19_ صدمة و راء صدمة

59 7 3
                                    


.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.


"لا بأس..." قلتها بصوت منخفض، لكنني كنت أشعر بثقل الكلمات في داخلي. إيليسيا حدقت في وجهي للحظة، وكأنها تحاول قراءة ما يدور في ذهني، ثم أومأت بخفة.


"إذاً، لنبدأ." قالتها بهدوء وهي ترفع يدها نحو السماء، فبدأ الهواء من حولنا يتغير. فجأة، شعرت بريح باردة تجتاح الغابة، وأوراق الأشجار ترفرف وكأنها تستجيب لندائها.


روان وسيلا توقفا عن اللعب للحظة، وتوجها نحونا، مستشعرين التغيير في الجو. لكن إيليسيا لم تعبأ بهما، كانت مركزة بالكامل على ما تفعله. بدأت همسات غامضة تصدر من حولنا، وكأن الطبيعة نفسها تتحدث بلغة لا أفهمها.


"ليانا، ما ستريه الآن ليس مجرد ذكرى أو رؤيا، إنه شيء أعمق. ستواجهين حقيقتك، والماضي الذي تم دفنه لوقت طويل. لا مجال للتراجع."


حاولت أن أتماسك، لكن قلبي كان ينبض بسرعة. "أنا مستعدة... أظن."


ابتسمت إيليسيا ابتسامة غامضة وقالت: "سنرى." ثم أغمضت عينيها، وبدأت تتلو كلمات بلغة قديمة وغريبة. شعرت بشيء ثقيل يسحبني نحو الأرض، وكأنني أنغمس في دوامة لا نهاية لها.


وفجأة، لم أعد في الغابة. وجدت نفسي في مكان آخر... مكان مليء بالظلال والضباب.


نظرت حولي وها هي نسختي التي أراها في أحلامي ثانية... كان ذلك الشاب ذو الشعر الرمادي يحملني بين ذراعيه ويمشي بسرعة غير معقولة تجاه إحدى القاعات. تغير المشهد فجأة، لأراه يشد قبضتيه بغضب في غرفة يكسوها البياض، وأنا مستلقية على سرير محاطة بعدة أجهزة، وكأنني كنت في سباق مع الزمن.


ثم تغير المشهد مرة أخرى. هذه المرة كان ماكسيميليان هو من يقف أمامي، ولكن بشيء غريب يكسوه السواد، وله قرون تبرز من رأسه. مظهره كان غير مألوف، كأنه تحوّل إلى شيء لا ينتمي لهذا العالم. وما لبث أن تحوّل إلى ذئب أسود بعيون حمراء متوهجة، يتفجر منه الغضب.


أما أنا، فقد تحولت إلى هيئة ذئبتي، واستعددت لبدء القتال. كان صراعًا شرسًا، لكن ماكسيميليان كان أقوى مني بكثير، وانتهى بي الأمر بالهزيمة تحت قوته الساحقة. قبل أن أستوعب ما حدث، وجدت نفسي مفصولة عن سيليانا. شعرت وكأن جزءًا مني يُسحب بعيدًا. سيليانا كانت تغلي بالغضب، وتحولت فجأة إلى اللون الأسود التام. ما أثار استغرابي هو أن اللون بدأ يتسرب من العلامة على جبينها، ليتدفق إلى باقي جسدها كدوامة لا متناهية.

ذئبة الظلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن