز أمام هذا الجدار البارد الذي شيد أمامه.)
الصديق (مترددًا): "لكن... لا يمكنك العيش هكذا، بلا مشاعر، بلا أمل. هذا ليس أنت."
(البطل ينظر إليه ببرود، وكأنه يرى شخصًا لا ينتمي الي عالمه الجديد.)
البطل (بصوت هادئ): "أنت لا تفهم. ما كنت عليه قد مات. هذا الشخص الذي تراه أمامك الآن، هو ما تبقى. عليك أن تتقبل ذلك."
(يمتلئ الصديق بالغضب والاحباط، يشعر بالعجز وهو يرى صديقه يتلاشى أمام عينيه. يحاول جاهدًا أن يهزه، أن يعيده إلى وعيه.)
الصديق (بصوت حازم): "لا أستطيع قبول ذلك. أعرفك منذ سنوات. هذا ليس أنت! لا يمكنني الوقوف هنا ومشاهدة ما يحدث لك!"
(البطل يحدق فيه لثوانٍ، ثم ينحني قليلاً على الطاولة ويقترب منه، يتحدث بصوت منخفضلكنه حاد.)
البطل: "لقد انتهى كل شيء. لا يوجد شيء يمكنه إعادتي إلى ما كنت عليه."
(صمت يسود بينهما للحظة. الصديق يحدق في البطل وهو غير قادر على استيعاب ما يسمعه. في النهاية، يقف ببطء ويهز رأسه بحزن.)
الصديق (بصوت مكتوم): "سأكون هنا عندما تكون جاهزًا للعودة."
(يترك المقهى بينما يجلس البطل في مكانه، غير مكترث لما حدث. ينظر إلى الخارج عبر نافذة المقهى، ولا يرى سوى الفراغ الممتد. يشعر بأنه في سلام مع بروده الجديد، بينما يستمر العالم من حوله في الدوران، دون أن يلمسه شيء.)
---
يتبع...
أنت تقرأ
الرحيل الأخير
حركة (أكشن)في لحظات الرحيل، نتعلم الكثير عن أنفسنا وعن من نحب. نكتشف أن الحب، بكل ما فيه من دفء وسعادة، قد يتحول إلى سلاح قاتل إذا امتزج بالخيانة أو الغدر. في هذا العالم القاسي، كانت يورا بالنسبة له كل شيء: الحب، الأمل، والمستقبل. ولكن عندما اختفت فجأة، دون أن...