نيران عشقك تشتعل بداخلي ، و يكتمها الكبرياء ..!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مساءاً في قصر البارون ليلاً
عند كارمن
تجلس في الجناح ، وهي تحاول السيطرة على أعصابها.
إنها غاضبة جدًا من تصرف أدهم الذي جعلها تشعر رغماً عنها بأنها ملكه وحده ، و أن زواجه منها سيصبح أمرا طبيعياً ومعروفاً ، و هي لا تريد ذلك ، و اصرت انها ستظل في مكانها علي الأريكة حتى يأتي و تتحدث معه.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في منزل مالك البارون
خرج مالك من الحمام الملحق بجناحهم ، وكان يجفف شعره بمنشفة صغيرة.
كانت يسر مستلقية على السرير ، و تبدو علي ملامحها الشرود ، فترك المنشفة على الكرسي المجاور له ، و ذهب إليها بهدوء و انحنى عليها ، خطفاً قبلة صغيرة من شفتيها الكردية و قفز بجانبها على السرير.
اعتدلت هي في جلستها و سندت ظهرها على السرير.
يسر بتذمر طفولي : مش هتبطل الحركات دي يا مالك خضيتني
مرر ابهامه على طول وجهها برقة ، و هو يهمس في اذنيها بصوت حنون يتغلله المرح : سلامته الجميل من الخضة
ابتسمت بعشق و خجل ، فهو قادر علي تغيير مزاجها في لحظات بعبثه المحبوب لقلبها المتيم بعشقه.
مالك بغيرة محببة : انطقي بسرعة كنتي سرحانه في ايه يا بت انتي ؟
ضحكت يسر بخفه ، وردت ببساطة : ابدا كنت بفكر في كارمن
مالك بغرابة : مالها كارمن !!
سندت رأسها على كتفه قائلة بخفوت : عاوزة اسألك علي حاجة ؟
مال مالك رأسه على رأسها يهمس بحب : اسألي يا عيوني
يسر بإستفهام : انت اللي نشرت خبر جوازهم في الصحف و المواقع مش كدا !!
مالك بتنهيدة : انا و أدهم .. هو كان مرتب كل حاجة .. اومال انا ليه اخدتلهم صور كتير يوم كتب كتابهم الصامت دا انتي نسيتي.
يسر بتفكير : مممم طلعتو مش ساهلين خالص يا احفاد البارون
مالك بغرور متصنع : اومال يا بنتي دا احنا جامدين اوي
يسر بحيرة : بس برده انا مش فاهمه ليه ادهم يعمل كدا !!
مالك بجدية : عشان بيحبها يا يسر
شهقت بإستنكار و هي تنظر له لتقول بعدم تصديق : انت بتهزر صح بيحبها ازاي و امتي !! هو لحق يحبها اصلا دول بقالهم اسبوع متجوزين ؟
نظر اليها قائلا بهدوء و جدية يشوبهما قليل من السخرية : هقولك ازاي .. بس عارفه لو وقعتي بلسانك الحلو دا في الكلام مع كارمن وقولتلها وقتها ادهم هيذبح جوزك و تتشردي انتي و ابنك في الشوارع
هتفت بتركيز و هي تقترب منه اكثر : لا اطمن سرك في بير
مالك و هو يأخذ نفساً عميقاً ثم اردف قائلاً : ادهم بيحب كارمن من يوم ما اشتغلت في الشركة قبل ماتجوز عمر .. بس انتي عارفه ان عمر اغلي حاجة عنده لما عرف انه بيحبها سكت و كتم في نفسه .. حياته كانت خربانه من جهة جوازته من الحيزبونه نادين و عشان موضوع انه مش بيخلف ..
و الموضوع اتقفل علي كدا و بطل يتكلم فيه معايا لحد ما اتفتحت الوصية و اتفتحت معها كل جروحه من تاني .. تخيلي العذاب اللي هو فيه متجوز ارملة اخوه اللي هو اصلا بيحبها و يمنع نفسه عنها عشان ماتكرهوش و عشان هو فاهم دماغها و انها هتدخل الشركة على أنها أرملة اخوه و بس .. مش بصفتها مرات ادهم و عشان هي رفضت وقت الجواز منه انهم يعملو حفلة لو صغيرة يتعزم فيها معارفنا وأصحاب الشركات اللي ليهم شغل معانا فحطها قدام الامر الواقع.
عندما أنهى حديثه حرك عينيه عليها ، فرأي دموع يسر تنساب بحزن ، فمرر طرف أصابعه على وجنتها يمسح دموعها ، قائلا بصوته الدافئ : الحب مش لينا اختيار فيه يا حبيبتي و الا مكنش حبها هي بالذات
قالت بصوت مبحوح : انا فاهمه كلامك .. بس معني كدا ان كارمن عملت اللي في دماغها .. انا حذرتها بلاش تمنعه عنها و ان دا حرام وأنها تحاول تتقبل انه بقى جوزها .. بس برده انا عذراها صعب عليها و بلاش كلنا نبقي ضدها
مالك بحيرة و حزن : مفيش في ايدنا حاجة نعملها غير اننا ندعيلهم ربنا ييسرلهم الامور و يهديهم لبعض
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
نعود الي قصر البارون
بعد مرور ساعتين
دخل أدهم الجناح ، ليجد كارمن نائمة على الأريكة في وضع غير مريح.
ذهب في اتجاهها لإيقاظها ، لكنه توقف برهة يحدق بها في صمت ، ثم مال إلى الأمام ، ووضع يديه على كتفها و هزها برفق.
تمتمت كارمن بشيء لم يستطيع فهمه ولم تستيقظ ، لذلك انحنى عليها ماسكاً ذراعيها بلطف ، ووضع يده اليسرى خلف ظهرها ويده اليمنى تحت ركبتها وهدوء و خفة حملها بين ذراعيه القويتين ، وسار إلى الغرفة.
انحنى قليلاً ووضعها على السرير بهدوء ، وعندما رجع للخلف ، خبطت يده المنبه الموضوع على المنضدة وسقط على الأرض ، مما أحدث صوتًا مزعجًا.
فتحت عينيها وكانت الرؤية مشوشة قليلاً بسبب الإضاءة الخافتة للغرفة.
جلست علي السرير بفزع ، وهي تفرك عينيها بطفولية : في ايه .. انت بتعمل ايه هنا ؟!!
اعتدل في وقفته بعد أن أعاد المنبه إلى مكانه قائلا بحنان : مفيش جيت من برا لاقيتك نايمة علي الكنبة جبتك تنامي هنا .
تذكرت أنها كانت تنتظره منذ مدة حتى غفت دون أن تدرك.
نهضت من السرير ووقفت أمامه ، وكتفت يداها على صدرها بغضب و قد طار النعاس من عينيها.
حاولت كارمن ان تتحدث بهدوء دون ان تنظر اليه : ممكن اعرف انت ليه عملت كدا ؟
ادهم بعدم فهم : بتكلمي عن ايه ؟
أجابت كارمن بصوت عالٍ تلقائيًا ، رافعة عينيها إليه فقد زاد غضبها بسبب برودة أعصابه : يعني مش عارف !! عن الصور اللي اتنشرت و الخبر اللي بقي في كل المواقع و ماتقوليش معرفش لان دي الصور اللي صورها مالك يوم كتب الكتاب و اكيد مش هيعمل كدا الا لو انت خليته يعمل كدا
تجاهل ادهم صوتها العالي قائلا بصوته الرخيم : و فيها ايه .. الموضوع كان هيتعرف في كل الاحوال ماتنسيش اني شخصية معروفه و الصحافه بتهتم بأي خبر عننا.
كارمن بدهشة : عننا !! بس انا مش مهتمه بنشر اخباري في كل مكان و كان لازم تسألني الاول علي الاقل !!
ادهم بسؤال : و انتي كنتي هتوافقي ؟
كارمن بحدة : لا ماكنتش هوافق
رفع ادهم حاجبيه بإبتسامة جانبية فهو توقع هذه الإجابة منها ليسأل بإستفزاز : ليه !!
صاحت كارمن بتسرع و اندفاع : عشان انا مرات اخوك و اللي بيني و بينك مش زي اللي وصل للناس بالخبر دا
نظر إليها وفي اقل من ثانية هاجت ثورة غضبه ، و اصبحت عينيه لونهما أحمر كالدم من الإنفعال العصبي.
سحبها أدهم من ذراعيها بشدة لدرجة أنها اصطدمت بصدره الصلب ، وأخذ يزمجر عليها بعنف مصححاً جملتها : كنتي مرات اخويا يا كارمن و دلوقتي انتي مراتي انا .. فاهمه
تأوهت كارمن من الألم وهي تحاول التملص من قبضته على ذراعيها : اه .. انت مسكني كدا ليه !! ابعد عني و سيب ايدي
لم يتأثر بمحاولتها الهروب منه ، حيث أمسك بمعصمها ولفه خلف ظهرها ، واسر يدها الأخرى بين صدره وأصابع راحة يده لشل حركتها الهوجاء للهروب من قبضته ، واصبح وجهه أقرب إلى وجهها وأنفاسه الحارة مباشرة على بشرتها الناعمة.
متجاهلاً كلامها وهو يستأنف حديثه بالغضب ، فتلك الحمقاء جعلته يشعر بجمرة تحرق قلبه من الغيرة التي تفاقمت بداخله لأول مرة في حياته بهذه القوة ، و أخرجت غضبه الكامن عليها ، فصك على أسنانه بعنف حتى اصدرت صوتًا مخيفا قائلا بفحيح : مش معني اني سايبك تتأقلمي علي الوضع اللي احنا بقينا فيه و تتقبليه برضاكي و مخليكي قاعدة في الاوضة لوحدك .. اني مش هاجي في يوم و اطالبك بحقوقي فيكي يا مدام
شعرت كارمن بإندفاع الحرارة الي وجنتيها ، واجتاح جسدها قشعريرة لتلامس اجسادهم مسببة دغدغة لذيذة في معدتها ، و بنبض قلبها ارتفع من قربه المهلك منها و تحوله المخيف هذا.
لقد بدأ يخونها قلبها و اصبحت تشعر بإضطرابه الغريب عندما يقترب منها ، لكنها قاومت هذا الشعور الذي يغتال قلبها رغما عنها و تحدثت بصوت متحشرج من توتر وإحراج : بس انت وافقت ان جوازنا يفضل علي الورق و كل حد فينا يكون في حاله
كان يلهث من فرط غضبه و بدأ يهدأ قليلاً ، وحررها من أسر قبضته على معصمعها ، لكنه أبقى يدها الأخرى في يده رفعاً سبابته ، ليحذرها قائلاً بإصرار : و انا لسه عند كلمتي و مقربتش منك .. بس دا مش معناه ان الوضع دا هيستمر كتير و اياكي تنسي انك علي ذمتي انا دلوقتي
ثم اردف بصوت منفعل : و مش هسمحلك تجيبي سيرة راجل تاني علي لسانك حتي لو كان اخويا فهمتي
لم تستطيع اخراج صوتها ، وأعصابها اصبحت مخدرة من قربه منها ، فهزت رأسها بصمت ، ليبتعد عنها و يغادر الغرفة بخطوات سريعة صافعاً الباب خلفه.
جلست على طرف السرير ، تضع يديها على قلبها تحاول تهدئة دقاته ، و صدي كلمات ادهم ترن في اذنيها.
كانت شديدة الخجل من نفسها ، لأنها عاملته هذه الفظاظة ، وهي تعرف السبب جيداً ، فهي كانت تحاول إنكار شعورها هذا الصباح عندما اقترب منها في صالة الألعاب الرياضية.
تريد التحدث إلى شخص ما ، وإخباره بما تشعر به حتى يتمكن من إخبارها بأنها على حق ، لكنها لا تستطيع إخبار والدتها لأنها تعلم أنها ستلومها بأن ما تفعله الآن خطأ فادح.
أدهم زوجها أمام الله وبمشيئة أخيه الذي كان زوجها المشكلة معها هي ، لا يمكنها أن تقبل ذلك بسهولة و ليست مستعده له.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في منزل الحج عبدالرحمن الشناوي
دخل زين الغرفة المظلمة نوعاً ما ، و مرت عينيه حيث تنام روان كعادتها على الكنبة ، فقلب عينيه بالملل من تكرار ذلك المشهد خلال الأسبوع الماضي.
من الواضح أنها عنيدة جدًا لأنها تعلم أنه سيجعلها تنام علي الفراش في النهاية.
Flash Back
منذ اسبوع
لقد انصدم عندما رآها تذهب إلى الأريكة وتتركه وحده في السرير ، فغضب بشدة وكاد أن ينهرها، لكنه تمكن من كبت غضبه ، وهمس بداخله يوبخ نفسه : عاوزها تعمل ايه يا غبي بعد كلامك السم اللي قولته اتخمد بقي و اسكت.
بعد فترة كان لا يزال مستيقظًا ، لم يستطع النوم وهو يفكر بها ، لذلك نهض من السرير و سار نحوها بهدوء ، ولاحظ تنفسها المنتظم ، فعرف أنها قد نامت.
رفعها برفق شديد واتجه إلى السرير ، ووضعها بهدوء عليه ، واستلقى بجوارها متأملاً بإبتسامة صغيرة ملامحها البريئة ، وخدودها الناعمة المحمرة وأنفها الصغير.
حرك عينيه بلهفة على شفتيها التي زمتهم ، بينما كانت نائمة بعفوية جعلته يتوق إلى أن يلمسها بشفتيه ، لكنه لم يرغب في إيقاظها.
بقي على هذا الوضع لبضع دقائق حتى غفى بجانبها.
استيقظ مبكراً مقرراً الذهاب للعمل هرباً من شعوره بالشوق الذي كان يسيطر عليه في قربها منه.
لكن هذا زاد من شغفه بها ، فلم يستطيع التركيز جيدا في عمله، وهي ايضا لم تقصر في تشتيت انتباهه بمن حوله ، حينما تقترب منه أثناء اجتماعهم مع العائلة ، ولا ينكر سعادته بهذه الأفعال منها ،
لكن هذا يجعل السيطرة على نفسه معها أكثر صعوبة.
Back
تنهد بحرارة من كم المشاعر الجياشة التي تفرض سيطرتها عليه رغماً عنه ، و أخذ يحادث نفسه بحيرة : ناوية تعملي فيا ايه تاني يا بنت الشناوي ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نهاية الفصل الثامن عشر
توقعتكم يا حلوين
قراءة ممتعة
رنا محمد